أطقم حوثية صنعاء (رويترز)
السابق
التالى
آلة تضليل حوثية جديدة تفتك بالمدنيين تحت ذريعة "شبكات التجسس"
السياسية
-
منذ 7 دقائق
مشاركة
صنعاء، نيوزيمن، خاص:
في ظل واقع إنساني مأساوي يعيشه اليمنيون في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران، لا تتوقف معاناة المدنيين عند حدود الفقر والقمع، بل تمتد إلى حربٍ نفسية وإعلامية تُمارَس ضدهم بشكلٍ ممنهج. فالمليشيا تسعى، عبر قنواتها وأذرعها الإعلامية، إلى صناعة روايات وهمية، وتلفيق اتهامات كيدية، وتحويل الأبرياء إلى ضحايا في مسرحيات أُعدّت سلفًا لتبرير القمع وكمّ الأفواه.
وفي أحدث هذه الفصول، شنّت الميليشيا حملة تضليل جديدة، زعمت فيها اكتشاف "شبكة تجسس مشتركة" بين أجهزة استخبارات أجنبية، في روايةٍ وُصفت بأنها "مسرحية إعلامية رديئة الإخراج" هدفها صرف الأنظار عن الانهيارات الأمنية والصراعات الداخلية التي تعصف بصفوف الجماعة.
وأكدت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا أن ما نشرته ميليشيا الحوثي حول ما سمّته "إنجازًا أمنيًا" لا يخرج عن نهجها المألوف في صناعة الأكاذيب وتلفيق الاعترافات القسرية لتحقيق أهداف سياسية وأمنية.
وقال وزير الإعلام معمر الإرياني في بيان رسمي، إن هذه المزاعم تُعيد إلى الأذهان ما فعلته الميليشيا في قضية مقتل القيادي الحوثي صالح الصماد، حين اختلقت رواية وهمية انتهت بإعدام عشرة من أبناء تهامة ظلمًا وعدوانًا، في واحدة من أبشع الجرائم التي كشفت زيف شعارات الحوثيين وعدوانهم على الأبرياء.
وأضاف الإرياني أن "المسرحية الجديدة التي يقودها القيادي علي حسين الحوثي، تأتي في سياق صراع الأجنحة داخل المليشيا، ومحاولة لتسويق إنجاز مزعوم وانتزاع الملف الأمني من المدعو عبدالحكيم الخيواني، رئيس ما يسمى بجهاز الأمن والمخابرات"، في ظل تصاعد الاتهامات المتبادلة بين قيادات الجماعة بشأن الاختراقات الواسعة التي ضربت صفوفها.
تحريض ممنهج
وفي سياق متصل، اتهمت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات قناة "المسيرة" الحوثية بشن حملة تضليل وتحريض إعلامي ممنهجة، تستهدف المدنيين والعاملين في المجالين الإنساني والحقوقي، عبر نشر مزاعم كاذبة حول وجود "شبكات تجسس" و"غرف عمليات استخباراتية مشتركة".
وأكدت الشبكة أن تلك الادعاءات لا تستند إلى أي دليل موثوق، وأن الغرض منها هو تبرير الاعتقالات والملاحقات التي تنفذها الميليشيا بحق النشطاء والصحفيين، وتشويه سمعة المنظمات المدنية والدولية.
وأضافت في بيانها أن ما تبثه قناة "المسيرة" يمثل جريمة إعلامية مكتملة الأركان، تُمارس التضليل والتحريض وتُعرّض حياة المدنيين للخطر، مطالبةً الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بإدانة هذه الممارسات ووقف الحملات الإعلامية التي تُستخدم لتغطية الانتهاكات.
من جانبه، قال الناشط الحقوقي عبدالقادر الخراز إن الضجيج الإعلامي الذي أثارته الميليشيا حول "شبكات تجسس إسرائيلية" ما هو إلا محاولة فاشلة لصرف الأنظار عن ملفات فساد وتواطؤ داخلية، مؤكدًا أن الوثائق التي كُشفت في عام 2024 أثبتت وجود شركات إسرائيلية وأمريكية وبريطانية تعمل في صنعاء بتصاريح رسمية من سلطات الحوثيين أنفسهم.
وأضاف الخراز أن "القضية الحقيقية ليست في شبكة خارجية، بل في شبكة التواطؤ التي نشأت داخل الجماعة وبمباركة قياداتها الأمنية"، معتبرًا أن الميليشيا هي الطرف المتورط فعليًا في تسهيل الأنشطة المشبوهة وتلقي التمويلات الأجنبية تحت غطاء مشاريع تجارية.
أما الصحفي فارس الحميري، فانتقد البيان الحوثي بشأن "الشبكة التجسسية"، مشيرًا إلى أن الأسماء المذكورة في التسجيلات المصوّرة وهمية ومكررة، وأن مضمون الاعترافات "سطحي وساخر"، حيث وردت عبارات مثل "الريموت" و"الخلاط" في سياق اتهامات أمنية، في مشهد يعكس العبث الإعلامي والانحدار المهني الذي تمارسه جماعة الحوثي.
قمع وتضليل
حذّرت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات من أن استمرار الميليشيا في بث الأكاذيب وخطابات الكراهية سيؤدي إلى تصاعد الانتهاكات، داعيةً إلى تجميد المنصات التي تُستخدم للتحريض، وتوثيق المواد الإعلامية المضللة تمهيدًا لاستخدامها في ملاحقات قضائية دولية مستقبلية.
كما وجّهت الشبكة نداءً عاجلًا إلى القوى الوطنية والمنظمات الحقوقية والإعلامية للتكاتف من أجل حماية المدنيين وضمان حرية العمل الإنساني بعيدًا عن الدعاية السياسية، مؤكدة أن الإعلام الحر يجب أن يكون أداةً للدفاع عن الحقيقة لا لتزييفها، وأن التحريض الإعلامي جريمة أخلاقية تهدد السلم الاجتماعي وتعمّق دائرة الخوف والعنف في المجتمع اليمني.
في ظل تصاعد القمع وانهيار الأوضاع المعيشية، تحوّل الإعلام الحوثي إلى سلاح حرب ناعم يستخدم لتكميم الأفواه وترويع المجتمع وتلميع صورة سلطة فقدت شرعيتها وأخلاقها. وبينما تواصل الجماعة اختلاق "أعداء وهميين"، يدفع المدنيون الثمن الأكبر من حياتهم وكرامتهم، في بلدٍ أصبح فيه الكذب الرسمي سياسة ممنهجة، والتضليل الإعلامي عقيدة قائمة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news