يمن ديلي نيوز:
أعد التقرير لـ”يمن ديلي نيوز” إسحاق الحميري: يصفونها بالثورة ويشددون على أنهم لا يعارضونها، ويلقي رئيس المجلس السياسي للجماعة مهدي المشاط، خطاباً بالمناسبة، ويعلنون يوم 26 سبتمبر إجازة رسمية، ويوقدون الشعلة في ميدان التحرير وسط العاصمة صنعاء، لكنهم يقمعون أنصارها ولايريدون أحداً يحتفي بها، ومن يحتفي بها سيكون عرضة للاعتقال والملاحقة والإخفاء.
المئات من اليمنيين اقتيدوا إلى المعتقلات وفق ما وثقته تقارير حقوقية على ذمة الاحتفاء بالعيد 63 لثورة 26 سبتمبر، البعض منهم نشر صورة له وهو يحمل العلم على حسابه في منصة فيسبوك، أو نشر منشوراً يمجد الثورة، والبعض اعتقل لأنه كان يخطط للاحتفاء بالثورة التي مازالوا يوقدون شعلتها.
ومع أن كل الممارسات التي بدأت منذ ما بعد اجتياح الجماعة للعاصمة صنعاء في 21 سبتمبر 1961 تؤكد انقلابهم على ثورة 26 سبتمبر – كما يقول مراقبون – بدءً من استهداف المناهج ووصولاً إلى قمع المحتفين بها، يأتي السؤال الأهم هو لماذا حتى اليوم لم يجرؤ الحوثيون على الجهر بانقلابهم عليها.
ماهي المخاوف التي تجعل جماعة الحوثي تخجل من إعلان انقلابها على ثورة 26 سبتمبر حتى اليوم، رغم أن بإمكانهم إعلان ذلك في ظل القبضة الحديدية التي تحكمها على المناطق الخاضعة لها، ماهي القوة التي ماتزال تحتفظ بها ثورة 26 سبتمبر التي تمنع الحوثيين من إعلان انقلابهم عليها حتى اليوم؟
خوف الثورة الشعبية
يقول الكاتب والمحلل السياسي، ياسين التميمي: جماعة الحوثي تصدر معركتها ضد الشعب اليمني على أساس أنها إنما تخوض معركة الدفاع عن الوطن والنظام الجمهوري، وهي في الحقيقة تصنع على أرض الواقع كل ما يناقض ادعاءاتها بالتمسك بالنظام الجمهوري.
وأضاف رداً على تساؤلات “يمن ديلي نيوز”: جماعة الحوثي تبدو مضطرة مرحلياً إلى التمسك بالصيغة الجمهورية، حتى لا تواجه ثورة شعبية وردة فعل قوية من الناس، ولتكتسب شرعية للاستمرار في خوض معركة تصفية الإرث الجمهوري في خضم ما تدعي أنها معركة مع العدوان الخارجي.
وقال: الجماعة تمارس الخديعة المكشوفة مع الشعب اليمني، لذا تستمر في احتكار مشهد الاحتفال بذكرى 26 سبتمبر وعلى نطاق ضيق، فيما تمنع الشعب من الاحتفال بهذه المناسبة، لتفصله ذهنياً ووجدانياً عن الأهمية التاريخية والوطنية والمصيرية لثورة السادس والعشرين من سبتمبر التي أنتجت العهد الجمهوري وأرست حكم الشعب وهو ما يتناقض بشكل كامل مع الرؤية الكهنوتية للحكم التي تعتقد أن السلطة اختص بها الله فئة أو سلالة من الناس.
رسوخها في الوجدان
وحول القوة التي منحت 26 سبتمبر حتى تجعل الحوثيين غير قادرين على إعلان معارضتها بشكل صريح قال التميمي إن ثورة 26 سبتمبر راسخة في وجدان الناس، وهي تتغذى من الوعي المتجدد بعظمة الثورة وإنجازاتها ونظامها الجمهوري، ومن المعركة المحتدمة مع الجماعة الكهنوتية، ومن حالة الصراع واسع النطاق الذي يدور بين هذه الجماعة وعموم الشعب اليمني.
لكن التميمي قال إن الثورة ومكاسبها ليسوا في حصانة من إمكانية رسوخ الفكر الامامي إذا ما استمرت عملية تجريد الشعب اليمني من عوامل القوة التي تساعده على حسم المعركة ضد هذه الجماعة، وإذا ما استمرت هذه الجماعة في احتكار الموارد والمقدرات والعبث بمدخلات البناء المعرفي والوجداني للأجيال عبر سيطرتها على التعليم بمختلف مستوياته وفرض محتوى تعليمي يعزز الرؤية الكهنوتية، إلى جانب الدورات الثقافية والتحكم بالمال والإعلام والفضاء العام في مناطق سيطرة الجماعة الكهنوتية الانقلابية.
