يافع نيوز – خاص
أكد اللواء الركن أحمد سعيد بن بريك، نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي والمحافظ الأسبق لحضرموت، أن الجنوب اليوم يقف عند مفترق طرق مصيري، مشدداً على ضرورة تجاوز الشخصنة السياسية والارتجال، والانطلاق نحو قيادة تعتمد على الخبرة والكفاءة والمشروع الوطني الجامع.
وأشار بن بريك في مقال له، إلى أن المرحلة المقبلة تتطلب خطوات عدة، من أبرزها: تشكيل فريق قيادة قوي وراسخ، ووضع استراتيجية جديدة تستند إلى قراءة دقيقة للواقع الإقليمي والدولي، ومراجعة آلية الحوكمة الحالية لتعكس روح المرحلة المقبلة.
ولفت إلى أهمية بناء رؤية اقتصادية واضحة تلبي احتياجات المجتمع وتؤسس لنمو مستدام، إضافة إلى تبني خطاب إعلامي عقلاني يبعث الطمأنينة داخلياً ويؤكد الالتزام بالتوازنات الإقليمية والدولية.
كما شدد على أن الحوار والشراكة مع كافة المكونات السياسية والاجتماعية يمثلان أساس نجاح المشروع الوطني، محذراً من مغامرة فردية تهدد مستقبل الجنوب، ومؤكداً أن التواضع أمام تعقيدات الواقع وبناء مشروع مؤسسي جامع هو الطريق لكتابة صفحة جديدة في تاريخ الجنوب.
نص مقال بن بريك على منصة إكس
إن الجنوب اليوم يقف عند مفترق طرق مصيري ، حيث تتزاحم المتغيرات الإقليمية والدولية لترسم ملامح مرحلة جديدة لا يمكن عبورها إلا برؤية واقعية ، وبإرادة سياسية متينة ، وبقيادة تتجاوز الشخصنة إلى مستوى المشروع الوطني الجامع. إن أولى الخطوات في هذا الطريق تبدأ حين يتحرر صانع القرار من دوائر الضجيج السياسي ومن حوله ، ويستبدل الأصوات المرتجلة بعناصر قوية وراسخة في مجتمعها قادرة على صناعة التوازن والمشاركة الفاعلة. فالمرحلة المقبلة ليست ميداناً للمراهقة السياسية ، بل اختباراً حقيقياً لقدرة القيادة على أن تحيط نفسها بمن يمتلكون الخبرة والوعي ، لا بمن يبحثون عن دور عابر.
وثاني الخطوات أن تُبنى استراتيجية جديدة تستند إلى قراءة دقيقة للواقع الدولي والإقليمي. فزمن الارتجال قد مضى ، والمرحلة تقتضي وعياً عقلانياً يضع كل الاحتمالات في الحسبان ، ويقدم مشروعاً مقبولاً إقليمياً ودولياً ، بعيداً عن الشطحات التي تُفقد القضايا الكبرى وزنها وهيبتها. أما ثالثاً ، فإن آلية الحوكمة الحالية تحتاج إلى مراجعة شاملة ، بحيث تعكس روح المرحلة المقبلة. فلا يكفي أن تتغير الشعارات ، بل لابد من إرساء منظومة إدارية رشيدة ، وعقيدة عسكرية حديثة منسجمة مع تلك المنظومة قادرة على حماية الاستقرار ورسم صورة الدولة المنشودة. ورابعاً ، إن بناء مستقبل الجنوب لا يقوم بلا رؤية اقتصادية واضحة تعالج حاجات المجتمع في المدى القريب وتؤسس لنمو متصاعد في المدى البعيد. فالفرد الجنوبي لن يشعر بقيمة الدولة مالم يلمس تحسناً في مستوى دخله ومعيشته ، بما يوازي محيطه الإقليمي الذي يتطلع إليه. خامساً ، لابد من خطاب إعلامي عقلاني يبعث الطمأنينة إلى الداخل ، ويقدم صورة متزنة للخارج.
خطاب لا يثير مخاوف الجوار ، بل يفتح جسور الثقة مع الإقليم والعالم ، ويؤكد أن الجنوب يتجه نحو دولة مسؤولة تحترم التوازنات وتدرك تعقيدات المرحلة. وأخيراً ، فإن الحوار سيبقى هو الأساس ، إذ لا يمكن لمشروع وطني أن ينجح من دون إشراك المكونات السياسية والاجتماعية كافة ، فالتوسع في الشراكة وفتح الباب أمام التفاهمات ، يضمن أن يتحول الحلم الجنوبي إلى مشروع جامع لا إلى مغامرة فردية. إن مستقبل الجنوب مرهون بقدرته على اجتياز هذه المرحلة بعقلانية ورؤية شاملة. فمن يظن أن بوسعه أن يصنع التاريخ منفرداً إنما يحكم على نفسه بالزوال ، أما من يتواضع أمام تعقيدات الواقع ويبني مشروعاً مؤسسياً جامعاً فذلك هو الذي يكتب صفحة جديدة في تاريخ الجنوب ، صفحة بحجم التضحيات وبقدر طموح الأجيال القادمة. اللواء الركن/أحمد سعيد بن بريك نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي محافظ محافظة حضرموت الأسبق
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news