26 سبتمبر .. مسرى الحرية ومعراج المجد
قبل 1 دقيقة
أفاق الشعب اليمني على فجرٍ صبيٍّ حين انسابت أشعة أمِّ الثورات اليمنية مع بزوغ فجر السادس والعشرين من سبتمبر 1962م، بعد ليل حالك نسج خيوطه أئمة الضلال والدجل طيلة 1200 عام، منذ يحيى الرسي وحتى محمد البدر، الذي لم يهنأ بدفء كرسي أبيه الطاغية أحمد سوى أسبوع حتى هبّت البراكين من مضاجعها، تطغى وتكتسح الطاغي وتلتهمه
.
لم يكن يخطر في بال الإمامة الهادوية طوال قرون طغيانها أن استبدادها سيتلاشى وتذروه رياح الثورة السبتمبرية في مكان سحيق، وهذا ما صرّح به آخر أئمتهم البدر بأنه "سينهج نهج أبيه وسيضرب بيد من حديد كل من تسوّل له نفسه مناهضة حكمه"، لكن رياح الثورة جاءت كما اشتهى الثوار، معاكسة لأطماع الإمامة، فكانت ثورة أيلول المجيدة وملاحقة فلولها، وحادي الثوار ينشد:
"لم يبقَ للظالمين اليوم من وَزرٍ
إلا أنوفٌ ذليلاتٌ ستنحطمُ."
ثلاثة وستون عاماً مرّت من عمر ثورة السادس والعشرين من سبتمبر، والإماميون الكامنون في مفاصل الجمهورية والمنعَّمون بخيراتها يتربصون بها، وكانوا قد توعّدوا بعودة إمامتهم على لسان أحد سلالتهم أحمد الشامي:
سنعيدُ الإمامةَ للحكمِ يوماً
بثيابِ النبيِّ أو ثوبِ ماركسِ
فإذا ما خابتِ الحجازُ ونجدٌ
فلنا اليومَ إخوةٌ بـفارسِ
حتى جاء يوم نكبة 21 سبتمبر 2014م، فسطت مخلفات الإمامة يشجعها أحفاد ماركس، معتبرين هذا الانقلاب الإمامي في ثوبه الحوثي الفارسي "عمليةً قيصرية"، بالتزامن مع تصريح مندوب طهران في البرلمان الإيراني علي رضا زاكاني، المقرب من خامنئي:
"إن صنعاء العاصمة العربية الرابعة التي تلتحق بالتبعية لإيران."
وللأسف، في الوقت نفسه كانت فئة حكمت الجمهورية ردحاً من الزمن، وتلعن الكهنوت ليل نهار، تنضم إلى مخلفات ماركس وفارس، داعمة ومؤيدة لانقلاب الإمامة واحتلالها لمؤسسات الدولة.
اليوم، وبعد ثلاثةٍ وستين عاماً من عمر ثورة 26 سبتمبر، وبعد مضي عشرة أعوام على نكبة 21 سبتمبر، يرى اليمنيون والمجتمع الإقليمي والدولي كيف تحث الجماعة الحوثية خطاها لمحو كل معالم الثورة ومنجزاتها، مستخدمة كل وسائل الإرهاب، حتى صار مجرد رفع علم الجمهورية كابوساً يؤرقها، فضلاً عن صدح أبناء المجتمع بالنشيد الوطني: "لن ترى الدنيا على أرضي وصيّا."
حين أرست ثورة 26 سبتمبر قيم الحرية والعدالة والمساواة والشورى، وكسرت قيد الظلم والعزلة الإمامية، وفتحت أبواب المستقبل لليمنيين، جاء الإماميون الجدد في 21 سبتمبر ليبدلوا تلك المبادئ والقيم بنهج سلالي عنصري مناطقي طائفي، يستعبد الأمة، ويفرغ الحياة من كل معانيها الجميلة، ويرفع شعارات الموت والكراهية، ويستعدي الداخل والخارج، ويثرى على حساب دماء وأشلاء الشعب وأموالهم المنهوبة وحقوقهم المسلوبة وأعراضهم المستباحة. بل مضت هذه الجماعة، في تبجح ووقاحة، تحتفي بيوم نكبتها، وتستعرض منجزاتها، التي ليست إلا جرائم وسلوكاً إرهابياً لم تستثنِ صغيراً ولا كبيراً، ولا امرأةً ولا طفلاً.
يكفي عاراً وجريمةً محاولة هذه الجماعة طمس أشعة ثورة 26 سبتمبر، واستبدال رموزها بشخصيات هامشية طارئة، جلُّ صنيعها أنها تمجّد أصنام السلالة أو باعت نفسها للطغيان. وقد برز ذلك جلياً حين حرّفت الجماعة المناهج وأقصت أبا الأحرار الشهيد الزبيري لتستبدله بمعاذ الجنيد (المعروف بـ"تهاني")، واستبدلت شيخ الإسلام الشوكاني بالصماط، والشهيد الثائر القردعي بالمجهول "طومر"، والشهيد علي عبدالمغني بالسلالي المهدي المرتضى.
"وسيبقى قاهرُ الشعبِ على وجهِ أرضي عدماً لن يُخلقا."
بهذا الهتاف سيبقى ألق السادس والعشرين من سبتمبر خالداً متوهجاً في قلوب اليمنيين شمالاً وجنوباً، ونجماً تهتدي به جموع الثائرين لتوحيد جهودها وتسوية صفوفها، كما فعل أحرار سبتمبر وأكتوبر، يجترحون التضحيات، وحاديهم يهتف:
"وهبناكِ الدمَ الغالي وهل يُغلى عليكِ دمُ."
منطلقين نحو معركة التحرير، ونسف معاقل بقايا الإمامة، مستلهمين أهداف ثورة 26 سبتمبر كأيقونة وبوصلة لطريق التحرير، لاستعادة مركز الدولة وعاصمتها وبسط سلطة النظام الجمهوري على كل ربوع اليمن.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news