اليمن الاتحادي / تقرير خاص:
كشف التقرير الأخير لفريق خبراء مجلس الأمن بشأن اليمن عن تصاعد مروع لجرائم العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي في المناطق الخاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثي، مؤكداً أن هذه الجرائم تُمارس بشكل ممنهج وتحت غطاء ديني وأمني لإخضاع الخصوم وإرهاب المجتمع.
وأكد التقرير أن العنف الجنسي لا يزال منتشراً على نطاق واسع في اليمن، لكن الإبلاغ عنه يظل محدوداً بسبب الوصمة الاجتماعية والخوف من الانتقام، مشيراً إلى أن زيجات الأطفال والزواج القسري والمبكر تتزايد في ظل الفقر واستغلال الحوثيين للأوضاع الاقتصادية.
وأوضح الفريق أن المشرفين الحوثيين يشجعون النساء والفتيات على الزواج القسري، ويستخدمون العنف الجنسي أحياناً كأداة استراتيجية لكسر معنويات المعارضين، من خلال تجريد قريبات المحتجزين من ملابسهن أمام أعينهم بهدف إذلالهم وتحطيمهم نفسياً.
الزينبيات.. أداة القمع النسائي في يد الحوثيين
في واحدة من أكثر النقاط صدمة في التقرير، أكد الخبراء أن وحدة الزينبيات وهي تشكيل نسائي تابع مباشرة لقيادة الميليشيا، تقوم بدور محوري في ارتكاب العنف الجنسي المرتبط بالنزاع.
ووفقاً لشهادات موثقة، تقوم الزينبيات بتحميم النساء والفتيات المحتجزات ثم تسليمهن لعناصر حوثية لاغتصابهن، وغالباً ما يُقال للضحايا إن ذلك “سيطهر أرواحهن” أو أن “الزواج من أحد أبناء آل البيت سيعيد إليهن شرفهن”.
وأشار شاهد عيان إلى أنه عاين نحو 25 حالة اغتصاب من خلال ثقب في جدار زنزانة داخل أحد مراكز الاحتجاز، مؤكداً أن الزينبيات يقمن بضرب وتعذيب الفتيات اللواتي لا يُرضين مغتصبيهن.
وتتعرض الضحايا بعد الإفراج عنهن إلى رفض من أسرهن ومجتمعهن، ما يجعل بعضهن فريسة سهلة للتجنيد القسري كعميلات أو مخبرات لصالح الميليشيا. وأكدت مصادر ميدانية أن بعض الزينبيات تورطن في عمليات نصب فخاخ واستدراج تستهدف معارضين ونشطاء.
كما وثّق الفريق حالة استرقاق جنسي لامرأة في صنعاء عام 2025، وتعرض طبيبة عام 2022 لاغتصاب متكرر من قبل مقاتلين حوثيين بعد إجبارها على معالجة جرحى في الجبهة.
وذكر محتجزون سابقون أن أطفالاً وُلدوا نتيجة عمليات اغتصاب داخل مراكز الاحتجاز، وأن بعضهم فُصلوا عن أمهاتهم بعد عام واحد ليُربّوا تحت وصاية الحوثيين.
العنف السيبراني والتشهير كسلاح لإسكات النساء
لم تقتصر الانتهاكات على الاغتصاب والاستغلال الجنسي، إذ أكد التقرير أن الحوثيين يفبركون اتهامات أخلاقية بحق المعارضين لتسهيل تجنيد النساء لصالحهم.
ويستخدمون الجرائم الإلكترونية مثل اختراق الهواتف وسرقة الصور والتلاعب بها باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لابتزاز النساء وإجبارهن على التعاون، كما يتم تلفيق أحكام قضائية تتضمن تفاصيل فاضحة لتدمير السمعة الاجتماعية للضحايا في مجتمع محافظ كاليمـن.
وأشار التقرير إلى أن الناشطات اليمنيات يتعرضن لحملة استهداف ممنهج تشمل التهديد بالقتل والتشهير ونشر صور ملفقة واتهامهن بالعمالة لإسرائيل والموساد، وهو اتهام بالغ الخطورة في ظل الحرب الدائرة في غزة، لخلق بيئة ترهيب مستمرة ضد الأصوات النسائية المعارضة.
ضحايا من الأطفال وصمت دولي مقلق
لم يسلم الأطفال الذكور من العنف أيضاً، إذ أبلغ أحد الشهود الفريق عن تعرض أطفال محتجزين للاغتصاب من قبل جنود حوثيين من ذوي الرتب الدنيا داخل السجون، في ممارسات مروعة اعتبرها الخبراء انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني وجرائم حرب موثقة.
من هن الزينبيات؟
الزينبيات هن جهاز أمني نسائي أنشأته ميليشيا الحوثي عام 2017 بتوجيه من القيادات العليا، ويتبع مباشرة ما يسمى بـ”جهاز الأمن الوقائي”.
يتكون هذا الجهاز من نساء تم تدريبهن على مهام استخباراتية وأمنية تشمل مداهمة المنازل النسائية وتفتيشها، ومراقبة النساء والناشطات، وإدارة عمليات التعذيب داخل السجون، وتنفيذ حملات اعتقال وقمع في المدارس والجامعات، بالاضافة إلى المشاركة في عمليات التجنيد القسري والاستغلال الجنسي للنساء.
وذكر تقرير الخبراء أسماء 23 امرأة تابعة للميليشيا الحوثية منتميات لأسر قيادية، يعملن تحت مسمى “الزينبيات”، منهن 8 نساء في العاصمة صنعاء و6 في المحافظات الأخرى، إضافة إلى 9 قياديات بارزات في مجال التعبئة والتحشيد النسوي، يقمن بالإشراف على تدريب وتجنيد النساء والفتيات.
انتهاكات بلا حساب
وأثار التقرير الأممي موجة غضب في الأوساط الحقوقية، التي طالبت بفتح تحقيق دولي مستقل ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم التي ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية.
وأكد التقرير أن استمرار هذه الانتهاكات وسط صمت المجتمع الدولي يشكل وصمة عار على جبين الإنسانية، في بلد أنهكته الحرب وتضاعفت مآسي نسائه بين القهر والخوف والعار.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news