ترامب يعيد رسم الاستراتيجية العسكرية وسط سباق التسلح

     
العين الثالثة             عدد المشاهدات : 49 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
ترامب يعيد رسم الاستراتيجية العسكرية وسط سباق التسلح

في مشهد يثير التساؤلات ويستحضر أجواء الحرب الباردة، جمع الرئيس الأميركي دونالد ترامب كبار قادة الجيش من مختلف أنحاء العالم داخل قاعدة عسكرية بولاية فرجينيا، في اجتماع وُصف بالمفاجئ والغامض.

هذا الحدث لم يكن عادياً، إذ جاء في توقيت حساس تتزايد فيه التوترات مع روسيا والصين، وسط حديث عن مضاعفة إنتاج السلاح الأميركي، واستعداد واشنطن لفرض نفسها مجددا في آسيا الوسطى، من بوابة أفغانستان تحديدا. فهل نحن أمام خطوات تمهّد لحرب عالمية ثالثة، أم مجرد رسائل ردع في لعبة النفوذ الدولية؟.

استعراض القوة ورسائل الداخل والخارج

ترامب لم يكتفِ بجمع الجنرالات، بل حرص على التأكيد أن الولايات المتحدة بنت "أعظم جيش في العالم" وتستعد لإنتاج "أعظم مقاتلة في التاريخ من الجيل السادس".

كما ذكر بإرساله غواصة نووية وُصفت بأنها الأشد فتكًا على الإطلاق في لحظة تهديد روسي.

هذه الرسائل حملت أكثر من دلالة: فهي تعكس رغبة الرئيس الأميركي في تثبيت صورة بلاده كقوة عسكرية لا تضاهى، وفي الوقت نفسه تأتي كتحذير مباشر لكل من موسكو وبكين، بأن واشنطن لا تزال قادرة على الحسم في ساحات النزاع المقبلة.

وزير الحرب الأميركي، بيت هيغسيث، الذي تولى قيادة هذا الاجتماع، أعلن بوضوح أن مهمة الجيش الأولى هي "الاستعداد للحرب بلا هوادة" وأن أي طرف يتحدى الولايات المتحدة "سيدفع الثمن".

وول ستريت جورنال كشفت أن البنتاغون بدأ فعلياً بمضاعفة إنتاج الصواريخ 4 مرات، بعد أن استنزفت المخزونات الأميركية نتيجة الإمدادات العسكرية المستمرة إلى أوكرانيا وإسرائيل.

كما أنشأت واشنطن ما يسمى "مجلس تسريع الذخائر"، في خطوة تترجم الشعور بالعجلة، وكأنها تخوض سباقاً مع الزمن لتعويض فجوات خطيرة في قدراتها.

المثير أن الوزير أطلق نقاشا حول إعادة تسمية البنتاغون إلى "وزارة الحرب"، وهو الاسم الذي حملته حتى أربعينات القرن الماضي، قبل أن يُستبدل بـ"وزارة الدفاع".

هذه الخطوة، وإن كانت رمزية وتحتاج لموافقة الكونغرس، إلا أنها تكشف عن توجّه سياسي – أيديولوجي داخل إدارة ترامب يعكس رؤية أكثر صراحة وعدوانية لطبيعة الدور الأميركي.

الممرات التجارية.. ساحة الاشتباك المقبلة

ترى واشنطن أن آسيا الوسطى مرشحة لتكون ساحة الاشتباك الجديدة. فالمنطقة ليست مجرد مساحة جغرافية، بل عقدة استراتيجية تمر عبرها معظم طرق التجارة البرية بين الشرق والغرب.

هناك "الحزام والطريق" الصيني، والممر الروسي الهندي عبر إيران، في مقابل مشروع أميركي هندي خليجي يصل إلى ميناء حيفا ومنه إلى أوروبا.

لذلك تصر إدارة ترامب على العودة إلى أفغانستان، معتبرة الانسحاب السابق "خطأ تاريخياً".

قاعدة باغرام الجوية تعود هنا إلى الواجهة. فترامب يرى استعادتها شرطا لإعادة فرض النفوذ الأميركي في قلب آسيا. لكن الصين وروسيا لم تتركا فراغاً؛ فقد سارعتا إلى تطبيع العلاقات مع طالبان، ما يجعل أي عودة أميركية محفوفة برد فعل عنيف.

