ازدحام الأحياء والأموات في عمّان!
في ظل تزايد سكان العاصمة الأردنية عمّان وارتفاع تكاليف السكن والطرق، برزت أزمة جديدة : الموتى يزاحمون الأحياء على المساحات، إذ تقترب المقابر من الإشباع وتتحول تكاليف الدفن والعزاء إلى عبء يثقل كاهل الأسر الفقيرة
📈 تشير التقديرات الرسمية إلى تسجيل 35 – 40 ألف وفاة سنوياً في #الأردن، بينها أكثر من 7 آلاف وفاة في عمّان وحدها، ما يضع ملف "اقتصاد الموت" في صدارة التحديات الحضرية والاجتماعية المقبلة.
ملخص
أصبحت تكاليف الوفاة في الأردن تمثل عبئاً موازياً لتكاليف الزواج تقريباً ما يدفع كثيراً من الأسر للاقتراض، ناهيك عن ضيق المساحات المخصصة للدفن لا سيما في العاصمة عمان.
في وقت يزداد ازدحام العاصمة الأردنية عمان بالسكان والمباني والطرقات، يطل وجه آخر للأزمة، فالموتى أيضاً يزاحمون الأحياء على المساحات، إذ تقترب المقابر الكبرى في عمان من مرحلة الإشباع، بينما باتت تكاليف الدفن والتعزية عبئاً يفوق قدرة الأسر الفقيرة.
وبينما تتزاحم بعض الاقتراحات المثيرة للجدل لحل المشكلة، يتحول "اقتصاد الموت" إلى ملف مسكوت عنه، لكنه مرشح لأن يكون أحد أعقد تحديات التخطيط الحضري والعدالة الاجتماعية في الأردن خلال السنوات المقبلة. إذ تشير التقديرات الرسمية إلى أن البلد يسجل ما بين 35 إلى 40 ألف حالة وفاة سنوياً، منها أكثر من 7 آلاف وفاة في عمان وحدها.
اقتصاد الموت
يرى مراقبون أن "إدارة الموت" جانب اقتصادي مهم لا ينبغي إغفاله أو التعامل معه كأمر ثانوي، فهو مرتبط بتوفير المساحات والخدمات وتكاليف الجنازة والدفن، وهي جوانب غالباً ما يتم إهمالها في نقاشات التخطيط الحضري. لكن في مدن متسارعة النمو مثل عمّان، تقلّ المساحات المتاحة للدفن سنة بعد أخرى وتتزايد الضغوط على البلديات وترتفع التكاليف وتتعقد التقاليد الاجتماعية المرتبطة بالوفاة والعزاء.
خلال جائحة كورونا، وجد الأردنيون أنفسهم أمام مشكلة ازدحام المقابر، في ظل ارتفاع قياسي في عدد الوفيات يومياً، مع وجود نحو 133 مقبرة في العاصمة عمان وحدها، غالبيتها مقابر إسلامية.
وتشير إحصاءات حديثة إلى أن عدد سكان الأردن يقترب من 12 مليون نسمة، يتركز معظمهم في العاصمة، ما يعني تسجيل المزيد من الوفيات المطلوب دفنها سنوياً، كذلك تشير الإحصاءات الرسمية إلى أن المقابر العامة في عمان تستقبل يومياً عشرات الجنازات، وأن الدونم الواحد يمكن أن يتسع تقريباً لنحو 240 قبراً.
وفي حال استمرار النمو السكاني الحالي (2.1 في المئة سنوياً)، فإن عدد سكان الأردن سيصل إلى 14 مليون نسمة بحلول 2035، وهذا النمو يعني ارتفاعاً موازياً في عدد الوفيات إلى ما يقارب50 ألف حالة سنوياً، وهو ما يتطلب إضافة آلاف القبور الجديدة.
