حذّر تقرير لفريق الخبراء التابع للأمم المتحدة من تفاقم الأزمة الإنسانية في محافظة تعز، نتيجة مزيج من الضغوط العسكرية والنفسية والاقتصادية والاجتماعية، مشيراً إلى أن تدهور البنية التحتية والخدمات الأساسية يهيئ الظروف التي تهدد بشكل خطير الاستقرار الداخلي في المحافظة.
وقال التقرير الذي صدر مؤخرا واطلعت علبه المهرية نت، إن البنية التحتية للمياه تقع بمعظمها في مناطق خاضعة لسيطرة جماعة الحوثي، حيث تم تعطيل نظام الضخ الرئيسي منذ عام 2015، ولم يتبق سوى 21 بئراً تعمل في المناطق الخاضعة للحكومة، وهي لا تغطي سوى جزء يسير من الاحتياجات اليومية للسكان.
وأوضح أن نقل المياه عبر الصهاريج، رغم تكلفته الباهظة، يغطي ما لا يزيد عن 15 بالمائة من الطلب، ما أدى إلى عودة انتشار أمراض مثل الكوليرا وحمى الضنك، وسط ضعف شديد في نظام الرعاية الصحية.
وأضاف التقرير أن مرافق معالجة الصرف الصحي تقع أيضاً داخل مناطق الحوثيين، ما اضطر السلطات المحلية إلى اعتماد حلول مؤقتة للتخلص من النفايات قرب المناطق الزراعية، وهو ما تسبب في انبعاث غازات سامة وتلوث بيئي ارتبط بزيادة حالات السرطان وتفاقم أزمة الصحة العامة.
وأشار التقرير إلى أن محطة الكهرباء الرئيسية تقع ضمن نطاق سيطرة الحوثيين، ما يجعل إمدادات الكهرباء في مدينة تعز غير مستقرة، في حين تستمر الألغام الأرضية في حصد أرواح المدنيين. وذكر أن مديرية مقبنة من أكثر المديريات تضرراً بالألغام، حيث زرعت جماعة الحوثي ألغاماً مقنعة داخل مناطق يرتادها المدنيون، بينهم أطفال، ولا تزال منتشرة رغم جهود الإزالة المستمرة، خصوصاً في المناطق الحدودية النائية مثل مديرية موزع.
وفي الجانب الصحي، أكد التقرير أن نظام الرعاية الصحية في تعز يعاني من ضغوط متزايدة بسبب تزايد حركة التنقل من مناطق الحوثيين، حيث معدلات التطعيم محدودة، ما أدى إلى تفشي أمراض مثل شلل الأطفال والدفتيريا والحصبة. كما أشار إلى أن مصادرة الحوثيين لشركات الأدوية أتاحت استمرار تهريب مواد طبية خطيرة مثل المورفين والفنتانيل إلى داخل المحافظة، في وقت أدى نزوح الكوادر الطبية وتدمير المرافق الصحية إلى مزيد من الانهيار في الخدمات.
وأوضح التقرير أن معدلات الصدمات النفسية ارتفعت بشكل حاد جراء العنف والنزوح المستمر، وسط ندرة الخدمات المتخصصة بالتشخيص والعلاج، لافتاً إلى أن الضغوط النفسية أصبحت من أبرز ملامح الأزمة الإنسانية في المحافظة.
أما على الصعيد الاقتصادي، فقد أشار التقرير إلى أن تعز تشهد تراجعاً حاداً في النشاط التجاري والصناعي والزراعي بسبب الحرب، ما أدى إلى انتشار البطالة وتعمق الفقر، ودفع العديد من الأسر إلى الاعتماد على عمالة الأطفال. كما سجلت المحافظة ارتفاعاً في معدلات التسرب المدرسي، فيما تواجه الحكومة المحلية تحديات كبيرة في إعادة الخدمات والبنية التحتية الحيوية نتيجة سيطرة الحوثيين على الموارد الاقتصادية الرئيسية، بما في ذلك النفط.
وختم التقرير بالتأكيد على أن استمرار هذا الوضع دون تدخل إنساني فعّال ودعم عاجل من المجتمع الدولي سيؤدي إلى مزيد من التدهور في مؤشرات الأمن الغذائي والصحي والنفسي والاقتصادي لسكان المحافظة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news