أقرّ البرلمان الإسرائيلي (الكنيست)، الأربعاء 22 أكتوبر/ تشرين الأول، مبدئياً، مشروع قانون يهدف إلى تطبيق القوانين الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة، في خطوة تُعدّ بمثابة ضم فعلي لأراضٍ يسعى الفلسطينيون لإقامة دولتهم عليها.
وطبقاً لوكالة الأنباء "رويترز"، جاء التصويت بأغلبية 25 صوتاً مقابل 24 صوتاً معارضاً، من أصل 120 عضواً، في أولى مراحل إقرار المشروع الذي يحتاج إلى أربع قراءات قبل أن يصبح قانوناً نافذاً.
وفي حين لم يدعم حزب "الليكود"، بزعامة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، مشروع القانون الذي طرحه نواب من خارج ائتلافه الحاكم، نال مشروع قانون آخر، قدّمه حزب معارض، يقترح ضم مستوطنة "معاليه أدوميم"، موافقة بأغلبية 31 صوتاً مقابل 9 أصوات معارضة.
وصوّت بعض الأعضاء في ائتلاف نتنياهو، من حزب "القوة اليهودية" بزعامة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، وكتلة "الصهيونية الدينية" بزعامة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، لصالح مشروع القانون، الذي يتطلب عملية تشريعية طويلة لإقراره في نهاية الأمر.
وجاء التصويت بالتزامن مع زيارة نائب الرئيس الأمريكي جيه. دي. فانس إلى إسرائيل، وبعد شهر من تصريح الرئيس دونالد ترامب بأنه لن يسمح لإسرائيل بضم الضفة الغربية.
وكانت حكومة نتنياهو تدرس إجراء الضم رداً على اعتراف عدد من حلفائها الغربيين بدولة فلسطينية في سبتمبر/ أيلول، لكنها تراجعت عن الخطوة على ما يبدو بعد اعتراض ترامب.
وتبرر إسرائيل هذه التحركات باعتبار أن أراضي الضفة الغربية، التي احتلتها في حرب 1967، ليست محتلة بالمعايير القانونية، وأنها "مناطق متنازع عليها" وليست محتلة بالمعنى القانوني، بينما تؤكد الأمم المتحدة ومعظم دول العالم أن هذه الأراضي محتلة منذ عام 1967.
وقالت محكمة العدل الدولية، أعلى هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة، في عام 2024، إن احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية، بما فيها الضفة الغربية، ومستوطناتها هناك، غير قانوني، ويجب الانسحاب منها في أسرع وقت ممكن.
لا سيادة للإحتلال على الأرض
ورداً على ذلك، أكدت حركة المقاومة الفلسطينية "حماس"، أن تصويت كنيست الاحتلال على مشروعي قانوني ضم الضفة الغربية وفرض السيادة على ما يُسمّى مستوطنة "معاليه أدوميم" بالقراءة التمهيدية، يعبّر عن وجه الاحتلال الاستعماري القبيح.
وأضافت حركة "حماس" في بيان لها: "نؤكد أن محاولات الاحتلال المحمومة لضم أراضي الضفة الغربية باطلة وغير شرعية".
إلى ذلك، قالت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، في بيان لها: إن "محاولات الكنيست الإسرائيلي فرض السيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة مرفوضة جملة وتفصيلاً، وإن السيادة خالصة للشعب الفلسطيني وقيادته الشرعية المتمثلة في منظمة التحرير الفلسطينية".
وأضافت الوزارة أن "الأرض الفلسطينية، بما فيها القدس والضفة الغربية وقطاع غزة، وحدة جغرافية واحدة لا تقبل التجزئة، ولا تمتلك إسرائيل أي سيادة عليها، وأن السيادة خالصة للشعب الفلسطيني، استناداً إلى الحق الطبيعي والتاريخي والقانوني".
