اليمن.. المبادرات المجتمعية بديلاً من مشاريع الدولة الخدمية

     
الموقع بوست             عدد المشاهدات : 104 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
اليمن.. المبادرات المجتمعية بديلاً من مشاريع الدولة الخدمية

وسط أزمات اليمن المتراكمة، تغيب المشاريع الخدمية التي تنفّذها السلطات في البلاد، فيُحرَم المواطنون من الكثير. لكنّ مبادرات تُسجَّل هنا وهناك، تأتي بها جهات مختلفة في محاولات لسدّ النقص الرسمي.

 

مرّ أكثر من أربعين عاماً على شقّ طريق مديرية مشرعة وحدنان، التابعة لمحافظة تعز اليمنية، جنوب غربي البلاد، الذي يربط المديرية بمدينة تعز، غير أنّ أبناء قرية عدن ديمة ظلّوا يحلمون بوصول الطريق إلى قريتهم، وذلك من أجل التخفيف من معاناتهم في نقل المواد التي يحتاجون إليها في عيشهم وكذلك نقل المرضى. يُذكر أنّ الطريق الرئيسي يبعد عن قرية عدن ديمة نحو كيلومترَين، الأمر الذي يضاعف معاناة الأهالي. من هنا، بجهود ذاتية، قرّر الأهالي شقّ الطريق بأنفسهم وبأدوات بدائية عبر مبادرة مجتمعية أنشأوها، وذلك بعد طول خلاف بينهم وبين أهالي قرية المحرس المجاورة على قطعة أرض. وفي النهاية، حُلّت المشكلة بالتحكيم القبلي، وكان التراضي بين الجانبَين.

 

يقول داؤود العبيدي، من أبناء قرية عدن ديمة، لـ"العربي الجديد" إنّ "بعد حلّ الخلاف بين القريتَين، اجتمعنا نحن أبناء قرية عدن ديمة، وقرّرنا شقّ الطريق الفرعي الذي يصل قريتنا بطريق المديرية الرئيسي. فشكّلنا مبادرة مجتمعية، واستعنّا بخبراء قدّموا دراسات هندسية للطريق المزمع إنجازه". يضيف العبيدي أنّ "أهالي عدن ديمة عمدوا إلى تعويض أهالي قرية المحرس عن الأراضي الخاصة بمزارع القات التي سوف يجتازها الطريق. ثمّ بدأوا بشقّ الطريق الذي من شأنه أن يفيد أكثر من ثلاثة آلاف نسمة؛ هم سكان قرى عدن ديمة والنوامي والرباط والأرجام والعويرضة".

 

ويوضح العبيدي: "بدأنا العمل بجهود ذاتية، علماً أنّ سكان القرية هم من المزارعين البسطاء، وليس من بينهم تجّار أو مغتربون قادرون على تقديم الدعم وتبنّي المشروع. وعرضنا مبادرتنا على فاعلي خير عبر وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل إعلام محلية، وقد أظهرنا معاناة الأهالي في شقّ الطريق يدوياً". يتابع أنّ "بعد إنجاز نحو نصف الأعمال، تلقّينا دعماً من فاعلي خير، وأتممنا العمل"، واصفاً الطريق بأنّه "إنجاز كبير خفّف كثيراً من الأعباء عن الأهالي الذين بدت واضحة عليهم الفرحة عند وصول أول سيارة إلى القرية".

 

وتُعتبر مبادرة طريق عدن ديمة واحدة من مئات المبادرات الاجتماعية التي نفّذها يمنيون، بوصفها مشاريع خدمية، في ظلّ غياب الدولة، مع العلم أنّ تلك المبادرات تعتمد بصورة رئيسية على المواطنين في تمويلها وإنجازها. ويُسجَّل هذا النوع من المبادرات في الريف اليمني، خصوصاً في محافظات تعز وذمّار وريمة.

 

وكانت الحرب التي يشهدها اليمن، منذ أكثر من عشر سنوات، قد أدّت إلى غياب مؤسسات الدولة، وتخلّفها عن دورها في ما يخصّ تقديم الخدمات العامة للمواطنين، إذ إنّها صارت عاجزة عن القيام بدورها وسط الأزمة الإنسانية الكبرى. وقد دفع هذا الغياب المجتمع إلى تحمّل مسؤولياته، من خلال مبادرات خاصة بمشاريع متنوّعة بدعم من أبناء المجتمع، ولا سيّما من التجّار والمغتربين الذين يُعَدّون العمود الفقري لهذه المبادرات. وتشمل أبرز المشاريع شقّ طرقات ودعم قطاع التعليم، بالإضافة إلى أخرى في مجالات الزراعة والصحة والمياه والصرف الصحي وغيرها.

