في تصعيد جديد يعكس تضييق ميليشيات الحوثي على المكونات الدينية غير التابعة لها، أفادت مصادر محلية في محافظة ذمار، اليوم السبت، بأن
عناصر من الميليشيا اقتحمت مسجدًا تابعًا للتيار السلفي في منطقة زراجة بمديرية الحدا
، واعتقلت عدداً من القائمين عليه، في خطوةٍ وُصفت بأنها
نقضٌ صريح لاتفاق “التعايش والإخاء” الموقع بين الطرفين عام 2015
.
وقالت المصادر إن الميليشيا داهمت المسجد أثناء أداء صلاة الفجر، قبل أن تقوم بإغلاقه، ومصادرة محتوياته، ونقل القائمين عليه إلى جهة مجهولة. وأضافت أن الاعتداء جاء
بعد سلسلة من الهجمات والاستهدافات التي طالت المراكز السلفية والمساجد التابعة لتيار محمد الإمام
في صنعاء وذمار والحديدة خلال الأشهر الماضية.
خلفية الاتفاق المنقوض
يعود اتفاق “التعايش والإخاء” إلى عام 2015، عقب انقلاب ميليشيات الحوثي على الدولة اليمنية، حين اختار السلفيون في مناطق سيطرة الحوثيين
الحياد السياسي
مقابل السماح لهم بممارسة أنشطتهم الدعوية والتعليمية دون تدخل.
وقد نص الاتفاق حينها على أن
“لا يتدخل السلفيون في الشأن السياسي أو العسكري، مقابل عدم تعرضهم للملاحقة أو التضييق”
.
غير أن هذا التفاهم ظل هشاً، إذ عمدت الميليشيا منذ 2018 إلى
إغلاق عشرات المساجد والمدارس السلفية، واعتقال عدد من طلابها وشيوخها
.
منذ الانقلاب.. استهداف ممنهج للمؤسسات الدينية
وفق تقارير حقوقية، بلغ عدد المساجد التي دمرتها أو صادرتها ميليشيات الحوثي
أكثر من 800 مسجد
منذ انقلابها في سبتمبر 2014، بينها مساجد سلفية بارزة في صنعاء وصعدة وذمار.
وفي عام 2024، أغلقت الميليشيا
مركز جماعة التبليغ والدعوة في الحديدة
، وهو من أكبر المراكز الإسلامية في الساحل الغربي، واعتقلت العشرات من أتباعه، بدعوى “مخالفة التوجه العقائدي للولاية”.
ويؤكد مراقبون أن
الاستهداف الأخير لمساجد السلفيين يمثل مرحلة جديدة من “تصفية دينية”
تهدف إلى فرض السيطرة الكاملة على الخطاب الديني في مناطق سيطرة الجماعة، وجعل كل المنابر والمراكز التعليمية خاضعة لتوجيهاتها الأيديولوجية المستوردة من إيران.
أبعاد دينية وسياسية
يرى محللون أن ما يجري هو
صراع نفوذ ديني بغطاء سياسي
، تسعى من خلاله ميليشيات الحوثي إلى إنهاء أي تيار ديني غير منسجم مع فكرها “الولائي”، خاصة في المحافظات ذات الثقل العلمي والدعوي مثل ذمار وصنعاء.
ويشير الباحث في شؤون الجماعات الدينية، عبدالكريم الشميري، إلى أن “الميليشيا تعتبر السلفيين تهديدًا فكريًا طويل الأمد، رغم حيادهم السياسي، لأن منهجهم الديني السني يقف نقيضًا للفكر الحوثي القائم على الإمامة والاصطفاء السلالي”.
رسالة تصفية موجهة للداخل
الهجمات الأخيرة تحمل — بحسب مراقبين —
رسالة واضحة لبقية المكونات الدينية والاجتماعية
في مناطق سيطرة الحوثي: إما الخضوع الكامل للولاية الفكرية للجماعة، أو الإقصاء والاعتقال والمصادرة.
ويرى ناشطون أن ما يسمى بـ“التعايش والإخاء” لم يكن سوى
غطاء مرحلي استخدمته الميليشيا حتى تُحكم قبضتها الأمنية والعقائدية
على المجتمع.
موقف دولي غائب
رغم توثيق منظمات حقوقية مثل “هيومن رايتس ووتش” و“العفو الدولية” لانتهاكات الحوثيين ضد الحريات الدينية،
لم يصدر أي موقف دولي واضح
تجاه حملة استهداف السلفيين، ما يثير تساؤلات حول ازدواجية المعايير في التعاطي مع قضايا حرية المعتقد في اليمن.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news