نقيض للإمامة
من جانبه، يشدد الباحث في شؤون الجماعات الدينية ،نبيل البكيري، أن ثورة 26 سبتمبر، وما حملته من فكرة ومشروع، تمثل النقيض الكامل للفكرة الإمامية التي حكمت اليمن عبر أسرة بيت حميد الدين، والتي تجسدها اليوم جماعة الحوثي باعتبارها امتداداً لفكرة الإمامة الزيدية الهاشمية.
ويضيف لـ”يمن ديلي نيوز”: محاولة الحوثيين المواءمة بين مشروعهم الامامي وأهداف ثورة 26 سبتمبر أمر مستحيل، لأن بينهما تناقضاً جوهرياً، ومع ذلك، يدرك الحوثيون أن الجمهورية – باعتبارها ثمرة ولادة حقيقية لثورة سبتمبر – لا يمكن تجاوزها في الوقت الراهن، لأن أي محاولة صريحة لإلغائها ستواجه برد فعل شعبي واسع وقوي.
وأردف: ردة الفعل التي قد تنتج عن إلغاء ثورة 26 سبتمبر، لن يستطيع الحوثيون مقاومتها وستكشف آخر أوراقهم التي يتسترون بها بالإبقاء على 26 سبتمبر والابقاء على النظام الجمهوري شكلياً.
وتابع قائلاً: في الواقع، ما يمارسه الحوثيون يتناقض تماماً مع مسار ثورة 26 سبتمبر، فهم يعتمدون على رمزية عبد الملك الحوثي باعتباره المرجعية المطلقة وزعيمهم الذي يوجه كل ما تقوم به الجماعة من ممارسات وسياسات سلبية.
وواصل: الحوثيون يحافظون على ستار شكلي أو خطاب خارجي تجاه 26 سبتمبر لتجنب انكشاف حقيقتهم كاملة أمام الناس، حتى لا ينهار مشروعهم دفعة واحدة، ومع ذلك، فإن القوة الرمزية التي أوجدتها ثورة 26 سبتمبر في وعي اليمنيين تظل قوة استثنائية، إذ تحافظ على حضور الثورة في قلوبهم وتشكل مصدر قلق ورعب دائم للحوثيين.
وقال: الحوثيون يدركون أن هذه القوة الشعبية العارمة، لا يمكن الوقوف في وجهها، وهم يحاولون قدر الإمكان أن يبقوا لها متنفساً، مثل إبقاء عطلة يوم 26 سبتمبر، وإيقاد الشعلة، لكن في حقيقة الأمر هم لا يريدون هذا اليوم يعود إلى الشارع مرة أخرى ويلتف اليمنيون حوله ويعبرون عنه لأنه سيكون يوماً فاصلا في تاريخهم، بالتالي يحاولون أن يجعلوا الامر بهذه السياسات المكشوفة المفضوحة.
وأضاف: سبتمبر هو نقيض للإمامة ونقيض للحوثيين ونقيض لكل مشروعهم الكهنوت الطائفي، وبالتالي هذا مصدر الخوف الذي يتهددهم وسيظل يتهددهم حتى نستعيد زمام المبادرة مرة أخرى كيمنيين بإعادة الجمهورية.
وقال: بينما تحاول جماعة الحوثي طمس معالم ثورة 26 سبتمبر عبر القمع والاعتقالات ومنع الاحتفالات الشعبية، تبقى هذه الثورة حاضرة بقوة في وجدان اليمنيين كرمز للتحرر والجمهورية.
ويدد على أنه رغم محاولات الحوثيين الالتفاف عليها، فإن ذكرى سبتمبر تظل أكبر من أن تُطمس، لأنها ارتبطت بدماء وتضحيات اليمنيين في سبيل الحرية والكرامة، وهو ما يجعلها عصية على الاندثار.
وكانت تقارير حقوقية أفادت باختطاف العشرات من أنصار ثورة 26 سبتمبر خلال الأيام الماضية تزامنا مع حلول العيد 63 لثورة 26 سبتمبر الجمعة الماضية.
وذكرت الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين أنها وثقت اختطاف جماعة الحوثي المصنفة إرهابية 141 شخصًا خلال الأيام الماضية، بينهم ناشطون وصحفيون ومواطنون وذلك على خلفية احتفائهم بثورة السادس والعشرين من سبتمبر المجيدة.
وطالبت في بيان صادر عنها تلقاه “يمن ديلي نيوز” مكتب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة هانس غروندبرغ، واللجنة الدولية للصليب الأحمر بالتدخل العاجل للكشف عن أماكن الاحتجاز وضمان وصول المنظمات الإنسانية والحقوقية إليها.
الهيئة قالت إن الموجة الجديدة من المداهمات والاعتقالات التعسفية جاءت على خلفية مشاركة المختطفين في الاحتفاء بثورة 26 سبتمبر أو تعبيرهم عن آرائهم.
مرتبط
الوسوم
ثورة 26 سبتمبر
عودة الأمامة
نسخ الرابط
تم نسخ الرابط
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news