تصريحات الزبيدي بشأن الانفصال والتطبيع مع إسرائيل.. بين السقوط وفقدان الحس السياسي (تقرير)

أشعلت تصريحات عيدروس الزبيدي، رئيس ما يعرف بالمجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم إماراتيا، بشأن التطبيع مع الكيان الإسرائيلي المحتل، مقابل فك ارتباط جنوب اليمن عن شماله، جدلا واسعا بين أوساط اليمنيين.

وقال الزبيدي في

مقابلة

مع صحيفة "ذا ناشيونال" إن إعلان قيام دولة جنوب اليمن المستقلة سيمهد الطريق لإقامة علاقات مع إسرائيل.

وزعم أن الانفصال سيسمح للجنوب باتخاذ قراراته الخاصة في السياسة الخارجية بما في ذلك خيار الانضمام إلى اتفاقيات أبراهام، وقال "عندما تكون لدينا دولتنا الجنوبية سنتخذ قراراتنا بأنفسنا وأعتقد أننا سنكون جزءًا من هذه الاتفاقيات".

رهان محفوف بالمخاطر

وتعليقا على ذلك قالت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، إن عرض الزبيدي، انفصال جنوب اليمن مقابل التطبيع مع إسرائيل رهان محفوف بالمخاطر قد يشعل المنطقة.

وأضافت الصحيفة في

تحليل

لها ترجمه للعربية "الموقع بوست" إن الزبيدي قدّم وصفة صادمة للاستقرار الإقليمي: إعلان استقلال جنوب اليمن وفتح قنوات علنية مع إسرائيل والانضمام لاتفاقيات إبراهيم.

واعتبرت الصحيفة ذلك اقتراحٌ صارخ يضع حلّاً جديداً أمام أزمة إقليمية عميقة — لكنه في جوهره قنبلة موقوتة قد تقود إلى تفجير جيوسياسي في الخليج وباب المندب.

وحذرت "معاريف" من مخاطرة التحول إلى ساحة مواجهة بين قوى إقليمية، وقالت إن "إعلان دولة جنوبية متحالفة مع إسرائيل سيحوّل مضيق باب المندب إلى بؤرة مواجهة مفتوحة بين محاور إقليمية".

اقرأ أيضا: الزبيدي:

إعلان دولة جنوب اليمن المستقلة سيمهد الطريق لإقامة علاقات مع إسرائيل (ترجمة خاصة)

وأشارت إلى أن إيران والحوثيين لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام تقليص نفوذهم البحري، فيما قد تستغل قوى إقليمية هذا الفراغ لفرض تدخلات عسكرية أو حروب بالوكالة.

وسبق تصريحات الزبيدي تقارير عبرية تتحدث عن زيارة وفد من منتدى "الشرق الأوسط" يضم صحفيًا إسرائيليًا للعاصمة المؤقتة عدن (جنوب اليمن)، الأمر الذي اثار سخطا شعبيا، وسط تساؤلات واسعة حول أبعاد ودلالات الزيارة، خاصة في ظل اتهامات للإمارات بفتح قنوات تنسيق غير معلنة بين المجلس الانتقالي وتل أبيب.

وتوالت ردود فعل اليمنيين بشأن تلك التصريحات، معتبرين إياها بلاهة سياسية وفقدان للحس الوطني، ويرونها رهاناً إماراتياً لاستكمال تنفيذ أجندات ابوظبي المشبوهة في اليمن.

انمساخ سياسي ورهان إماراتي

وفي السياق سخر الكاتب الصحفي، جمال حسن، من تصريحات الزبيدي متسائلا بالقول: هل يمكن أن نعطي لهذا الرجل صفة سياسي؟

وقال حسن "عند متابعة خطاباته او لقاءاته، يطفو الشك حول إن كان يمتلك وعي سياسي، حتى بالنسبة لأولئك الذين يعولون عليه، هل يمكن أن يكون مؤهلا لحمل قضية وإيصالها إلى غايتها. وبصورة عامة، هل كان مطلوبا منه قول هذا الكلام، بأنه مع انفصال الجنوب او استقلالها، وفقا لتعبيره، سيسعون لإقامة علاقات مع الكيان".

اقرأ أيضا:

هل ستكون عدن بوابة النفوذ الإسرائيلي في اليمن عن طريق الانتقالي؟ (تقرير)

وأضاف "تصريحات الزبيدي تأتي في وقت يشهد هذا الكيان حالة من العزلة، وفي وقت تقوم بحملة إبادة لإخوان لنا في الأراضي المحتلة"، مؤكدا أن نيل المطالب، لا يأتي بهذا النوع من التهافت.

