سما نيوز / عدن – خاص
(تحليل قانوني وحقوقي)
لم تعد قضية أرض المغترب والمستثمر محمد سالم الصلاحي في جعولة مجرد نزاع فردي على عقار، بل تحولت إلى “نموذج دراسي” يكشف عن أعمق الاختلالات الهيكلية في منظومة العدالة، والفساد الإجرائي الذي يستغل النصوص القانونية لتقويض استقرار المراكز القانونية وتغليب سلطة النفوذ على قوة القانون.
تقرير صادر عن قانونيين ومختصين حقوقيين أكد أن ما حدث في ملف الصلاحي هو “تمكين معاكس”؛ حيث تم توظيف أجهزة القضاء والأمن لخدمة المغتصبين بدلاً من إنفاذ الأحكام النهائية لصالح صاحب الحق.
قضية الصلاحي.. النموذج يكشف ثلاثة عيوب هيكلية:
يرى القانونيون أن وقائع القضية تبرز ثلاث نقاط ضعف خطيرة في البضاء تستدعي تدخلاً تشريعياً وتنفيذياً عاجلاً:
1. فشل مبدأ حجية الأحكام (ضعف آليات الإنفاذ):
يُظهر النموذج الصلاحي أن الحكم القضائي القطعي لا قيمة له أمام نفوذ المتنفذين.
النموذج: صدر حكم التمليك للمستثمر الصلاحي في 2000م، وتلاه قرار تنفيذ في 2004م، وتأكيد رئاسي في 2007م. ورغم ذلك، استمر المعتدي في رفض التسليم لمدة ربع قرن، بل قام ببيع جزء من الأرض في 2012م.
العيب الهيكلي: يؤكد هذا العجز أن القضاء يعاني من فشل في المرحلة التنفيذية، مما يرسخ قناعة لدى المعتدين بأن الأحكام القضائية مجرد حبر على ورق يمكن تعطيلها بالنفوذ المالي أو السياسي.
2. الفساد الإجرائي في “قرارات الحيازة” (تحويل الإجراء لسند ملكية):
يكشف النموذج كيف تم تحويل إجراء الحيازة (الذي يجب أن يكون مؤقتاً ولا يمس أصل الحق) إلى أداة لهدم العدالة.
النموذج: حصل المعتدي (ص.ع) على “قرار حيازة” مشبوه في 2017م صدر من قاضٍ خارج إطار المحكمة وفي ظروف غير قانونية (إضراب المحاكم). ثم تم استخدام هذا القرار المؤقت كـ “دفع بسبق الفصل” أمام القضاء الموضوعي الأخير.
العيب الهيكلي: هذا الاستغلال يؤكد وجود فساد تشريعي/تطبيقي في التعامل مع نصوص الحيازة، حيث تُستخدم الأوامر على العرائض والإجراءات الوقتية لتقويض الأحكام التي فصلت في أصل الحق. وهي ظاهرة تُستخدم على نطاق واسع لـ شرعنة الغصب وتمكين المتعدين من التمسك بالأرض لفترات طويلة.
3. استخدام السلطة القضائية لـ “الحماية الأمنية المعاكسة”:
تُعد هذه النقطة هي الذروة في التفكك، حيث تم توظيف القضاء لخدمة المعتدي بعد أن خسر قضائياً.
النموذج: بعد صدور الحكم الموضوعي النهائي لصالح الصلاحي في 2025م، قام قاضٍ مناوب بـ حجز أصل الحكم، واستغل هذا التعطيل لـ تمكين المعتدي أمنياً من دخول المزرعة بـ “أطقم ومدرعات”، في إجراء يُناقض الحكم نفسه.
العيب الهيكلي: هذا يمثل تدخلاً سافراً في استقلالية القضاء، واستخداماً للسلطة القضائية غطاءً لتوجيه الأجهزة الأمنية لحماية الغصب، مما يضع القضاء في موضع الشريك في “التمكين المعاكس” للعدالة.
دعوة لإصلاح النظام:
دعا القانونيون في ختام تعقيباتهم إلى التعامل مع قضية الصلاحي ليس كحادث فردي، بل كـ “مُحفز للإصلاح”، مطالبين بإجراءات عاجلة:
تحقيق فوري: مساءلة القضاة المتورطين في إصدار قرار الحيازة غير القانوني (2017م) والقاضي الذي قام بحبس الحكم الأخير (2025م).
إصلاح إجرائي: سن تشريعات تمنع استخدام قرارات الحيازة كدفع بسبق الفصل في الدعاوى الموضوعية، والحد من السلطة التقديرية للقضاة في إصدار أوامر الحيازة دون أسس واضحة.
إنفاذ فوري وحازم: إلزام كافة الأجهزة بإنفاذ الحكم الموضوعي النهائي الصادر لصالح المستثمر الصلاحي، وإزالة كافة آثار التمكين الغاصب، وإعادة الثقة للمستثمرين.
وأكدوا أن مصير “أرض المغترب” هو اختبار حقيقي لإمكانية عودة سيادة القانون على النفوذ في البلاد.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news