الإخوان وعسكرة تعز.. حين يتحول «اللواء 170» إلى وكر للفتك بمصالح المدينة
قبل 9 دقيقة
لم يعد اللواء 170 دفاع جوي في مدينة تعز مجرد كيان عسكري يُفترض أن يحمي الوطن والمواطن، بل تحوّل، وفق شهادات وتقارير محلية ووثائق منشورة، إلى جهازٍ موازٍ يخضع لهيمنة شبكات حزبية وعائلية تمارس العسكرة والتجني على المدنيين باسم «الاستقلال» و«الأمن». هذه التحولات لا تضر بتعز وحدها؛ بل تقوّض نسيج الدولة وتكرّس منطق الفوضى المسلح الذي يغذي الفرقة والضعف ويُسهِم في استمرار معاناة المواطنين.
لقد باتت حقائق ميدانية، موثقة في تحقيقات محلية، تربط أسماء قيادات في اللواء بملفات اغتيالات، ونهب، وبسط على الأراضي، وابتزاز تجار وأهالي، وهو ما يحوّل لواءً مفترضًا أنه درع الحماية إلى مصدر تهديد داخلي يفاقم مأساة مدينة محاصرة أصلاً من ميليشيا الحوثي. هذه الجرائم ليست مزاعم عابرة، بل أصدرت عنابر إعلامية وتحقيقات محلية وثائقًا وأسماء تدين عناصر قيادية في الوحدة.
المناطق والمحاور الأمنية التي تتحكم بها هذه الكتائب — الروضة، الموشكي، وكلابة — لم تعد مجرد مواقع عسكرية بل هي مربعات نفوذ تُستخدم كملاجئ للمطلوبين ومتورطين في ملفات القتل والتصفية. ووفق المصادر، فإن سيطرة بعض العائلات والنفوذ الحزبي داخل اللواء جعلت من القرار العسكري أداةً لتمكين لوبيات لا علاقة لها بحماية الوطن ولا بالشرف العسكري. هذه حقيقة مرّة يجب مواجهتها بقوة القانون والمؤسسات.
ولا يمكن للوطني الصادق أن يقبل أن يُستغل السلاح وتُختطف المؤسسات العسكرية لخدمة أجندات حزبية ضيقة. في وقت تحتاج فيه تعز إلى توحيد الصفوف لمواجهة العدو الخارجي ولتأمين حياة المدنيين، نجد أن جزءًا من المشهد الأمني الداخلي يُسهم في إطالة آلام الناس ويفتح الباب أمام انتهاكات تؤدي إلى تآكل الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة. إن السلاح في يد غير الدولة أو خارج إطار القانون هو جريمة في حق الوطن قبل أن تكون جريمة في حق البشر.
المشهد لا يحتاج إلى إدانة عاطفية فقط، بل إلى إجراءات حاسمة: كشف الحقائق، محاسبة المتورطين أمام القضاء، واستعادة المؤسسة العسكرية لحيادها ولبناتها المؤسساتية. السكوت أو التواطؤ مع عسكرة المدينة باسم «التحرير» أو «الأمن» يُعدّ مشاركة في جريمة مزدوجة؛ الأولى ضد أهل تعز، والثانية ضد مشروع الدولة. على أجهزة الأمن والسلطة المدنية أن تتحمل مسؤولياتها كاملة، وأن لا تسمح لأي جهة كانت أن تسلب من المواطن حقه في الأمان والعدالة.
من جهة ثانية، لا يمكن فصل هذه الظاهرة عن البنية السياسية التي تسمح بتكريس «دويلات» محلية داخل الدولة. جماعات تتخذ من الانتماء الحزبي غطاءً لتسليح أجندة خاصة تنفِّر بدورها المجتمع وتمنع قيام البدائل الوطنية الجامعة. الحل ليس بالمزيد من الصراعات البينية، بل بتعزيز مؤسسات الدولة، وإخضاع كل عنصر مسلّح للمساءلة القانونية، وفك أي ارتباط حزبي يصادر القرار العسكري. هذه خطوات أساسية لاستعادة التوازن والأمن والأمل في تعز واليمن ككل.
نداء أخير إلى العقلاء في الداخل والخارج: تعز ليست ملعباً لتصفية الحسابات، ولا فضاءً لمفاخر عسكرية مشروطة بالولاءات الحزبية. عليه أن يصطف الجميع خلف مطلب واضح وبسيط: «سلاح تحت سيادة الدولة، وقضاء مستقل، ومحاسبة علنية للمذنبين». هذا وحده مسارٌ يضع حدًّا لمعاناة الأهالي ويعيد للمدينة مكانتها التاريخية كمركز حضاري ووطنٍ جامع، لا ساحةً للتفكك والفوضى.
ختامًا، إن الوطنية ليست شعارات تُرفع في المناسبات، بل مواقف تُمارَس يوميًا. مصلحة تعز تقتضي صفّاً واحداً ضد كل أشكال العسكرة الحزبية، ومصلحة اليمن تقتضي دولةً تحكم بالسلاح والقانون معًا. أن نحمي تعز هو أن نُعيد الجيش للوطن، لا أن نتركه لقوى تحوّله إلى أداة ابتزاز وفوضى. وكل من يحنّ إلى وطنٍ حرٍّ سعيدٍ، عليه أن يرفع صوته اليوم — بصوت وطني مسؤول — ضد كل من يساهم في عسكرة المدينة باسم الدين أو الحزب أو المصالح الضيقة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news