غازي الأحول.. صوت سبتمبر خلف القضبان وصوت الحرية في قلوب اليمنيين
قبل 6 دقيقة
ما يزال الأستاذ غازي أحمد علي محسن الأحول، الأمين العام للمؤتمر الشعبي العام، مفقوداً في زنازين مليشيا الحوثي منذ اختطافه في 20 أغسطس من قلب صنعاء. هذا الاعتقال لا يحتاج إلى تفسير طويل: لا تهمة، لا محاكمة، ولا حتى إعلام رسمي يذكر سبباً مقنعاً. كل ما في الأمر أن رجلاً وطنياً ظل وفياً لروح ثورة 26 سبتمبر ومبادئ التعددية السياسية أصبح مصدر إزعاج لجهة ترى في الاختلاف جريمة.
عندما تختطف جماعة قيادياً وطنياً كبيراً وتخفيه قسرياً في سجون سرية، فإنها لا تنتصر على شخص واحد، بل تكشف عن مشروع سياسي قائم على الإقصاء والقمع. اعتقال الأحول رسالة واضحة بأن الحوثيين لا يتحملون سوى النسخة الأحادية من السلطة: إما الخضوع التام أو القمع. هذه الجماعة التي تزعم تمثيل "الإرادة الشعبية" تمارس أبشع أشكال إلغاء الآخر، وتحول أجهزة الدولة ومؤسساتها إلى أدوات ترويع وابتزاز.
ما يجري ليس حادثة عابرة، بل جزء من استراتيجية ممنهجة لاستهداف قيادات المؤتمر وكتمان الأصوات الوطنية. توقيت الاختطاف بعد إلغاء فعالية ذكرى تأسيس الحزب يؤكد أن الهدف ليس فقط اعتقال رجل، بل منع أي زخم شعبي أو سياسي قد يمنح الناس فسحة أمل ومصلحة وطنية مشتركة. الحوثيون يخشون أن تُعيد مبادرات وطنية بسيطة تذكير الناس بحقهم في حرية التعبير والمشاركة، فكان الرد القسري والسجن.
الانتهاكات المصاحبة لهذا الاعتقال — الإخفاء القسري، حرمان التواصل مع الأسرة، منع الكشف عن مكان الاعتقال — كلها جرائم واضحة بموجب القانون الدولي لقواعد حقوق الإنسان. منظمات حقوقية طالبت بتحرك دولي فوري، والنداء هنا ليس مجرّد شعارات بل واجب إنساني وسياسي: السكوت عن هذه الانتهاكات يعني تمكينها واستمرارها.
الازدواجية الحوثية في الطرح والممارسة باتت مكشوفة للجميع. يرفعون شعارات العزة والكرامة، بينما يسلبون الكرامة من المواطنين في الداخل. يتحدثون عن حماية الوطن ويغتالون أبسط حقوقه، يعلنون الاستقلالية ويمارسون استعباداً سياسياً يعيد اليمن عقوداً إلى الوراء. اعتقال الأحول يكشف زيف كل تلك الشعارات ويضع الحقيقية أمام عين كل يمني: هذه جماعة لا تؤمن بالشراكة ولا بالعمل السياسي الحر.
في المقابل، فإن صمود المجتمع المدني والأحزاب والناشطين، واستمرار المطالبات بالإفراج، يدلّان أن روح المقاومة الشعبية لا تموت بحبس رجل. الأحول يمثل رمزاً لتجذر قيم التعددية في الذاكرة الوطنية، وارتكاب جماعة مسلحة جريمة احتجازه لن يطفئ جذوة تلك القيم في نفوس اليمنيين.
المطلوب الآن أكثر من شجب وبيانات: مطلوب توحّد وطني فعّال، وموقف دولي عملي يضع حدّاً للإفلات من العقاب. على القوى السياسية والمجتمعية توحيد الأصوات، وعلى المجتمع الدولي تحويل الإدانات إلى خطوات ملموسة تضغط للإفراج فوراً عن الأحول وكل المختطفين. فالتهاون اليوم يساوي مصادرة مستقبل اليمن السياسي غداً.
غازي الأحول خلف القضبان اليوم، لكن الحقيقة والحقوق الحرة باقية، ولا يمكن لممارسات القمع أن تسجن إرادة شعب طالما يرفض الذل ويصون كرامته. الحوثيون قد يسجنون الأجساد، لكنهم عاجزون عن سجن الأمل.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news