بين المناورة السياسية وإعادة تعريف الجغرافيا الوطنية: قراءة في تصريحات الزبيدي

     
صوت العاصمة             عدد المشاهدات : 83 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
بين المناورة السياسية وإعادة تعريف الجغرافيا الوطنية: قراءة في تصريحات الزبيدي

تثير تصريحات الرئيس عيدروس الزبيدي حول إمكانية انضمام بعض المناطق الشمالية إلى الجنوب العربي جدلاً واسعاً في المشهد السياسي اليمني، إذ تمثل في جوهرها تحولًا في الخطاب السياسي الجنوبي من موقع الدفاع إلى موقع الفعل والمبادرة، وهي في الوقت نفسه تحمل أبعادا تتجاوز حدود التكتيك السياسي لتلامس عمق التحولات البنيوية في خريطة النفوذ والولاءات داخل اليمن.

أولاً، يمكن قراءة هذه التصريحات كـ مناورة سياسية محسوبة تهدف إلى إحداث اختراق في جدار الجمود السياسي القائم، وكشف واقع المعاناة الذي تعيشه تلك المناطق الواقعة بين سندان الإرث الإمامي الزيدي القديم ومطرقة الفساد والفوضى التي تمثلها قوى الإخوان وبقايا النظام العفاشي. فهذه المناطق – التي طالما كانت ساحة صراع بين مشاريع متناقضة – لم تنعم يومًا بإدارة وطنية رشيدة أو بنظام سياسي عادل، بل كانت دومًا ضحية لهيمنة المركز وسلطته التقليدية.

ثانيًا، جاءت تصريحات الزبيدي لتضع الطبقة السياسية الشمالية أمام مرآة الواقع، إذ أظهرت هشاشة تمثيلها في ما يسمى بحكومة "المناصفة" التي فرضتها الوساطات الإقليمية. فالشمال – في حقيقته – واقع تحت سلطة الحوثي، بينما القوى التي تزعم تمثيله عاجزة عن تحريره أو حتى التأثير في مساره، ناهيك عن عجزها الإداري والسياسي في إدارة ما تبقى من مناطق نفوذها.

أما ثالثًا، فتكشف الدعوة إلى انفتاح الجنوب على تلك المناطق عن مقاربة إنسانية وسياسية مزدوجة: فمن جهة، هي محاولة لإنقاذ سكان تلك المناطق من خطر الانزلاق مجددًا إلى براثن المشروع الحوثي الإيراني، ومن جهة أخرى، فتح نافذة أمل للانخراط في مشروع دولة فيدرالية جنوبية قادمة، تتبنى قيم العدالة والمواطنة والشراكة الحقيقية.

رابعًا، تتضمن هذه التصريحات رسالة استراتيجية مفادها أن الجنوب لا يسعى إلى الانعزال أو الانفصال بالمعنى الضيق، بل إلى بناء نموذج دولة جديدة تستوعب من يشترك معه في رؤية وطنية حديثة، تتجاوز الانقسامات المذهبية والمناطقية، وتعيد الاعتبار للهوية العربية والإسلامية الجامعة في مواجهة المشاريع الطائفية والإقليمية.

وأخيرًا، فإن ما بين سطور هذه الدعوة هو تحول في معادلة القوة والسياسة؛ من موقع الدفاع عن الجنوب وشرعيته، إلى المبادرة لاحتواء مناطق الشمال الراغبة في الخلاص من سلطات الفساد والاستبداد، بما يعنيه ذلك من إعادة تشكيل لمفهوم الوحدة والسيادة من جديد، على أسس طوعية عادلة، لا على إملاءات القهر والهيمنة.

إنها ليست مجرد تصريحات إعلامية، بل مؤشر على لحظة فارقة قد تعيد رسم خريطة اليمن السياسية والجغرافية، وتفتح الباب أمام تحولات كبرى في معادلة النفوذ الإقليمي والدولي في المنطقة. الأيام القادمة وحدها كفيلة بإظهار ما إذا كانت هذه الدعوة بداية لمرحلة جديدة من الشراكة، أم مجرد جرس إنذار لنهاية مرحلة طال انتظار سقوطها.

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

ضاحي خلفان ينتقد الانتقالي ويجدد دعمه للشرعية اليمنية

نيوز لاين | 1269 قراءة 

ما الذي جرى ليلًا في المكلا؟ إيضاحات عسكرية م̷ـــِْن التحالف تكشف رواية مغايرة وتفتح باب الأسئلة

مأرب برس | 1233 قراءة 

اشتباكات عنيفة في مدخل المكلا.. النخبة الحضرمية تُنهي قوات ميليشيا الانتقالي وتصادر أسلحتها

المشهد اليمني | 1100 قراءة 

الامارات تهاجم السعودية وتهددها!

العربي نيوز | 1089 قراءة 

عاجل: أرتال عسكرية لمليشيات الانتقالي تبدأ بالانسحاب من غيل بن يمين في حضرموت

المشهد اليمني | 1064 قراءة 

اشتباكات عنيفة في حضرموت بين قوات حماية المحافظة ومليشيا الانتقالي

قناة المهرية | 726 قراءة 

عاجل..  بيان ناري من قبائل المهرة يقلب الطاولة!!

موقع الأول | 702 قراءة 

انسحاب قوات تابعة للانتقالي من مناطق في حضرموت تزامنًا مع غارات سعودية

بوابتي | 511 قراءة 

الزبيدي: عزيمتنا لم تكسر.. والإمارات قدمت الكثير للجنوب

الوطن العدنية | 502 قراءة 

الكشف عن هوية السفينتين المستهدفتين بميناء المكلا

يمن فويس | 498 قراءة