مركز “حماية الأسرة”.. سجنٌ حوثي جديد تحت لافتة الرحمة
قبل 1 دقيقة
في بلدٍ أنهكته الحرب والجوع، وأُطفئت فيه أنوار العدالة، تتفنن جماعة الحوثي في صناعة عناوينٍ براقة تُخفي وراءها جدرانًا موحشة من القهر والعذاب.
اليوم، تخرج الجماعة بواجهة جديدة تُدعى "مركز حماية الأسرة"، اسمٌ يقطر رحمةً في ظاهره، لكنه يخفي في باطنه سجنًا مظلمًا للنساء، يُمارس فيه التعنيف النفسي والجسدي تحت ذريعة “الإصلاح والتهذيب”.
وبعد أن فاحت رائحة السجون السرّية الحوثية وافتُضحت ممارساتها بحق النساء، لم يجدوا مهربًا سوى تبديل الاسم.
فبدلًا من إغلاق السجون، غيّروا اللافتات فقط.
تحوّل “السجن المركزي” إلى “مركز حماية”، وتحولت القضبان إلى “أبواب تهذيب”، بينما بقيت القيود كما هي، بل ازدادت إحكامًا.
تُؤخذ الفتيات والنساء إلى هذا المكان رغماً عن إرادتهن، من بيوتهن أو من الشوارع، بحجة وجود “مشاكل” بينهن وبين أسرهن. ويتم اقتيادهن مُغطّيات العيون وتحت حراسة مشددة، دون إذنٍ قضائي أو بلاغٍ رسمي.
وهناك، يبدأ ما يسمونه “التأهيل” — لكنه في الحقيقة غسلٌ للعقول، وإهانةٌ للكرامة، وضغطٌ نفسي وجسدي لإجبارهن على الاعتراف أو الخضوع.
السؤال الذي يصرخ في وجه الجميع:
من يحمي الفتيات من “مراكز الحماية”؟
الاسم يوحي بالعطف والرحمة، لكن الواقع صادم.
كل فتاة تدخل هذا المركز لا تخرج كما كانت؛ بعضهن يخرجن محطمات النفس والجسد، وبعضهن لا يخرجن أبدًا.
تُدار هذه المراكز من قبل نساءٍ تابعـاتٍ للجماعة، في مقدمتهن ابتسام المتوكل، التي تظهر في الإعلام بوجهٍ “رحيم” يتحدث عن حماية المرأة، بينما تتداول المصادر أنها تُشرف على عمليات احتجازٍ وتعذيبٍ فكري، وتجنيدٍ نسائيٍ قسريٍ تحت غطاء الحماية.
في مناطق سيطرة الحوثيين، يكفي أن تكوني امرأةً مستقلة، أو رافضةً لسلطة الجماعة، لتُتَّهَمي بـ“الفساد الأخلاقي” أو “الانحراف” أو “العمالة”.
أما القضاء، فهو الغائب الأكبر، فتتحول هذه المراكز إلى مشانق اجتماعية مغلقة تُنفّذ فيها أحكامٌ غير مكتوبة على نساءٍ ذنبُهن الوحيد أنهن أردن أن يعشن بحرية.
وفي كل مرة تتحدث فيها ابتسام المتوكل عن “رعاية المعنَّفات”، تتضاعف مأساة النساء داخل ما تُديره.
شهاداتٌ من داخل صنعاء تصف المركز بأنه سجنٌ فكريٌّ مغلق تُمارَس فيه أساليبُ ضغطٍ نفسي وتلقينٍ أيديولوجي، بإشرافٍ مباشر من “الزينبيات” — الجهاز النسائي الأمني الحوثي الذي حوّل أجساد النساء إلى ساحات تحقيقٍ وإهانة.
لم يعد المشروع الحوثي خافيًا إنه مشروع سجونٍ ومقابر. من لم يُزجّ به في المعتقل، يُدفن في “مقابر الشهداء”. ولأن رائحة الانتهاكات طغت، لجأوا لتجميلها بأسماء “إنسانية”.
لكن مهما تلونت اللغة، فلن تُخفي السياط والقيود وصراخ الفتيات خلف الأبواب المغلقة.
ما يجري في “مراكز حماية الأسرة” جريمةٌ ضد الإنسانية مكتملة الأركان.
النساءُ اليمنيات لا يحتجن إلى “مراكز تهذيب”، بل إلى مؤسسات عدلٍ تحفظ كرامتهن، وملاجئ حقيقية تحميهن من التعنيف لا تُعيد إنتاجه.
وعلى المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية أن تفتح هذه المراكز أمام لجان تفتيشٍ مستقلة لكشف ما يجري خلف جدرانها، وأن تضع حدًّا لاستخدام العناوين الإنسانية لتبرير القهر.
اليمن لا يحتاج إلى مزيدٍ من السجون، بل إلى سلامٍ يعيد للمرأة صوتها وكرامتها.
ومَن يبني سجونه باسم الرحمة، لا يبني وطنًا، بل يزرع الخوف في قلوب أبنائه.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news