وشددت على أن "كل هذه الوقائع لاغية وباطلة وغير معترف بها ومرفوضة، ولا تشكّل واقعاً، وستواجه بكل السبل القانونية والسياسية والدبلوماسية، وأنها لن تغيّر الواقع والمكانة القانونية للأرض الفلسطينية باعتبارها أرضاً محتلة".
ودعت الخارجية الفلسطينية المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى تشكيل جبهة دولية رافضة لهذه القوانين العنصرية، واتخاذ إجراءات رادعة لمنع إسرائيل من تنفيذ مخططاتها الاستيطانية.
تنديد عربي واسع
وفي موقف عربي لافت، توالت الإدانات العربية لقرار الكنيست الإسرائيلي، حيث حذّرت الإمارات، وهي أهم دولة عربية أقامت علاقات مع إسرائيل بموجب ما يسمى "اتفاقيات إبراهيم"، التي توسط فيها ترامب في ولايته الأولى، الشهر الماضي، من أن ضم الضفة الغربية يعد خطاً أحمر بالنسبة لها.
وأدانت وزارة الخارجية السعودية ما وصفته بـ"الخطوة الإسرائيلية التصعيدية"، مشددة على رفض المملكة التام لكل الممارسات الاستيطانية والتوسعية التي تنتهجها سلطات الاحتلال.
وأكد البيان دعم الرياض "للحق الأصيل والتاريخي للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وفقاً للقرارات الدولية ذات الصلة".
كما أعربت وزارة الخارجية الأردنية عن إدانتها للخطوة الإسرائيلية، التي وصفتها بأنها "خرق فاضح للقانون الدولي وتصعيد خطير يقوّض حل الدولتين"، مؤكدة أن "لا سيادة لإسرائيل على الأرض الفلسطينية المحتلة".
وقال المتحدث باسم الخارجية، فؤاد المجالي، في بيان، إن أحد مشروعي القانونين يستهدف فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، فيما يهدف الآخر إلى شرعنة السيادة على إحدى المستوطنات الاستعمارية.
قرار مستفز
من جانبها، وصفت وزارة الخارجية التركية القرار الإسرائيلي بأنه "مثير للاستفزاز ويهدد الأمن والاستقرار في المنطقة"، ويتعارض مع القانون الدولي، وهو باطل ولاغٍ.
وأضافت في بيانها أن الخطوة "باطلة ولاغية كونها تتعارض مع القانون الدولي"، محذّرة من أن هذا الإجراء الإسرائيلي يأتي في وقت تُبذل فيه جهود لتحقيق السلام في غزة، ما يشكّل تهديداً إضافياً لـ"بيئة الأمن والاستقرار الهشّة أصلاً في المنطقة".
من جانبها، أدانت دولة قطر بأشد العبارات مصادقة الكنيست على مشروعي القانونين، معتبرة الخطوة "تعدّياً سافراً على حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية وانتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية".
ودعت وزارة الخارجية القطرية، في بيان، المجتمع الدولي، ولا سيما مجلس الأمن، إلى تحمّل مسؤولياته القانونية والأخلاقية والتحرك العاجل لإلزام سلطات الاحتلال بوقف خططها الاستيطانية والتوسعية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
كما أعربت وزارة الخارجية الكويتية عن إدانتها واستنكارها الشديدين لمصادقة الكنيست على مشروعي القانونين، ووصفت الخطوة بأنها "انتهاك صارخ للقانون الدولي ولقرارات مجلس الأمن، خصوصاً القرار رقم 2234 الذي يدين الاستيطان الإسرائيلي ويؤكد عدم شرعيته".
وأكد البيان الكويتي ضرورة اضطلاع المجتمع الدولي ومجلس الأمن بمسؤولياتهما في "وقف الممارسات غير المشروعة وردع سياسات الاحتلال التوسعية التي تقوّض فرص السلام وحل الدولتين".
المصدر: بران برس + وكالات
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news