في عالم تتغير فيه خرائط النفوذ وتتبدل فيه التحالفات، يبرز الجنوب اليمني كرقعة استراتيجية ذات أهمية متزايدة، ليس فقط في سياق النزاع الداخلي، بل في إطار التوازنات الدولية.
وفي ظل سعي روسيا لاستعادة حضورها العالمي، يلوّح في الأفق سؤال جوهري: ماذا لو مدت موسكو يدها نحو الجنوب اليمني؟ وما الذي يمكن أن يحققه الطرفان من هذا التقارب؟
لطالما سعت روسيا إلى تعزيز حضورها في المياه الدافئة، والجنوب اليمني يمنحها منفذًا مباشرًا على بحر العرب وخليج عدن، بالقرب من مضيق باب المندب، أحد أهم الممرات البحرية في العالم.
هذا الموقع لا يتيح فقط فرصًا لوجستية وعسكرية، بل يفتح الباب أمام استثمارات استراتيجية في الموانئ والطاقة والبنية التحتية.
كما أن الجنوب اليمني، بتعقيداته السياسية وتنوع فاعليه، يمثل فرصة لروسيا لبناء تحالفات جديدة خارج إطار الاستقطاب الخليجي والغربي، ويمنحها ورقة ضغط إضافية في ملفات الشرق الأوسط، من سوريا إلى إيران، ومن ليبيا إلى السودان.
من جهة أخرى، فإن الجنوب اليمني، الذي يسعى لتثبيت هويته السياسية وتطوير مؤسساته، قد يجد في روسيا شريكًا غير تقليدي، لا يفرض وصاية، بل يفتح آفاقًا جديدة للدعم السياسي والدبلوماسي في المحافل الدولية، خاصةً في ظل تعقيدات ملف تقرير المصير.
كما أن التعاون مع روسيا قد يتيح فرصًا لتطوير القدرات الأمنية والعسكرية، وتوفير بدائل تقنية واقتصادية، بعيدًا عن الاحتكار الخليجي أو الغربي. وهذا التنويع في الشراكات يعزز استقلالية القرار الجنوبي، ويمنحه هامشًا أوسع في صياغة مستقبل المصالح المتبادلة من الجغرافيا إلى الكرامة.
التقارب بين روسيا والجنوب ليس مجرد صفقة مصالح، بل فرصة لإعادة تعريف العلاقات الدولية من منظور الشعوب، لا منطق الهيمنة.
الجنوب لا يبحث عن وصاية، بل عن شراكة تحترم إرادته وتدعم نهوضه.د وروسيا، إن أرادت أن تكون فاعلًا عادلًا، فعليها أن تدخل هذا الباب بشرف، لا بمقايضة.
أخيرًا نقول في زمن التحولات، لا مكان للجمود، الجنوب اليمني يملك أوراقًا استراتيجية، وروسيا تملك طموحًا عالميًا.د، فهل نملك نحن، كفاعلين ومثقفين، الجرأة على طرح هذا السؤال؟ وهل تملك روسيا الحكمة لتجيب عليه بما يليق بتاريخها ومكانة الجنوب؟
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news