يمن إيكو|تقرير:
واصل الدين العام العالمي ارتفاعه ليصل إلى 251 تريليون دولار، بما يعادل 235% من الناتج الإجمالي العالمي، في وقت يُعد فيه الدين السيادي أداة رئيسية للحكومات لتمويل النفقات عند عجز الإيرادات العامة، مع تأثير مباشر على التصنيف الائتماني للدولة وسيادتها الاقتصادية، وفقاً لما نشرته منصة “عربي21” ورصده موقع “يمن إيكو”.
لكن هناك أسئلة محورية حيال تداخل مسميات الديون، والفرق بين الدين الداخلي والخارجي، والسيادي وغيره، أو ما الأدوات التي تستخدمها الحكومات لتمويل العجز؟، لذلك حاول موقع “يمن إيكو” في سياق هذا التقرير، تقديم تعريفات إجرائية مختصرة وواضحة لأهم المصطلحات الموصولة بالدين، مع أمثلة عملية من حالة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً.
الدين السيادي
هو الأموال التي تقترضها الحكومة من الأفراد والمؤسسات، داخلياً أو خارجياً، لتمويل نفقاتها عند نقص الإيرادات، وغالباً ما يسدد هذا الدين بالعملة الصعبة.
مثال: الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، عندما تصدر سندات حكومية وشهادات إيداع لأفراد وشركات ومؤسسات لتمويل عجز الموازنة، وتغطية نفقاتها التشغيلية، بما يشمل رواتب موظفيها في الخارج بالعملة الصعبة، خصوصاً مع استمرار عجزها الإداري في توحيد الموارد وغياب سيطرة بنكها المركزي بعدن على عائدات المحافظات الواقع في نطاق سلطات الحكومة.
الدين العام
هو جميع الالتزامات المالية التي تتحملها الدولة، وتشمل الدين الداخلي والخارجي.
مثال: القروض المحلية من البنوك للموازنة الحكومية، والقروض الخارجية من مجموعة الإقراض الدولية (البنك الدولي، صندوق النقد الدولي، مؤسسة التمويل الدولية).
الدين الداخلي
هو جزء من الدين العام، ويُقترض من المواطنين أو المؤسسات المحلية، ويسدد بالعملة الوطنية، تأثيره محدود على ميزان المدفوعات.
مثال: أذونات خزانة حكومية تصدرها الدولة وتباع للمستثمرين المحليين.
الدين الخارجي
هو جزء من الدين العام، وتقترضه الحكومة من الخارج من الأشقاء والأصدقاء، من الحكومات أو الصناديق والمؤسسات المالية الدولية أو الأسواق العالمية.
مثال: اقتراض الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً من دول الخليج وصناديقها ومؤسساتها وهيئاتها، كصندوق النقد العربي غيرها، من مجموعة الإقراض الدولية كـ “صندوق النقد والبنك الدوليين ومؤسسة التمويل الدولية”، لدعم الميزانية وتمويل عجزها المالي.
أدوات الدين العام
هي الوسائل المالية التي تستخدمها الدولة للاقتراض، مثل:
– السندات الحكومية: أوراق مالية تُسدد مع فوائد.
– أذونات الخزانة: قصيرة الأجل لتمويل العجز المؤقت.
– شهادات الاستثمار الحكومية: أوراق استثمارية طويلة أو متوسطة الأجل.
– القروض المباشرة: من البنوك أو المؤسسات الدولية.
العجز في الموازنة العامة
التعريف: الفرق السلبي بين الإيرادات العامة والنفقات الحكومية، غالباً يُموّل بالاقتراض، ما يزيد حجم الدين العام.
مثال: إنفاق الدولة 10 مليارات دولار بينما الإيرادات 7 مليارات، العجز 3 مليارات يُغطى بالدين.
المخاطر الاقتصادية للاعتماد على الدين
زيادة تكلفة خدمة الدين، تقييد الإنفاق الاجتماعي، تراجع التصنيف الائتماني، احتمال التخلف عن السداد.
مثال: دولة تتوقف عن دفع فوائد سنداتها تواجه ارتفاع عوائد جديدة لجذب المستثمرين، ويصبح الدين أزمة للدولة عندما تفشل الحكومة في سداد ديونها بالعملات الأجنبية أو المحلية بسبب نقص الموارد أو عدم القدرة على تدبير العملات اللازمة.
