مستشفى الهيئة في محافظة مأرب (شمال شرقي اليمن)، واحد من أهم الصروح الطبية في اليمن، وواجهة رئيسية للخدمات الصحية في المحافظة التي تشهد نمواً سكانياً متسارعاً، وتحتضن أكثر من 2 مليون نازح من مختلف محافظات الجمهورية. وفي ظل التحديات الكبيرة التي تواجه القطاع الصحي بالمحافظة، يواصل المستشفى أداء دوره الحيوي في إنقاذ الأرواح وتقديم الرعاية الطبية في مختلف التخصصات.
وللتعرف على وضع مستشفى الهيئة، والجهود المبذولة، والإنجازات التي حققتها خلال الفترة الماضية، إضافة إلى التحديات التي تواجه المستشفى وخططها المستقبلية لتطوير الخدمات الصحية، التقى "برّان برس"، بالقائم بأعمال رئيس الهيئة الدكتور عبدالكريم علي حيمد، الذي تحدث بكل شفافية عن واقع المستشفى، والاحتياجات، وطموحات القطاع الصحي في المستشفى.
وفي حديثه لـ"برّان برس"، يؤكد "حيمد"، أن الهيئة رغم النجاحات والخدمات الطبية النوعية التي تقدمها للمواطنين في المحافظة، تواجه تحديات كبيرة، من ضمنها الاستقطاب للإخصائيين والكوادر المؤهلة، بالإضافة إلى عزوف الكوادر، خاصة الموجودة في مأرب، إضافة إلى العجز المالي.
استقطاب الكفاءات الوطنية، يمثل تحدياً كبيراً للهيئة، وفقًا للقائم بأعمال رئيسها، الذي قال إن دولاً أخرى تعمل على استقطابهم، بمرتبات عالية، وأن الأصعب هو استقطاب كوادر خارجية، مشيراً إلى أن المشكلة تتمثل في تسجيل دخولهم، وارتفاع نسبة رواتبهم.
وقال إن تلك التحديات "تعتبر مشكلة كبيرة تواجهها إدارة الهيئة، فمن أجل تقديم خدمات طبية مميزة، لا بد أن يكون لدينا دعم مالي، نستطيع أن نبني عليها قرارات كبيرة". ومع ذلك، أوضح أن الهيئة تعتمد على الجانبين الكفاءات الوطنية والاستقطاب الخارجي، وحققت إنجازات نوعية.
انجازات وخدمات نوعية
وأشار إلى أن الهيئة أجرت خلال أغسطس/ آب الماضي، 28 نوعية، تعد من أفضل العمليات، التي أجرتها، وأن الهيئة تجري عمليات بشكل يومي، مشيراً إلى أنه يتم إجراء من 15 إلى 20 عملية، في اليوم الواحد، خلال الفترتين الصباحية والمسائية.
وفي قسم المفاصل الصناعية، أكد أنه تم إجراء أكثر من ٨٠ عملية مفصل صناعي، قال إنها "أجريت عبر الطبيب الزائر" وتعتبر من العمليات النوعية والكبرى"، لافتاً إلى أنها تجرى في مستشفيات الخارج بتكلفة تصل إلى ٦٠٠٠ دولار، إلا إنها أجريت في الهيئة بشكل مجاني".
الدكتور حيمد، عدّد الخدمات الطبية المتميزة، التي تقدمها الهيئة على مدار الساعة، للمرضى والمترددين عليها، في أقسام "الطوارئ العامة، والعظام، والجراحة العامة، والمخ والأعصاب، والأذن والأنف والحنجرة، والنساء والولادة"، إضافة إلى أقسام "الأطفال، والغسيل الكلوي، والباطنية، والعناية المركزة".
وذكر أن الطاقة الاستيعابية للمستشفى، تصل إلى 164 سريراً، لافتاً إلى أن حجم الإقبال على المستشفى، هذا العام مقارنة بالعام السابق، كان كبيراً، وقال: "نرى ازدحاماً كبيراً نتيجة الإقبال على أقسام الهيئة، كونها تعتبر المرجعية في محافظه مأرب، في الجانب الصحي، وفيها خدمات طبية مميزة وبأسعار رمزية، تراعي أوضاع الناس الاقتصادية.
القائم بأعمال رئيس الهيئة، تحدث عن مركز "القلب"، الذي قال إنه "قيد الإنشاء"، ووصل إلى مرحلة متقدمة، كما أن هناك مركز للغسيل الكلوي يضم 16 جهاز غسيل، يقدم خدماته للمرضى، لافتاً إلى أن فيه "إقبالاً شديداً، من قبل المرضى، ونقدم فيه خدمات طبية متميزة للمرضى".
وبشأن علاج الأورام السرطانية، أشار أنه لا يوجد مركز متخصص، إلا إن الهيئة تعاقدت الشهر الماضي مع اخصائية أورام، وقال إنها بدأت تمارس أعمالها، في حين أن وزير الصحة قد أصدر قراراً بإنشاء مركز للأورام السرطانية.
تأهيل وشكاوي
وأوضح أن الهيئة تهتم بجانب التأهيل والتدريب، مشيراً إلى أنه قد أقيمت دورات تدريبية خلال الفترة الماضية، وهناك دورات مستقبلية، لتأهيل الكوادر، وقال: "نسعى للتدريب داخل الميدان، ولدينا مركز تدريب، يديره الدكتور عادل النخيل، كما أن المستشفى تعد مركز استقطاب لطلاب المعاهد والجامعات الخاصة والحكومية لتدريبهم.
