أثار إعلان وزارة الخدمة المدنية والتأمينات – الديوان العام بالعاصمة عدن، عن توفر عدد من الوظائف الشاغرة في تخصصات إدارة الأعمال، المحاسبة، القانون التجاري، والاقتصاد، موجة واسعة من الجدل والسخرية على منصات التواصل الاجتماعي، بعد أن اشترطت الوزارة شروطًا وصفها النشطاء والمواطنون بـ"التعجيزية"، لا تتماشى مع واقع سوق العمل أو طبيعة الرواتب الحكومية المتدنية.
وبحسب الإعلان الرسمي، فإن من بين أبرز الشروط التي يجب أن تتوافر في المتقدمين أن يكونوا من خريجي الأعوام (2015 – 2020)، ومن أبناء محافظة عدن حصريًا، ومقيدًا رسميًا في مكتب الخدمة المدنية، وأن يكون من أوائل جامعة عدن بمعدل لا يقل عن
95%
، فضلاً عن إتقان اللغة الإنجليزية ومهارات الحاسوب، والحصول على درجة البكالوريوس أو أعلى.
وبدا الإعلان للوهلة الأولى كفرصة "ذهبية" لشريحة واسعة من الخريجين العاطلين عن العمل، إلا أن التفاصيل الدقيقة للاشتراطات فجّرت موجة من الغضب والاستهجان، إذ اعتبرها كثيرون "منفصلة تمامًا عن الواقع"، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها البلاد، وتأخر صرف رواتب آلاف الموظفين الحكوميين لأشهر، بل وأحيانًا لسنوات.
سخرية لاذعة وتعليقات نارية
لم يتردد نشطاء وصحفيون ومواطنون في التعبير عن استغرابهم عبر منصات التواصل، حيث سخر الصحفي
ماجد الداعري
قائلًا:
“لو توفرت هذه الشروط مع أي خريج جامعي بهذه المواصفات والقدرات، ما عاد يحتاج لوظيفتكم ولا يمكن يقبلها.”
فيما علّق الناشط
معاذ العقربي
بنبرة ساخرة:
“أصحاب هذه الشروط بتلاقوهم بالقبور.. شروط تعجيزية وفي الأخير الراتب 60 ألف كل ثلاثة أشهر!”
وأضاف المواطن
أحمد وضاح
معبّرًا عن استيائه من الأولويات المعكوسة:
“اصرفوا رواتب الموظفين القائمين بهم بالأول، بعدين نزّلوا إعلانات وظائف ؟؟؟؟”
ومن جانبها، انتقدت المواطنة
ميار العاصي
استبعاد خريجي الأعوام السابقة، متسائلة:
“مالهم أصحاب تقدير جيد جدًا؟ وخرّيجي 2011 – 2012 نسيتوهم؟ كل سنة تجديد بيانات وفي الأخير ما تشتوهم؟”
بينما رأى الصحفي
نجيب محفوظ الكلدي
أن هذه المواصفات تصلح لسوق العمل الخاص، لا الحكومي، قائلاً:
“لو وجدت هذه المواصفات والميزات، كان قدهم موظفين في القطاع الخاص برواتب بالدولار!”
إحباط متزايد وفقدان الثقة
ويرى مراقبون أن مثل هذه الإعلانات، رغم نواياها المعلنة في تحسين جودة الكوادر الحكومية، إلا أنها في واقع الأمر تعمّق الهوة بين الشباب الباحثين عن فرص عمل والمؤسسات الرسمية، خاصة حين تُطرح شروط "مثالية" لا تراعي الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي يعيشها المواطنون.
ويشير هؤلاء إلى أن التركيز على معدلات عالية جدًا، وتحديد سنوات تخرج ضيقة، واستثناء فئات واسعة من الخريجين، يُشعر الكثيرين بأن هذه الإعلانات لا تهدف حقًا لتوظيف الكفاءات، بل قد تكون أداة لاستيعاب فئة محددة أو لتجميل الصورة دون تحقيق أثر حقيقي على البطالة المتفاقمة.
وفي ظل غياب رؤية واضحة لمعالجة أزمة الرواتب المتأخرة، وغياب الشفافية في آليات التوظيف، يبقى السؤال الأبرز: هل تسعى الجهات الحكومية حقًا لتوظيف الكفاءات، أم أن هذه الإعلانات مجرد "مناورات إعلامية" لا تُترجم على أرض الواقع؟
الجدير بالذكر أن محافظة عدن، كعاصمة مؤقتة، تشهد تراكمًا كبيرًا في أعداد الخريجين العاطلين عن العمل، ما يجعل أي إعلان وظيفي حدثًا مجتمعيًا بارزًا، لكنه يتحول سريعًا إلى مصدر للسخرية والغضب حين لا يتوافق مع تطلعات الشباب أو واقعهم المعيشي.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news