«الحرب إذا باتت ليلة اضحت حباله تراخي»
من أبرز الأمثال التي تختزل فلسفة اليمنيين العميقة تجاه الحروب، وتجسّد خبرتهم الطويلة في دهاليزها وتقلباتها. فهو ليس دعوة لإطالة أمد الصراع، بل حكمة نابعة من ميادين القتال، تلخّص رؤية واقعية لطبيعة الحروب ونفسيات المقاتلين.
يُنسب أصل هذا المثل إلى الشاعر والحكيم اليمني الشهير علي ولد زايد، الذي قال: «الحرب لا باتت ليلة أمست حباله تناوي، إن حمي بعدها يوم، أمست حباله تقاوي».
وفي جوهره، يحثّ المثل على ضرورة حسم الحرب سريعا في بدايتها، وإخماد نارها قبل أن تمتد، إذ أن التراخي وإطالة أمدها يمنحان العدو وقتا لإعادة تنظيم صفوفه واستدعاء العون، فتتحول الحرب إلى مستنقع يستنزف الجميع، وقد تنقلب نتائجها رأسا على عقب.
وإذا أُسقط هذا المثل على واقع اليمن اليوم، فإنه يبدو كأنه نبوءة تحققت، فالحرب التي اندلعت بشعار الحسم السريع، باتت سنواتها الطويلة حبلاً متراخيا التفّ حول رقبة الوطن. غابت فيها فرص الإنهاء المبكر، وتبددت فيها آمال السلام وسط تراكم الخيانات والمصالح والتدخلات الخارجية.
إن هذا المثل، في سياق الحاضر، ليس مجرد قول شعبي من تراث الأجداد، بل تحذيرٌ متجدد من مغبة التهاون في إيقاف الحروب، ورسالة بأن التأخير والمماطلة في الحسم أو في صناعة السلام يُطيل المأساة، ويحوّل كل الأطراف إلى خاسرين.
فهو مرآة لحكمة اليمنيين التي أدركت باكرا أن الحرب، إن باتت ليلة، تُصبح صعبة الانطفاء، وأن أوّل النار شرارة، وآخرها رماد وطن.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news