أسباب نشوء الدين العام
تتعدد أسباب نشوء الدين العام، من أبرزها: “عجز الموازنة المزمن، زيادة الإنفاق الحكومي على البنية التحتية أو الدفاع أو الخدمات، الأزمات الاقتصادية أو الكوارث الطبيعية، انخفاض الإيرادات العامة بسبب الركود أو سوء إدارة الموارد، رغبة الحكومة في تمويل مشاريع استثمارية طويلة الأمد.
مثال توضيحي: تلك الأسباب في حالة الحكومات المستقرة، لكن هناك أسباباً تتصل بالحروب والصراعات والفساد والفشل الإداري وفرض السلطة المالية والنقدية على موارد البلاد، كما هو حاصل في حالة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، إذ تتمثل أسباب الدين بوضوح فيما كشفه تقرير التطورات المالية والنقدية لشهر يوليو 2025م الصادر عن البنك المركزي في عدن، والتي من أبرزها:
1. العجز النقدي المتكرر للموازنة وعجز الإيرادات مقابل النفقات: أشار التقرير إلى أن الحكومة تعاني من فجوة كبيرة بين الإيرادات والنفقات، فقد بلغت النفقات العامة مستوى يفوق الموارد المتاحة، مما أجبر الحكومة على اللجوء للتمويل عن طريق الاقتراض، سواء داخلياً أو من البنك المركزي.
2. الاقتراض المباشر من البنك المركزي لتمويل العجز الداخلي: الجزء الأكبر من الدين الداخلي يتراكم عبر القروض المباشرة من البنك المركزي، حيث تم استخدامه لتغطية العجز، مما زاد عبء الدين على الخزانة الحكومية.
3. استخدام أدوات الدين مثل السندات وأذونات الخزانة: لجأت الحكومة إلى إصدار أدوات دين- مثل أذونات الخزانة والسندات- لجذب موارد من السوق لتغطية الاحتياجات النقدية، وتمويل النقص.
4. تدهور العملة الوطنية وارتفاع تكلفة الاقتراض: حيث انخفاض قيمة الريال أمام الدولار زاد من الكلفة الحقيقية للديون المقومة بالدولار، كما ضاعف الضغوط على الحكومة للاقتراض لتعويض فقدان القوة الشرائية والطلب على النقد الأجنبي.
5. استمرار فقدان السيطرة المالية النقدية: في بعض محافظات الحكومة اليمنية لا تخضع فروع البنوك لسلطة البنك المركزي في عدن، مما يعيق قدرة الحكومة على جمع الإيرادات وضغطها المالي المركزي، ويجعل الحكومة تلجأ إلى الاقتراض لتعويض هذا الفراغ.
6. الاعتماد على الاقتراض بدلاً من إصلاحات هيكلية عاجلة: بدلاً من تحصيل إضافي للإيرادات أو خفض النفقات غير الضرورية، لجأت الحكومة إلى الاقتراض كحل سريع، مما عمّق تراكم الدين بمرور الوقت.
يذكر أن الدين الخارجي لليمن يُقدَّر بنحو 7 مليارات دولار، فيما بلغ الدين الداخلي قرابة 11 تريليون ريال، وسط غياب قاعدة بيانات مالية دقيقة لدى الحكومة اليمنية والبنك المركزي في عدن، وتراكم مستحقات الدائنين، ما يجعل إدارة الدين العام أحد أبرز التحديات أمام السلطات النقدية في عدن، وفقاً لما نقلته جريدة “القدس العربي” عن رئيس منتدى الإعلام والبحوث الاقتصادية في عدن، عبد الحميد المساجدي.
تأثير الدين العام على الاقتصاد
يمكن أن يكون إيجابياً عبر تمويل مشاريع إنتاجية، في حالة الحكومات المستقرة شريطة توجيه القروض إلى تحريك دوائر الإنتاج، وسلبياً إذا أدى لارتفاع أسعار الفائدة، التضخم أو إزاحة الاستثمار الخاص، وغياب المشاريع المستدامة.
مثال: استخدام الدين لتمويل عجز الموازنة العامة للدولة بغرض تغطية النفقات التشغيلية للحكومة وأجهزتها، بدون رؤية لإصلاحات هيكلية تعود على التنمية بروافد النماء، كما هو في حالة الحكومة اليمنية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news