 

ووسط الحرب في البلاد، سُجّلت واحدة من أولى المبادرات المجتمعية في منطقة وصاب وسط اليمن، قبل أن تتوسّع المبادرات وتتمدّد إلى مختلف محافظات اليمن، خصوصاً محافظة ريمة التي قامت فيها مشاريع شقّ طرقات في جبال شديدة الوعورة، وهو أمر سُجّل في مختلف أنحاء البلاد.

 

وإلى جانب شقّ الطرقات، غطّت المبادرات المجتمعية جوانب أخرى، كما هي الحال في ريف تعز، مع إطلاق أبناء العزاعز مبادرة لدعم التعليم في المنطقة. ويقول صبري العزعزي، من مؤسّسي المبادرة، لـ"العربي الجديد" إنّ "مع نشوب الحرب في اليمن وتوقّف صرف الرواتب، اضطرّ مدرّسون كثيرون إلى ترك التعليم والبحث عن مصادر دخل أخرى، الأمر الذي انعكس سلباً على هذا القطاع. فأنشأنا مبادرة تعتمد على جمع التبرّعات من المغتربين والتجّار لتشييد مدارس، وتوفير رواتب شهرية للمدرّسين في مقابل استمرارها بأداء العملية التعليمية. كذلك دعمنا التلاميذ بالمستلزمات المدرسية".

 

في هذا السياق، يقول الصحافي، أحمد الكمالي، مؤسس ورئيس تحرير منصة بناء المتخصّصة في رصد المبادرات المجتمعية، لـ"العربي الجديد": "لا بيانات رسمية شاملة لمشاريع المبادرات المجتمعية التي نُفّذت في اليمن خلال الحرب. ووفقاً للأرقام المتوفّرة، فإنّ عدد المبادرات التنموية التي نُفذِّت في 13 محافظة يمنية تحت سيطرة الحوثيين بلغت 1537 مبادرة، خلال عام 2020، علماً أنّ العدد الأكبر منها شمل طرقات بنسبة 59%، يليها التعليم بنسبة 11%، ثمّ المياه والزراعة ومبادرات أخرى في الصحة والبيئة والصرف الصحي والأوقاف بنسب متفاوتة".

 

ويشير الكمالي إلى أنّ "تأثير الحرب يقف وراء انتشار هذه المبادرات، إذ من الممكن قراءة ازدهار هذه التجارب بوصفه تعبيراً لمقاومة المجتمع ورفضه الحرب". ويتابع أنّ "نجاح المبادرات يكمن في أنّها تلبّي متطلبات خدمية ماسة للمجتمعات المحلية حيث تُنفَّذ، بالتالي يرى السكان مصلحة حقيقية لهم من خلال الالتفاف حولها. كذلك يأتي دعم المغتربين عامل نجاح، ثمّ تطويع منصات التواصل الاجتماعي بما يخدم تلك المبادرات المجتمعية ونشاطها، الأمر الذي جعلها تزدهر وتتوسّع بوقت قياسي"، مشدّداً على أنّ "في نجاح كلّ تجربة إلهاماً لتجربة أخرى في منطقة أو قرية أخرى من اليمن".

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

أول ضربة جوية على مواقع الانتقالي بوادي حضرموت… الناطق العسكري يكشف التفاصيل

نيوز لاين | 1067 قراءة 

هجوم على قوات الانتقالي

كريتر سكاي | 798 قراءة 

صورة تجمع وزير الدفاع بشقيقه في معسكر الانتقالي تشعل الجدل حول موقفه السياسي

موقع الجنوب اليمني | 783 قراءة 

قيادات حزب الإصلاح تستعد لمغادرة الحياة السياسية.. وإعلان رسمي يكشف ما يحدث خلف الكواليس

المشهد اليمني | 476 قراءة 

ناشط موالٍ للحوثيين يحذّر من انفجار مؤجّل

نافذة اليمن | 471 قراءة 

أنباء عن تعيين القائد السابق للمنطقة العسكرية الثانية قائداً للفرقة الثانية بـ«درع الوطن» وبدء إعادة هيكلة القوات في صحراء العبر

يني يمن | 461 قراءة 

خيانات وزراء الدفاع: كيف مهد محمد ناصر أحمد ومحسن الداعري لدخول الميليشيات؟

إيجاز برس | 442 قراءة 

ظهور قيادي عسكري جنوبي بارز في اعتصام عدن وسط انتقادات لممارسات ”المليشيات الانتقالي”

المشهد اليمني | 433 قراءة 

لحج قرارات لهاشم السيد بفصل جنود من أبناء المحافظة داخل ألوية الحماية الرئاسية واستبدالهم

موقع الجنوب اليمني | 411 قراءة 

بلا علم ولا صورة ولا دولة ..الزبيدي يترأس اجتماعاً رفيعاً لقيادة الانتقالي في قصر معاشيق

يني يمن | 291 قراءة