بشرى العامري:
يبدو أن أكثر ما يوجع في هذا الزمن، ليس فقط فظاعة الانتهاكات التي تتعرض لها النساء اليمنيات في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي، بل ذلك الصمت المخزي والتخاذل المريب من أولئك اللواتي يرفعن شعارات الدفاع عن المرأة، ويتحدثن باسمها في المؤتمرات والفنادق المكيفة، بينما تُنتهك أجساد النساء وكرامتهن في واقعٍ يقطر ألماً ودموعاً.
تقرير مجلس الأمن الأخير لم يكشف جديداً، بل أزاح الغطاء عن جزءٍ بسيط من الجرائم المروعة التي تتعرض لها النساء: من الاعتقال والتعذيب إلى العنف الجنسي والتجنيد القسري وحتى دفعهن لأعمال الدعارة تحت تهديد السلاح أو الحاجة. ورغم أن ما ورد في التقرير كان كفيلاً بأن يثير ضمائر العالم، إلا أن صمت المنظمات النسوية اليمنية كان هو الفضيحة الأكبر.
أين أصوات الناشطات والقياديات اللواتي لم يتركن منبراً إلا واعتلينه للحديث عن الكوتا والتمكين والمناصفة؟ أين تلك الشبكات والمبادرات التي لا تهدأ في الحديث عن “السلام” و”الشراكة” بينما تُغتصب النساء وتُهان كرامتهن في السجون والمنازل وأقبية المليشيا؟
هل كنا بحاجة لتقرير مجلس الأمن الصادم ليخبرنا بما نراه كل يوم في وجوه الضحايا وصمتهم؟
المأساة لا تكمن فقط في جرائم المليشيا، بل في نفاق بعض القيادات النسوية اللواتي استبدلن النضال الحقيقي بالتصوير والابتسامات الرسمية، يتلقين الدعم الدولي تحت عناوين براقة بينما يعجزن عن إصدار بيان حقيقي أو تنظيم وقفة تضامن واحدة مع الضحايا.
هل سنشهد تحركاً جاداً، ولو لمرة واحدة، يعيد للنساء مكانتهن وصوتهن؟
أم سيكتفين كالعادة ببيانات خجولة وتصريحات باردة، قبل أن يعدن إلى سباق المؤتمرات وورش “السلام المزعوم” التي تُقام بعيداً عن أرض الواقع؟
لقد آن الأوان لأن نقولها بصراحة، من تتحدث باسم النساء ولا تنصر الضحايا، لا تمثل إلا نفسها، ومن تصمت أمام الاغتصاب والقهر والعبودية الجديدة، فهي شريكة في الجريمة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news