يضاف إلى ذلك أن أفغانستان غنية بالمعادن الثمينة التي تُعتبر عنصراً أساسياً في سباق التكنولوجيا العالمي، ما يضاعف من أهميتها الاستراتيجية.

قراءة في الخلفيات

أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جورج تاون، إدموند غريب، علّق على هذا المشهد خلال حديثه لـ"التاسعة" على سكاي نيوز عربية، قائلاً إن الاجتماع أثار بالفعل جدلا واسعاً في واشنطن.

وأوضح أن وزير الحرب يهدف إلى إدخال تغييرات عميقة في المؤسسة العسكرية، من بينها تقليص عدد الجنرالات، وإعادة التركيز على "القوة الضاربة" للجيش، في مواجهة ما يعتبره المحافظون ثقافة داخلية "ليست ملائمة" لجيش يُفترض أن يكون قادراً على خوض معارك كبرى.

غريب أشار أيضاً إلى أن الرسائل موجهة للداخل والخارج معاً. في الداخل، يريد ترامب أن يظهر بمظهر القائد القادر على إعادة بناء الجيش وتعزيز الروح القتالية.

وفي الخارج، هي رسالة ردع صريحة لروسيا والصين بأن الولايات المتحدة مستعدة لتحدي أي قوة تحاول تقويض هيمنتها.

معضلة الاستنزاف العسكري

لكن في المقابل، أشار غريب إلى أن واشنطن تواجه معضلة حقيقية: فهي استنزفت جزءاً كبيراً من مخزونها العسكري عبر دعمها المتواصل لأوكرانيا وإسرائيل.

بينما روسيا تضاعف إنتاجها من الدبابات والصواريخ بثلاثة أضعاف ما ينتجه الغرب مجتمعاً. هذا الاختلال يثير القلق داخل القيادة الأميركية ويفسر اندفاع البنتاغون نحو مضاعفة إنتاج الذخائر. فالمسألة لم تعد مرتبطة فقط بإظهار القوة، بل بضمان الجاهزية إذا ما اندلعت مواجهة مباشرة.

الصراع لا يقتصر على آسيا الوسطى وحدها. غريب ذكّر بأن التوتر يمتد إلى البحر الأحمر، الشرق الأوسط، وحتى القطب الشمالي حيث تسيطر روسيا بشكل متزايد، وتنسّق مع الصين في عمليات هناك.

هذه الجغرافيا المتعددة تكشف أن أي مواجهة لن تكون محصورة بمسرح واحد، بل قد تأخذ طابعاً عالمياً يربط بين خطوط الملاحة والموارد الطبيعية والممرات التجارية.

التخبط الأميركي وتغير موازين القوى

المفارقة التي لفت إليها غريب أن ترامب نفسه هو من أمر بالانسحاب من أفغانستان، قبل أن يعود ويصفه بالخطأ التاريخي. هذا التناقض يعبّر عن حالة تخبط في السياسة الأميركية، حيث تتأرجح القرارات بين الانعزال والتدخل.

والأخطر أن هذا التخبط فتح المجال أمام تقارب صيني روسي غير مسبوق، سرعان ما انضم إليه البُعد الإيراني، فيما أخذت الهند مسافة من واشنطن بسبب خلافات تجارية وعقوبات على شراء السلاح الروسي.

بكلمات أخرى، بدلا من تطبيق نصيحة كيسنجر وبريجنسكي القديمة بضرورة إبقاء علاقة واشنطن أفضل مع كل من موسكو وبكين مقارنة بعلاقتهما ببعضهما، ساهمت إدارة ترامب في دفعهما إلى شراكة استراتيجية أعمق.

انعكاسات الشرق الأوسط

الشرق الأوسط أيضاً حاضر في هذا المشهد. المواقف الدولية الأخيرة بشأن غزة والضفة الغربية أظهرت أن الأغلبية الساحقة من دول العالم تميل لدعم قيام دولة فلسطينية وتنتقد السياسات الإسرائيلية، ما وضع واشنطن في عزلة نسبية.