من جهتها، تقول بلدية عمان إن التكلفة الفعلية لإنشاء القبر من تجهيزات وبنى تحتية تفوق ما تحصل عليه فعلياً من المواطن، إذ يدور الحديث عن تقديرات بنحو 600 دولار للقبر الواحد، بينما لا يتم تحصيل أكثر من 65 دولاراً كرسوم دفن من المواطنين.
logo
الأخبار
سياسة
آراء
اقتصاد
ثقافة
منوعات
رياضة
صحة
تحقيقات ومطولات
اندبندنت عربية TV
اقرأ الآن
الأردن و"اقتصاد الموت": المقابر مشكلة عمرانية أم دينية؟
ضغط متزايد على مساحات الدفن في عمّان وعبء مادي على الفقراء وسماسرة يحولونه إلى سوق سوداء
طارق ديلواني صحافي @DilawaniTariq
السبت 4 أكتوبر 2025 12:25
جنازة في إحدى المقابر الإسلامية في العاصمة الأردنية عمان (مواقع التوصل)
ملخص
أصبحت تكاليف الوفاة في الأردن تمثل عبئاً موازياً لتكاليف الزواج تقريباً ما يدفع كثيراً من الأسر للاقتراض، ناهيك عن ضيق المساحات المخصصة للدفن لا سيما في العاصمة عمان.
في وقت يزداد ازدحام العاصمة الأردنية عمان بالسكان والمباني والطرقات، يطل وجه آخر للأزمة، فالموتى أيضاً يزاحمون الأحياء على المساحات، إذ تقترب المقابر الكبرى في عمان من مرحلة الإشباع، بينما باتت تكاليف الدفن والتعزية عبئاً يفوق قدرة الأسر الفقيرة.
وبينما تتزاحم بعض الاقتراحات المثيرة للجدل لحل المشكلة، يتحول "اقتصاد الموت" إلى ملف مسكوت عنه، لكنه مرشح لأن يكون أحد أعقد تحديات التخطيط الحضري والعدالة الاجتماعية في الأردن خلال السنوات المقبلة. إذ تشير التقديرات الرسمية إلى أن البلد يسجل ما بين 35 إلى 40 ألف حالة وفاة سنوياً، منها أكثر من 7 آلاف وفاة في عمان وحدها.
اقتصاد الموت
يرى مراقبون أن "إدارة الموت" جانب اقتصادي مهم لا ينبغي إغفاله أو التعامل معه كأمر ثانوي، فهو مرتبط بتوفير المساحات والخدمات وتكاليف الجنازة والدفن، وهي جوانب غالباً ما يتم إهمالها في نقاشات التخطيط الحضري. لكن في مدن متسارعة النمو مثل عمّان، تقلّ المساحات المتاحة للدفن سنة بعد أخرى وتتزايد الضغوط على البلديات وترتفع التكاليف وتتعقد التقاليد الاجتماعية المرتبطة بالوفاة والعزاء.
خلال جائحة كورونا، وجد الأردنيون أنفسهم أمام مشكلة ازدحام المقابر، في ظل ارتفاع قياسي في عدد الوفيات يومياً، مع وجود نحو 133 مقبرة في العاصمة عمان وحدها، غالبيتها مقابر إسلامية.
وتشير إحصاءات حديثة إلى أن عدد سكان الأردن يقترب من 12 مليون نسمة، يتركز معظمهم في العاصمة، ما يعني تسجيل المزيد من الوفيات المطلوب دفنها سنوياً، كذلك تشير الإحصاءات الرسمية إلى أن المقابر العامة في عمان تستقبل يومياً عشرات الجنازات، وأن الدونم الواحد يمكن أن يتسع تقريباً لنحو 240 قبراً.
وفي حال استمرار النمو السكاني الحالي (2.1 في المئة سنوياً)، فإن عدد سكان الأردن سيصل إلى 14 مليون نسمة بحلول 2035، وهذا النمو يعني ارتفاعاً موازياً في عدد الوفيات إلى ما يقارب50 ألف حالة سنوياً، وهو ما يتطلب إضافة آلاف القبور الجديدة.
