14 أكتوبر.. الاستعادة الحتمية للجنوب ودوره الجيوستراتيجي في المعادلة الدولية

     
موقع الأول             عدد المشاهدات : 58 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
14 أكتوبر.. الاستعادة الحتمية للجنوب ودوره الجيوستراتيجي في المعادلة الدولية

أرى أن ثورة 14 أكتوبر 1963م، التي انطلقت شرارتها من جبال ردفان الباسلة، مثلت منعطفًا تاريخيًا حاسمًا في مسيرة الشعب الجنوبي.

والاحتفاء بها سنوياً، ليس مجرد "إسقاط واجب" بل هو حالة نضالية متجددة تختزل في طياتها الإرث الكفاحي والحلم الوطني الذي ضحى المئات من أبناء الجنوب بأنفسهم لنيله، وكان لهم ما أرادوا في 30 نوفمير1967م.

وفي ظل الظروف الراهنة، التي يشهد فيها الشرق الأوسط تحولات جيوسياسية بالغة التعقيد، تبرز قضية استعادة دولة الجنوب كهدف استراتيجي لا رجعة عنه.

هذا الهدف لا ينبع من الحنين إلى الماضي - لعودة دولة الجنوب/ دولة النظام والقانون فحسب - بل من إدراك عميق للدور الجيوستراتيجي الذي يمكن أن تؤديه دولة الجنوب المستقلة كحجر زاوية في تحقيق الاستقرار والأمن الإقليمي والدولي، وكضامن رئيس لأمن الملاحة الدولية ومحورًا لموازنة القوى في مواجهة المشاريع التوسعية.

ولو عدنا إلى الوراء قليلًا سنجد أن دولة الجنوب سابقًا (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) لديها اعتراف دولي كامل، وعضوية في الأمم المتحدة، مما يؤسس لشرعية تاريخية وقانونية لاستعادتها، وفي هذا السياق وقد أكدت أكثر من "70" دولة ومنظمة دولية، عبر بيانات وقرارات رسمية، على ضرورة الحل السياسي الذي يحفظ للجنوب هويته وكيانه، وهو ما يتوافق مع مبادئ القانون الدولي التي تكفل حق الشعوب في تقرير مصيرها.

واذا نظرنا إلى الدور الجيوستراتيجي كركيزة للأمن الإقليمي والدولي سنجد أن أمن الملاحة الدولية يقع في خط السواحل الجنوبية، الممتدة من المهرة إلى باب المندب، بأهم الممرات المائية الحيوية في العالم. ووفقاً لبيانات هيئة الموانئ البريطانية، تمُر ما يقارب 30 % من التجارة العالمية النفطية عبر باب المندب، وهو شريان حيوي لإمدادات الطاقة إلى أوروبا وأمريكا، وضامن لاستقرار اقتصادي أيضًا، حيث سيسهم في الدفع بعجلة التنمية في دولة الجنوب والدول المجاورة لها، والدول التي تتعامل/ ستتعامل معها تجاريًا.

ولتأمين ذلك الشريان فلا بد من وجود دولة جنوبية مستقرة وذات سيادة، ستشكل في الوقت نفسه ضمانة حيوية لاستمرار تدفق هذه التجارة دون تهديدات، خاصة في مواجهة المخاطر التي تشكلها الميليشيات الحوثية الموالية لإيران والتي استهدفت سفنًا تجارية بشكل متكرر.

ولمواجهة التمدد الإيراني التوسعي، فإن الجنوب يُمثل بمؤسسته الدفاعية والأمنية الناشئة (المجلس الانتقالي الجنوبي والقوات المسلحة وبقية التشكيلات العسكرية حديثة التشكيل)، الحل لوقفه.

ومن خلال (تقليبي) لعدد من التقارير، وجدت تقريرًا لمركز "سوثلاند" للدراسات الاستراتيجية يُشير إلى أن القوات الجنوبية كانت العمود الفقري في تحرير العاصمة المؤقتة عدن عام 2015م، -وما يزال يؤدي أبناء محافظات الجنوب دورًا محوريًا- في صد هجمات الحوثيين، فتجدهم يؤدون واجبهم الوطني في حماية الحدود الجنوبية والمناطق المحررة.

