في تصعيد مفاجئ يعكس نهج إدارته، وضع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أمام خيار مصيري، محدداً مهلة تنتهي مساء الأحد بتوقيت واشنطن للقبول بخطة أمريكية لإنهاء الحرب في قطاع غزة، ومحذراً من أن رفضها سيفتح على الحركة "أبواب جحيم غير مسبوق".
يأتي هذا الإنذار الحاد في سياق سياسي وميداني معقد، بعد عامين من حرب مدمرة بدأت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وحولت قطاع غزة إلى منطقة منكوبة إنسانياً وعمرانياً، وسط فشل متكرر لجهود الوساطة التقليدية التي قادتها مصر وقطر.
خلفية الخطة الأمريكية
طرح البيت الأبيض خطته في 29 سبتمبر/أيلول 2025، بعد أشهر من الجمود الدبلوماسي وتصعيد عسكري إسرائيلي أخير، يبدو أنه منح إسرائيل، بدعم أمريكي، تفوقاً ميدانياً كبيراً. وتزعم واشنطن أن هذا التصعيد الأخير أدى إلى محاصرة معظم من تبقى من مقاتلي حماس، وهو ما استند إليه ترامب في تهديداته.
الخطة الأمريكية، التي يروج لها ترامب باعتبارها "الحل النهائي"، تتجاوز مجرد وقف إطلاق النار لتفرض رؤية شاملة لمستقبل القطاع، وأبرز بنودها:
• وقف فوري للقتال: يبدأ خلال 72 ساعة من موافقة الطرفين.
• صفقة تبادل شاملة: إطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين لدى حماس مقابل إطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين، وهو ملف شهد تعثراً في جولات تفاوض سابقة.
• نزع السلاح الكامل: تجريد كافة فصائل المقاومة الفلسطينية من سلاحها لتحويل غزة إلى "منطقة خالية من السلاح"، وهو المطلب الإسرائيلي الأساسي الذي كان دائماً نقطة الخلاف الجوهرية.
• إدارة تكنوقراطية: تشكيل سلطة حكم من التكنوقراط (غير فصائلية) تتولى إدارة القطاع، مع انسحاب إسرائيلي تدريجي.
• إشراف دولي برئاسة ترامب: الأبرز في الخطة هو تشكيل هيئة دولية جديدة لمراقبة التنفيذ وإعادة الإعمار، تخضع للإشراف المباشر من الرئيس الأمريكي، في خطوة تهدف إلى إحكام السيطرة الأمريكية على مستقبل غزة.
تهديدات ترامب
عبر منصته "تروث سوشيال"، قال ترامب : إن "اتفاق غزة ينقذ حياة جميع مقاتلي حماس الباقين"، واصفاً عرضه بأنه "فرصة واحدة أخيرة".
وأضاف في لهجة تحذير مباشرة: "إذا لم يتم التوصل لاتفاق الفرصة الأخيرة بشأن غزة ستفتح أبواب جحيم غير مسبوق على حماس".
وتابع قائلاً إن معظم مقاتلي الحركة "مطوّقون ومحاصرون عسكرياً، في انتظار أن أعطي أنا الإذن لتتمّ إبادة حياتهم سريعا. أما بالنسبة إلى الآخرين، نعرف أين أنتم ومن أنتم، وستتم مطاردتكم وقتلكم".
كما وجه ترامب نداءً للفلسطينيين بمغادرة المناطق التي قد تشهد عمليات عسكرية وشيكة، واصفاً إياها بـ"أماكن الموت المحتملة"، والتوجه إلى مناطق أكثر أمناً، في تلميح إلى عملية عسكرية واسعة النطاق في حال رفض حماس.
موقف حماس والحسابات الصعبة
في المقابل، تبدو حماس في موقف لا تحسد عليه. فبعد عامين من الصمود في وجه آلة الحرب الإسرائيلية المدعومة أمريكياً، والتي خلفت، بحسب أرقام فلسطينية، أكثر من 66 ألف شهيد ونحو 169 ألف جريح، ومجاعة أودت بحياة المئات، تجد الحركة نفسها أمام ضغوط هائلة.
وصرح قيادي في الحركة لوكالة الصحافة الفرنسية بأن "الحركة ما زالت بحاجة لبعض الوقت لدرس خطة ترامب"، ما يعكس حجم التحديات التي تطرحها الخطة، التي تعني فعلياً إنهاء مشروع المقاومة المسلحة مقابل وقف نزيف الدم وإعادة الإعمار.
وتواجه الحركة الآن مفترق طرق بين القبول بخطة تعني تجريدها من قوتها العسكرية والسياسية، أو رفضها والمخاطرة بتصعيد قد يكون الأكثر دموية في تاريخ الصراع، خاصة في ظل التهديدات المباشرة من رئيس أمريكي يسعى لفرض حل بالقوة قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news