الحملة الأمنية في تعز.. خطوة إلى الأمام أم تحرك مؤقت لإخماد الغضب الشعبي؟
قبل 3 دقيقة
في خطوة طال انتظارها، تمكنت الحملة الأمنية في محافظة تعز مؤخرًا من تحقيق تقدم ملموس في قضية مقتل الشهيدة افتهان المشهري، إحدى القضايا التي هزت وجدان الشارع التعزي، وأعادت فتح جراح القضايا الجنائية المجمدة في المحافظة. فقد نجحت الحملة في القبض على عدد من المتهمين، وتمكنت من تطويق مكان تواجد المتهم الرئيسي في الجريمة وتصفيته، تبع ذلك ملاحقات واعتقالات طالت آخرين متهمين بقضايا جنائية متعددة.
هذا التحرك السريع والفعّال أعاد الأمل إلى قلوب المظلومين وأهالي الضحايا الذين طُويت ملفات قضاياهم لسنوات دون محاسبة أو عدالة، فاندفعوا من جديد نحو المطالبة بحقوقهم، وتوجهوا إلى مخيمات الاعتصام أمام مبنى المحافظة المؤقت، رافعين صور ذويهم، مطالبين السلطات بالتحرك الجاد وتحقيق العدالة المتأخرة، دون استثناء أحد، بما فيهم القيادات العسكرية المتهمة بالضلوع في جرائم قتل وجرائم جسيمة.
وبالرغم من الحماس الشعبي والسياسي والإعلامي الذي رافق انطلاق الحملة الأمنية، والدعم الذي حظيت به من مختلف المكونات السياسية والاجتماعية في مدينة تعز وخارجها، فوجئ الشارع بانقطاع مفاجئ لأخبار الحملة الأمنية وتوقف عملياتها الميدانية دون مبررات واضحة، ما أعاد الإحباط إلى قلوب أولياء الدم والمكلومين الذين ظنوا أن عجلة العدالة قد بدأت بالدوران أخيرًا.
وبات من الواضح لدى كثير من المتابعين أن تلك الحملة، رغم نجاحها الأولي، ربما لم تكن سوى تحركٍ محدودٍ ومرحليٍّ لامتصاص الغضب الشعبي بعد حادثة مقتل الشهيدة افتهان المشهري، دون نية حقيقية للاستمرار في اجتثاث الجريمة وملاحقة كافة الجناة دون استثناء.
ما يثير القلق لدى الشارع اليوم هو أن الحملة الأمنية بدت وكأنها مكلفة بقضية بمفردها، أو موجهة ضد فئة معينة من المتهمين، أو محصورة في منطقة جغرافية دون غيرها، متجاهلة عشرات القضايا الكبرى التي تضج بها محافظة تعز، والتي تورط فيها مجرمون ما زالوا طلقاء رغم معرفة الجهات المعنية بأسمائهم ومواقعهم.
وباتت التساؤلات المشروعة والملحّة:
لماذا توقفت الحملة الأمنية عن ملاحقة بقية المتهمين في كافة مناطق المدينة ومديرياتها المحررة؟
وهل كانت الحملة مخصصة لقضية واحدة ولمنطقة محددة فقط؟
وما الأسباب التي تقف خلف هذا التراخي غير المبرر؟
وهل هناك ضغوط تُمارس على قيادة المحافظة لإيقاف الحملة وعدم استكمال مهامها؟
أبناء مدينة تعز، بكل مكوناتهم، لا يزالون يأملون أن تكون الحملة الأمنية بداية حقيقية لمسار طويل من العدالة والمحاسبة، لا مجرد استعراض مؤقت. ويؤكدون أن أي انتقائية في تنفيذ القانون، أو توقف مريب في ملاحقة الجناة، لن يؤدي إلا إلى مزيد من فقدان الثقة، واتساع رقعة الفوضى، وتحول المحافظة إلى ملاذ آمن للمجرمين والمتورطين في أبشع الجرائم.
إن العدالة لا تتجزأ، والحفاظ على هيبة الدولة لا يمكن أن يتم دون فرض النظام والقانون على الجميع، دون استثناء أو محاباة. وعلى قيادة محافظة تعز، ومعها الأجهزة الأمنية، أن تعي جيدًا أن الشارع لم يعد يحتمل المزيد من الصمت والتجاهل، وأن أمل المواطنين لا يجب أن يخيب مجددًا.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news