وأكد أن الهيئة لا توجد لديها أي إشكاليات، في الجانب الأمني، لافتاً إلى الأوضاع الاقتصادية، حيث يأتي إلينا مرضى ومترددون، لا يملكون شيئاً، مما يدفعنا إلى عمل إعفاءات وتخفيضات وغيرها وهذا صراحة يؤثر سلباً على تقديم خدمات طبية مميزة.
ورداً على تزايد شكاوى المواطنين من تراجع الخدمات، قال الدكتور "حيمد"، إن هناك فهماً مغلوطاً، وأن ما يحصل هو ازدحام، وليس تراجعاً، مبيناً أن القدرة الاستيعابية للطبيب هي من 30 إلى 40 حاله في اليوم، في حد أعلى، خلال فترته، كي يستطيع أن يعطي للمريض حقه.
وأضاف: "صراحة حين يعود المريض أو يتم إرجاعه، يقولون تراجعاً في الخدمات الطبيه، والطبيب يبذل جهداً ولديه أيضاً فترة زمنية للراحة، حتى يعيد نشاطه مرة ثانية"، لافتاً إلى أن الازدحام شديد، وهو الذي يجعل بعض المترددين، يشكو من الخدمات.
القائم بأعمال رئيس الهيئة، أرجع الازدحام، إلى الرسوم الرمزية التي تتدفع مقابل الخدمات، بالمقارنة مع المرافق الصحية الأخرى، مشيراً إلى أن ذلك ينعكس على الخدمات الطبية المقدمة نوعاً ما، كما أن الصيانة في المستشفى تعد تحدياً آخر للإدارة، إضافة إلى أن محافظة مأرب، تحتاج لأكثر من مستشفى لاستيعاب هذا الكم من المواطنين.
اهتمام العرادة
وعن الاحتياجات، أشار إلى حاجة المستشفى للكوادر البشرية، مؤكداً أن رأس المال، هو الذي يبنى عليه، أما الأمر الثاني فهو "الدعم المالي"، وقال هذا يعد مهماً جداً، كي نرتقي بالهيئة، مع أننا نشكر معالي وزير الصحة الدكتور قاسم بحيبح، على دعمه المستمر والمتواصل.
وأكد أن السلطة المحلية، ممثلة بالمحافظ اللواء سلطان العرادة، عضو مجلس القيادة الرئاسي، فقد أعطت وأولت المستشفى اهتماماً كبيراً، لافتاً إلى أن اللواء العرادة ما يزال في تواصل مع إدارة المستشفى من أجل التأهيل والتدريب والتطوير وتقديم الخدمات الطبية.
وأكد أن اللواء العرادة يعمل على إنهاء كل العوائق التي تعترض أعمال المستشفى، كما أنه يسعى إلى الارتقاء بها وبكل المؤسسات والمرافق الطبية والصحية في المحافظة، لافتاً إلى أنه وبدعم من السلطة المحلية، تم بناء قسم الطوارئ العامة، ومركز القلب ومبنى إداري، وكذلك سكن الأطباء.
دعم المنظمات
وما يخص الدعم المقدم من المنظمات الأممية والدولية، أشار إلى أن من ذلك الدعم، صيانه المستشفى، حيث يتم حالياً صيانة أغلب الأقسام، كما أن بعض المنظمات تقدم دعماً في مجال الأدوية والمحاليل والغسيل الكلوي.
وفي هذا الجانب، شكر دور مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، الذي قال إنه يقدم، دعماً كبيراً ومستمراً، للمستشفى، حيث تجد بصمة المركز في كل مكان فيه، لافتاً إلى أن دعم مركز الملك سلمان ما زال يقدم لمركز الأطراف.
وقال: "وإن شاء الله خلال الأسبوع القادم، سنضع حجر الأساس لمشاريع المياه، كما أن هناك مشاريع مستقبلية للمركز، منها استكمال للطوارئ، وبعض المشاريع الداخلية، مثل المغسلة والتعقيم والخدمات الطبية، وغيرها من المشاريع التي تساعد المستشفى في تقديم خدماته الطبية والصحية".
من مستشفى إلى هيئة
وفي ختام لقائه مع "برّان برس"، أشار الدكتور "حيمد" إلى أن المستشفى كان لمحافظة واحدة، إلا إنه تحول إلى مستشفى لأكثر من مليوني نازح، إضافة إلى جرحى الحرب، مشيراً إلى أن هناك جهوداً سابقة من المديرين السابقين، ومن عضو مجلس القيادة محافظ مأرب لتحويله من مستشفى إلى هيئة، فأصبحت تتوسع وجعلها تمتلك قدرات استيعابية أكثر من البشر، نظراً إلى أنها أصبحت مركزاً لأكثر من مليوني نازح.
وأشار إلى أن المستشفى حين تحولت إلى هيئة، توسعت قدراتها واستيعابها، وهو ما يحتاج إلى دعم أكبر، مؤكداً أن الدعم الذي حصلت عليه الهيئة من اللواء العرادة، يعد ركيزة أساسية، لتقديم الخدمات الطبية للأعداد الكبيرة من المواطنين والنازحين.
ومستشفى الهيئة العامة في محافظة مأرب، تأسس في العام 2005، وفي مطلع العام 2013 صدر قرار جمهوري بتحويله إلى هيئة مستشفى مأرب العام، وذلك بعد جهود من محافظ المحافظة اللواء سلطان بن علي العرادة، لكي تخدم منطقة جغرافية واسعة تشمل مأرب والمناطق المجاورة، وتقدّم خدمات لأعداد كبيرة من المواطنين، وزادت أهميتها مع استقبال مأرب لملايين النازحين من المحافظات الأخرى.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news