طرق حضرموت بين قبضة “الجباية” وذاكرة الأمن

     
صحيفة شمسان نت             عدد المشاهدات : 48 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
طرق حضرموت بين قبضة “الجباية” وذاكرة الأمن

على الطريق الطويلة الممتدة بين الساحل والوادي، توقّفت قافلة شاحنات النفط عند نقطة مستحدثة لا تحمل اسمًا رسميًا ولا لافتة واضحة. يهبط سائقٌ خمسيني من مقصورته، يطوي إيصالًا بخطّ يد مرتجف، ويهمس: “ندفع هنا… ثم ندفع هناك. لا أحد يشرح لماذا، ولا إلى أين تذهب هذه الأموال.” خلفه، تتراصّ شاحنات أخرى، محركاتها تئنّ، وعيون سائقيها تتبادل الإشارات الحذرة.

هذا المشهد لم يكن مألوفًا في حضرموت خلال السنوات التي نجحت فيها قوات النخبة الحضرمية في بناء انضباط أمني على الطرق الحيوية. لكن عودة نقاط جباية عشوائية—تُنسب مصادر ميدانية بعضها إلى مجاميع موالية لعمرو بن حبريش—أعادت إلى الطريق لغةً أخرى: جباياتٌ بلا سقفٍ قانوني، وازدحامٌ بلا نهاية، وأسئلةٌ أكثر من الأجوبة.

“عدوى” نقطةٍ تتمدّد

“بدأت بنقطةٍ واحدة”، يقول تاجر نقلٍ يتردّد يوميًا بين الموانئ والمصافي، “ثم تفرّعت إلى نقاط متباعدة تحاكي بعضها البعض.”

وبحسب مصادر محلية، تُجبى مبالغ “كبيرة وغير منضبطة” من شاحنات المشتقات، تُقدَّر ما بين 2 إلى 4 مليون ريال لكل شاحنة، وتتجه “إلى جهاتٍ غير معلومة خارج رقابة الدولة”. ويؤكد سائقون أن الدفع يتمّ أحيانًا دون سند رسمي، وأن “عدوى الجباية” شجّعت مجاميع قبلية أخرى على نصب نقاط مماثلة “بحثًا عن موارد سريعة”.

في مدينةٍ قريبة من مسار القوافل، يطفئ صاحب بقالة مصابيحه باكرًا. “فاتورة الكهرباء تضاعفت… والانقطاعات أطول”، يقول وهو يراجع حسابات يومٍ كاسد. بالنسبة له، ما يُدفع على الطريق يعود على الرفوف: ارتفاعٌ في سعر الوقود يعني نقلًا أغلى، فتوريدًا أقل، وغلاءً يعضّ المستهلك الأخير.

ذاكرة الأمن… وامتحان الطريق

لطالما كانت طرق حضرموت بحماية النخبة الحضرمية ممراتٍ آمنة تنساب خلالها التجارة بثقة معقولة. غير أن انتشار نقاط تحصيل خارج القانون يهدّد هذه المكاسب. ضابطٌ سابق يعلّق: “الطريق لا يحتمل مرجعيتين؛ عندما تتعدد الجهات التي تُوقف وتُحصّل، تضيع هيبة الدولة وتتشوّه السلسلة الأمنية.”

تحت الشاحنات الثقيلة، يلتهم الإسفلت خطوط الرحلة، لكن القلق يسبق العجلات. “الخوف ليس من التوقف بحد ذاته”، يضيف سائق شاب، “بل من أن تتحوّل هذه النقاط إلى أغطية لعبورٍ غير مشروع مخدرات، سلاح، أو حتى نشاطات متطرفة طالما أن المال يتحرّك خارج الرقابة.”

اقتصاد ظل… وفاتورة اجتماعية

يرى اقتصاديون محليون أن الجبايات العشوائية لا تنتج “إيرادًا عامًا” بل “اقتصاد ظلّ” يضعف المالية العامة ويغذّي دوائر نفوذ خارجية، ما يترك الخدمات—وفي مقدمتها الكهرباء—في دائرة عجزٍ مزمن. “كل ريالٍ يُجنى خارج الخزينة يعود أضعافًا كلفةً على المواطن”، يقول أحدهم، مشيرًا إلى أن ارتفاع تكاليف النقل ينعكس فورًا على أسعار السلع الأساسية.

على مستوى السلم الاجتماعي، تصنع هذه الظاهرة اصطفافاتٍ جديدة، وتفتح شهيّة الاستنساخ: “إذا جاز لهذه المجموعة أن تُحصّل، فلماذا لا يجوز لغيرها؟” سؤالٌ خطير في بيئةٍ محافظة كانت تُضرب بها الأمثال في الانضباط.

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

"قرار من طهران قد يغيّر موازين القوى في المنطقة"

العين الثالثة | 616 قراءة 

اعلان رئاسي بشان الزُبيدي (بيان)

العربي نيوز | 491 قراءة 

اغتصاب فتاة اوكرانية بطريقة مرعبة والنهاية كانت صادمة "صور"

التغيير برس | 430 قراءة 

بيان صادر عن الجالية الجنوبية في المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي

الوطن العدنية | 398 قراءة 

دعم دولي لصرف جميع الرواتب

نيوز لاين | 318 قراءة 

عاجل: اتفاق تاريخي.. حماس تعلن توصلها لاتفاق مع إسرائيل لإنهاء (حرب غزة) وترامب: إنه  (يوم عظيم)

موقع الأول | 299 قراءة 

"اسرائيل" تعلن بدء معركة الحوثيين

العربي نيوز | 284 قراءة 

تصريح ناري من سفير اليمن: الجنوب العربي مشروع مشين منذ بدايته

المرصد برس | 258 قراءة 

صدمة مدوية.. بنك شهير يتواجد فيه مبلغ ٤٠ الف ريال و٢٠٠ دولار بعدن

كريتر سكاي | 251 قراءة 

عاجل.. فيديو يوثق لحظة الرعب ويكشف تفاصيل مأساة خور مكسر!

موقع الأول | 231 قراءة