طرق حضرموت بين قبضة “الجباية” وذاكرة الأمن

     
صوت العاصمة             عدد المشاهدات : 76 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
طرق حضرموت بين قبضة “الجباية” وذاكرة الأمن

على الطريق الطويلة الممتدة بين الساحل والوادي، توقّفت قافلة شاحنات النفط عند نقطة مستحدثة لا تحمل اسمًا رسميًا ولا لافتة واضحة. يهبط سائقٌ خمسيني من مقصورته، يطوي إيصالًا بخطّ يد مرتجف، ويهمس: “ندفع هنا… ثم ندفع هناك. لا أحد يشرح لماذا، ولا إلى أين تذهب هذه الأموال.” خلفه، تتراصّ شاحنات أخرى، محركاتها تئنّ، وعيون سائقيها تتبادل الإشارات الحذرة.

هذا المشهد لم يكن مألوفًا في حضرموت خلال السنوات التي نجحت فيها قوات النخبة الحضرمية في بناء انضباط أمني على الطرق الحيوية. لكن عودة نقاط جباية عشوائية—تُنسب مصادر ميدانية بعضها إلى مجاميع موالية لعمرو بن حبريش—أعادت إلى الطريق لغةً أخرى: جباياتٌ بلا سقفٍ قانوني، وازدحامٌ بلا نهاية، وأسئلةٌ أكثر من الأجوبة.

“عدوى” نقطةٍ تتمدّد

“بدأت بنقطةٍ واحدة”، يقول تاجر نقلٍ يتردّد يوميًا بين الموانئ والمصافي، “ثم تفرّعت إلى نقاط متباعدة تحاكي بعضها البعض.”

وبحسب مصادر محلية، تُجبى مبالغ “كبيرة وغير منضبطة” من شاحنات المشتقات، تُقدَّر ما بين 2 إلى 4 مليون ريال لكل شاحنة، وتتجه “إلى جهاتٍ غير معلومة خارج رقابة الدولة”. ويؤكد سائقون أن الدفع يتمّ أحيانًا دون سند رسمي، وأن “عدوى الجباية” شجّعت مجاميع قبلية أخرى على نصب نقاط مماثلة “بحثًا عن موارد سريعة”.

في مدينةٍ قريبة من مسار القوافل، يطفئ صاحب بقالة مصابيحه باكرًا. “فاتورة الكهرباء تضاعفت… والانقطاعات أطول”، يقول وهو يراجع حسابات يومٍ كاسد. بالنسبة له، ما يُدفع على الطريق يعود على الرفوف: ارتفاعٌ في سعر الوقود يعني نقلًا أغلى، فتوريدًا أقل، وغلاءً يعضّ المستهلك الأخير.

ذاكرة الأمن… وامتحان الطريق

لطالما كانت طرق حضرموت بحماية النخبة الحضرمية ممراتٍ آمنة تنساب خلالها التجارة بثقة معقولة. غير أن انتشار نقاط تحصيل خارج القانون يهدّد هذه المكاسب. ضابطٌ سابق يعلّق: “الطريق لا يحتمل مرجعيتين؛ عندما تتعدد الجهات التي تُوقف وتُحصّل، تضيع هيبة الدولة وتتشوّه السلسلة الأمنية.”

تحت الشاحنات الثقيلة، يلتهم الإسفلت خطوط الرحلة، لكن القلق يسبق العجلات. “الخوف ليس من التوقف بحد ذاته”، يضيف سائق شاب، “بل من أن تتحوّل هذه النقاط إلى أغطية لعبورٍ غير مشروع مخدرات، سلاح، أو حتى نشاطات متطرفة طالما أن المال يتحرّك خارج الرقابة.”

اقتصاد ظل… وفاتورة اجتماعية

يرى اقتصاديون محليون أن الجبايات العشوائية لا تنتج “إيرادًا عامًا” بل “اقتصاد ظلّ” يضعف المالية العامة ويغذّي دوائر نفوذ خارجية، ما يترك الخدمات—وفي مقدمتها الكهرباء—في دائرة عجزٍ مزمن. “كل ريالٍ يُجنى خارج الخزينة يعود أضعافًا كلفةً على المواطن”، يقول أحدهم، مشيرًا إلى أن ارتفاع تكاليف النقل ينعكس فورًا على أسعار السلع الأساسية.

على مستوى السلم الاجتماعي، تصنع هذه الظاهرة اصطفافاتٍ جديدة، وتفتح شهيّة الاستنساخ: “إذا جاز لهذه المجموعة أن تُحصّل، فلماذا لا يجوز لغيرها؟” سؤالٌ خطير في بيئةٍ محافظة كانت تُضرب بها الأمثال في الانضباط.

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

الزبيدي يضع شرطًا لمشاركة القوات الجنوبية في تحرير صنعاء

الوطن العدنية | 769 قراءة 

والد الشاب عامر باحاج يروي تفاصيل مروعة عن اعد. ام نجله امامه بشبوة

كريتر سكاي | 697 قراءة 

اول شخصية حكومية كبيرة تلتقي الزبيدي في قصر معاشيق وتبارك له وتهنيه بانقلابه على الدولة (الاسم والصورة)

المشهد الدولي | 601 قراءة 

مكتب رئاسة الجمهورية اليمنية يصدر بيان هام بخصوص الزبيدي وهذا ماجاء فيه

المشهد الدولي | 547 قراءة 

بعد غياب طويل.. علي سالم البيض يعود إلى عدن وسط جدل حول الوحدة اليمنية

المرصد برس | 343 قراءة 

شيخ قبلي يوجه دعوة للحشد ضد قبيلة آل لسود و يلعن قبائل شبوة اذا صمتت على حادثة اعدام باحاج .. فيديو

يمن فويس | 341 قراءة 

السعودية تكشف رسميًا عن الفئات الممنوعة من الحصول على تصاريح وتأشيرات الحج لموسم 1447

نيوز لاين | 333 قراءة 

الإصلاح يرد بقوة على اتهامات "سكاي نيوز" بشأن الهجوم على معسكر الانتقالي

نيوز لاين | 325 قراءة 

الانتقالي الجنوبي يبحث عن حلول لتخفيف الغضب السعودي

نيوز لاين | 316 قراءة 

استياء شعبي واسع لإعدام مواطن بطريقة بشعة من قبل قبليين في شبوة بعد تسليمه لهم

الوطن العدنية | 291 قراءة