هذا الموقع يجعل من دولة الجنوب المستقبلية حاجزًا طبيعيًا يحمي ليس فقط الأمن الخليجي، بل والمصالح الغربية في البحر الأحمر والمحيط الهندي.

لضرورة الاستقرار الإقليمي يجب إعادة إقامة دولة الجنوب، فهي ليست مجرد قضية داخلية، بل هي استثمار في استقرار المنطقة. فالدولة المستقرة قادرة على التعاون بشكل فعال في التحالفات الإقليمية والدولية لمكافحة الإرهاب والقرصنة والاتجار غير المشروع كما حدث في عمليات مكافحة تنظيم "القاعدة" بمحافظة أبين التي دحروهم منها في 12 يونيو 2012م ..والمكلا في 24 أبريل 2016.

يؤكد الاصطفاف المليوني المتكرر،- وأخره - وليس بآخر- امس في شبام حضرموت، وأمس الأول بالضالع بمناسبة الاحتفال بذكرى 14 أكتوبر-، على تجذر هدف الاستقلال في الوجدان الجمعي للشعب الجنوبي.

وبتلك المواقف يُرسل الشعب الجنوبي الأبي- على الرغم من توقف رواتبه لأكثر من 102 يوم- رسالة للقريب والبعيد أن هناك إجماع وطني يقطع الطريق على أي محاولات للتراجع أو المساومة على الحقوق التاريخية.

استطيع القول إن المعطيات الجيوسياسية والاستراتيجية تثبت أن استعادة دولة الجنوب ليست خيارًا قابلًا للنقاش، بل هي حتمية تاريخية وضرورة أمنية إقليمية ودولية، فالدور الذي يمكن أن تؤديه دولة الجنوب المستقلة – بموقعها الاستراتيجي الفريد، وإرثها الدبلوماسي، وإرادة شعبها الصلبة – سيكون دورًا محوريًا في إعادة رسم خريطة التحالفات والأمن في المنطقة، وبناء نظام إقليمي أكثر استقرارًا وتوازنًا.

إن ذكرى الاحتفال بثورة 14 أكتوبر المجيدة، بهذا المعنى، ليست انطلاقًا إلى الماضي، بل هي استشراف لمستقبل يكون فيه الجنوب ركيزة أساسية وفاعلة في معادلة الأمن والاستقرار الدولي.

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

وصية الرئيس الراحل علي عبدالله صالح بشأن الوحدة تُكشف لأول مرة

المرصد برس | 519 قراءة 

نجل حسين الحوثي يجري تغييرات واسعة في وزارة الداخلية عقب مقتل عمه بغارة إسرائيلية (أسماء)

المشهد اليمني | 488 قراءة 

الانتقالي يهاجم العليمي.. وسعودي يرد: أنتم سبب أزمات عدن

موقع الجنوب اليمني | 461 قراءة 

سقوط خلايا من حزب الله وإيرانيين في قلب العاصمة المؤقتة عدن

مأرب برس | 349 قراءة 

كيف استغل قيادي حو ثي دخول فتحية إبراهيم في غيبوبة وقيامة بأمر أزعجها ؟

يمن فويس | 348 قراءة 

مفاجأة غير متوقعة في حقيبة موظف أممي بمطار صنعاء قبيل مغادرته اليمن

نيوز لاين | 333 قراءة 

هجوم حوثي على عدد من القرى جنوبي اليمن واندلاع مواجهات عنيفة

المشهد اليمني | 329 قراءة 

تأكيد هام من السفير الألماني تجاه اليمن.. ماذا جاء فيه!

موقع الأول | 326 قراءة 

لأول مرة: القاضي الذي أصدر حكم الإعدام بحق مهند السعيدي يكشف كل شيء

نيوز لاين | 302 قراءة 

القضاء يحسم الجدل: إصدار حكم حاسم في ملف فتحية إبراهيم

نيوز لاين | 281 قراءة