وبالتالي، فإن تعزيز القدرات العسكرية الأميركية يهدف أيضا إلى تعويض هذا التراجع الدبلوماسي، عبر فرض معادلات قوة تذكّر العالم بأن الولايات المتحدة ما زالت اللاعب الأهم على الساحة.

البعد الاقتصادي.. قوة السلاح لا تكفي

غريب شدد على أن الاقتصاد يبقى عاملاً محوريا، فالقوة العسكرية وحدها لا تكفي إذا لم تُترجم إلى قدرة على حماية المصالح التجارية والاقتصادية.

ولهذا فإن السيطرة على الممرات والمنافذ البحرية والبرية لا تقل أهمية عن امتلاك الصواريخ والغواصات. في عالم يتغير بسرعة، تصبح الموارد النادرة والبنى التحتية التجارية بمثابة أوراق حاسمة في موازين النفوذ.

إلى جانب الاستراتيجية الكبرى، يطرح غريب سؤالا عن البعد الداخلي في تحركات وزير الحرب. فالتغييرات التي ينوي إدخالها، مثل التخلص من القيادات غير الفاعلة وإعادة تنظيم الجيش، قد تكون أيضا محاولة لتصفية حسابات سياسية داخلية، خصوصا مع الانتقادات التي وُجهت إلى دور المرأة والثقافة الليبرالية داخل المؤسسة العسكرية.

هذا يعكس توجهاً محافظاً يريد إعادة تشكيل الجيش وفق رؤية أيديولوجية، لا مجرد حسابات ميدانية.

بين الحرب والردع

في المحصلة، يتضح أن واشنطن تسعى إلى إعادة بناء قوتها العسكرية والظهور بمظهر المستعد للمواجهة، لكن السؤال يبقى: هل الهدف الحقيقي هو خوض حرب جديدة، أم مجرد ردع الخصوم وإعادة التوازن في لعبة النفوذ العالمي؟.

التحركات الأميركية توحي باستعداد واسع، لكن خبراء مثل إدموند غريب يحذرون من أن السياسات المرتبكة والتحديات الاقتصادية قد تجعل الولايات المتحدة أقل قدرة على فرض إرادتها كما في السابق.

وبينما تتصاعد وتيرة الاستعدادات وتتكشف ملامح سباق التسلح، تبدو الولايات المتحدة ماضية في إعادة رسم استراتيجيتها العسكرية والسياسية، في مواجهة تحولات دولية متسارعة وتوازنات جديدة تتشكل على وقع الصراع بين القوى الكبرى.


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

فتحي بن لزرق يكشف عن مايدور خلف الكواليس منذ اسابيع بين ثلاث اطراف حكومية ..شاهد ما قاله

المشهد الدولي | 926 قراءة 

عاجل :الكشف عن تفاصيل مقتل قائد الحملة الأمنية بتعز قبل قليل

كريتر سكاي | 857 قراءة 

واشنطن تُطفئ أضواء الزبيدي.. لا جاليات، لاسيلفي وشعارات، لا دولة

موقع الجنوب اليمني | 640 قراءة 

ساعة الصفر تلوح في الأفق: إعلامي عربي يوجه رسالة أمنية عاجلة

المرصد برس | 622 قراءة 

مليشـ.ـيا الحـ.ـوثي تقر بمصـ.ـرع قائد عسكري كبير

صوت العاصمة | 539 قراءة 

المرتبات ثم المرتبات ثم المرتبات

عدن تايم | 481 قراءة 

شاب يعود من الموت أثناء جنازته

الحدث اليوم | 443 قراءة 

الانتقالي يتبنى رسمياً فصل شبوة عن مأرب عسكرياً.. العولقي يعلن المطالبة بمنطقة مستقلة والزبيدي يدفع باتجاه التنفيذ

يني يمن | 434 قراءة 

تسجيلات الشهيدة إفتهان المشهري تكشف شبكات الفساد بتعز… هل تم رصد الأسماء المتورطة لضمان تحقيق العدالة؟

بيس هورايزونس | 351 قراءة 

الكشف عن نشاط حوثي مشبوه في الصين وإثيوبيا

تهامة 24 | 349 قراءة