من جهتها، تقول بلدية عمان إن التكلفة الفعلية لإنشاء القبر من تجهيزات وبنى تحتية تفوق ما تحصل عليه فعلياً من المواطن، إذ يدور الحديث عن تقديرات بنحو 600 دولار للقبر الواحد، بينما لا يتم تحصيل أكثر من 65 دولاراً كرسوم دفن من المواطنين.
1 (1).jpg
مقبرة سحاب الإسلامية اكبر مقابر العاصمة الأردنية عمان باتت تضيق على من فيها (مواقع التواصل)
حلول تقليدية
يؤكد مراقبون أن الدفن التقليدي القائم حالياً، يتطلب مساحات أفقية واسعة، في مدينة تعاني من ارتفاع أسعار الأراضي ونمط عمران كثيف مثل عمّان، إذ يصبح تخصيص مساحات كبيرة للدفن أمراً مكلفاً وغير مستدام.
أما الحلول التقليدية كنقل المقابر إلى أطراف المدينة، فلم تنجح مع امتداد العمران لتصبح تلك الأطراف جزءاً من النسيج العمراني لاحقاً، وتكمن المشكلات اليوم في صعوبة الوصول، ونقص البنية التحتية والافتقار لسجلات دقيقة بمواقع القبور، والتكاليف العالية لإقامة مقبرة جديدة أو توسيع القائمة منها. ومع ذلك أعلنت أمانة العاصمة العام الماضي عن طرح مناقصات وبنى تحتية لتوسعة المقابر، لكن يبدو أن الحاجة تتزايد بمعدلات تفوق وتيرة الاستجابة، كذلك تم الإعلان قبل سنوات عن تجهيز مقبرة جديدة بمساحة 5000 دونم لخدمة العاصمة لمدة 100 عام.
ويؤكد أستاذ العمارة والتخطيط الحضري مراد الكلالدة، أن عمان تحوي 133 مقبرة غالبيتها إسلامية، موضحاً أن ثمة مشكلات تعتري وجود المقابر في العاصمة كمقبرة سحاب التي تُعد الأكبر، حيث أن وجود المسجد على مدخل المقبرة هو أحد الأسباب المؤدية إلى الاكتظاظ المروري فيها، بينما تبلغ مساحتها 2000 دونم وتتسع إلى 400 ألف قبر، ويبلغ معدل الدفن اليومي فيها 50 متوفياً، في حين أن نسبة استهلاك القبور بها تصل إلى 22 سنة.
وأشار الكلالدة إلى أن المساحة المستهلكة للقبر الواحد تبلغ 5 أمتار مربعة، وأن الدونم الواحد يتسع إلى 200 قبر. ويدعو الكلالدة إلى إعادة التفكير في المساحات المستهلكة، وأن تكون طريقة دفن الموتى بشكل عامودي.
هذه الحسابات البسيطة توضح أن استحداث مساحات جديدة أو تغيير سياسة الدفن بات ضرورة، إذ يمكن أن تصل بعض المناطق الحضرية إلى تشبع خلال سنوات قليلة. وهو ما يتطلب حواراً دينياً واجتماعياً واسعاً للوصول إلى حلول، كفكرة إعادة استخدام القبور بعد زمن طويل على رغم كونه محفوفاً بحساسيات دينية وثقافية وقانونية، وسط دعوات أخرى لدمج المقابر في منظومات المساحات الخضراء، وتخصيص صندوق اجتماعي لدفن الفقراء، وتخصيص سجلات رقمية وخرائط توثيق للقبور بشكل رقمي يساعد في التخطيط المستقبلي.
كما تبرز فكرة المقابر المشتركة والجماعية، والتي تدعو لتخصيص قطع أرض تستوعب أكثر من جثمان واحد مع مراعاة الضوابط الشرعية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news