وتساءل: هل يعتقد أن الغزل سيسمح له بالحصول على دولة. وبصرف النظر عن حدوث ذلك من عدمه، ولعله أمر يدغدغ مشاعر التواقين لهذا المشروع، لكن هل كان يعبر عن غالبية أبناء الجنوب. ومن يخول له ذلك؟

وقال "لن أقول عنه بأنه فاقد للإحساس، وفي لحظة يكتوي فيه مئات الآلاف من البشر خلال العمليات الصهيونية في ذلك الجزء من الأرض المحتلة، يلقي بنفسه نحو هذا الكيان. وفي وقت، يشتد امتعاض العالم إزاء تلك الجرائم، يلهث ليقدم نفسه كصديق. اذ ان ذلك ينم عن عدم بصيرة. عن انمساخ سياسي، فإنه منذ أول لحظة يعلن عن استعداده لجعل دولته مرتهنة، سواء على الصعيد السياسي أو الإنساني".

وأردف "ما ثمن ذلك؟ مجرد كيان سياسي بلا ملامح، أو ماذا؟ متابعا "هذا الرجل خان مجتمعه، وانسانيته. ولعلي اتساءل هل يمكن أن يكون مؤتمنا على دولة، رجل بتلك الرعونة هل يمكن له أن يشيد استقلالا؟

صحيفة عبرية:

عرض الزبيدي الانفصال مقابل التطبيع مع إسرائيل رهان محفوف بالمخاطر قد يشعل المنطقة (ترجمة خاصة)

واستدرك الكاتب جمال حسن بالقول "لم يعد الأمر متعلقا بوحدة الأرض وتلك الشعارات، فنحن على صعيد الواقع مرتهنين لجماعات وأهواء مزقت البلد الواحد، وحتى البلدين، إذا عدنا إلى ما قبل عام 90، بل تمزق نسيج مدننا وقرانا، وحلت المناطقية والتحيزات ما قبل الوطنية. لكن هل يمكن أن يؤتمن رجل بهذا الهلع وعدم البصيرة على وطن، او حتى ربع وطن؟

بلاهة سياسية

الصحفي حمدي الفقيه، كتب "يتم جرهم جر لتبني هذه المواقف العوجاء وهي مواقف تثبت الوضع كما هو عليه الآن ومن قبيل تأصيل الرفض للانفصال ولما يسمى دولة الجنوب".

وأضاف "البلاهة السياسية واضحة المعالم في مثل هذه التصريحات".

توقيت غير مناسب

الناشط الإعلامي والمصور الميداني لدى الجيش الوطني اليمني. راشد معروف اعتبر طرح الزبيدي سياسي بحت، إلا أن توقيته غير موفق. حسب قوله.

وقال معروف "العالم اليوم يشهد موجة رفض واسعة لإسرائيل بسبب حربها على عْزة، وأي حديث عن التطبيع في هذا الظرف قد يضر بالقضية الجنوبية ويجعلها في موضع ريبة بدلًا من أن يكسبها التعاطف الدولي".

وأضاف أن "القضية الجنوبية قضية عادلة، وأبناء الجنوب وحدهم أصحاب القرار في تقرير مصيرهم، لكن الخطاب السياسي يحتاج إلى دقة في التوقيت وحياد في المواقف، حتى لا تتحول المكاسب المنتظرة إلى خسائر غير محسوبة، مع تمنياتي بالتوفيق للجنوب وأهلها في تقرير المصير".

وفي وقت سابق كشفت صحيفة "

جيروزاليم بوست

" العبرية في تقرير لها ترجمه "الموقع بوست" عن زيارة وفد من منتدى "الشرق الأوسط" يضم صحفيًا إسرائيليًا للعاصمة المؤقتة عدن (جنوب اليمن) منتصف يوليو الماضي، الأمر الذي اثار سخطا شعبيا، وسط تساؤلات واسعة حول أبعاد ودلالات الزيارة، خاصة في ظل اتهامات للإمارات بفتح قنوات تنسيق غير معلنة بين المجلس الانتقالي وتل أبيب.

وقالت إن الزيارة جرت بترتيب وإشراف من المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم إماراتيا، حيث استُقبل الوفد في مقر الهيئة الوطنية للإعلام الجنوبي بحضور مختار اليافعي وعدد من قيادات الانتقالي.

وحسب الصحيفة فإن الوفد التقى علي الكثيري، رئيس الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي، في مكتبه بعدن، وأبو نصر، رئيس الاستخبارات في المجلس الانتقالي. كما نُظِّم للوفد برنامج ميداني شمل جبهات القتال في محافظتي الضالع وشبوة، حيث التقى قادة ميدانيين من قوات الانتقالي.

وتأتي زيارة الوفد الإسرائيلي لعدن والتي عدها مراقبون تقاربا بين الكيان الصهيوني والانتقالي، في مرحلة حرجة تمر بها المنطقة العربية في ظل جرائم الإبادة الجماعية التي تمارسها دولة الاحتلال الإسرائيلي بقطاع غزة في فلسطين المحتلة منذ السابع من أكتوبر 2023، وقتلت زهاء 70 ألف مدني غالبيتهم من الأطفال