الحمد لله الذي أتمّ علينا نعمته، وأكمل لنا دينه، وجعل الإسلام رحمة للعالمين، والصلاة والسلام على من بعثه الله هاديًا ومبشرًا ونذيرًا.
كثُرت في زماننا الشبهات حول دين الإسلام، يرددها البعض جهلًا أو اتباعًا للهوى، دون تمحيص أو نظر في التاريخ. وفي هذا المقال سوف اسرد لكم عدد من الشبهات و المغالطات لكي نوضح حقيقتها لكل من يريد ان يفهم الحقيقة.
الشبهة الأولى: الإسلام انتشر بالسيف
يُردّد بعضهم هذه الدعوى وهو يجهل التاريخ. لو نظر في القرن الثاني الهجري وما بعده بقليل لوجد أن نسبة المسلمين في البلدان التي دخلها الإسلام لم تتجاوز 25% من السكان، بينما بقيت الأغلبية على دياناتها لقرون طويلة. ومع مرور الزمن، اعتنق الناس الإسلام عن قناعة صادقة، بعدما لمسوا حسن المعاملة وصدق الإيمان من المسلمين، لا بالإكراه ولا بالإجبار.
التاريخ يثبت أن أغلب الشعوب التي دخلها الإسلام (كالفرس، والمصريين، وأهل الشام، وشمال إفريقيا، والأندلس) لم تتحول للإسلام فورًا.
• في مصر، بعد الفتح الإسلامي (20هـ/640م) بقي معظم السكان أقباطًا مسيحيين حتى القرن الرابع الهجري.
• في الأندلس، استمر النصارى واليهود إلى جوار المسلمين لقرون طويلة.
هذا كله يدل أن الإسلام لم يُفرض بالقوة، وإنما الناس أسلموا بالتدريج عن قناعة وتأثر بالمعاملة.
الحكم: الشبهة باطلة، والدليل التاريخي يثبت بطلانها.
⸻
الشبهة الثانية: الإسلام دين الجزية
يُصورها البعض كأنها ظلم، والحقيقة أنها نظام عدل وحماية. ففي قوانين الدول الحديثة يُلزم المواطن بالانخراط في الجيش والدفاع عن الوطن قسرًا في حالات الطوارئ، بينما في الإسلام قُرِّرت الجزية ليُعفى غير المسلم من الخدمة العسكرية، ويتولى المسلمون القتال والدفاع عنه.
• الجزية مبلغ مالي محدود يدفعه الذمي مقابل الإعفاء من القتال وحماية الدولة له.
• المسلمون في المقابل كانوا يدفعون الزكاة، وهي غالبًا أكثر من الجزية، خصوصًا مع تنوع مواردها (المال، الزروع، الماشية).
• هناك وقائع كثيرة سقطت فيها الجزية عن الذمي إذا شارك المسلمين في القتال.
بهذا يكون نظام الجزية عدلًا لا ظلمًا، وأقرب لما يُسمى اليوم “الضرائب مقابل الخدمات”.
الحكم: الشبهة باطلة، والدليل التاريخي يثبت بطلانها.
الشبهة الثالثة: العلماء في خدمة السلاطين
يزعم البعض أن العلماء كانوا مجرد أبواق للحكام، والتاريخ يكذب هذا الزعم.
• الإمام أحمد بن حنبل عُذّب في “محنة خلق القرآن” بأمر الخليفة المأمون ثم المعتصم.
• ابن تيمية سُجن أكثر من مرة بسبب آرائه المخالفة لسياسات الحكام.
• أبو حنيفة رفض تولي القضاء فحُبس وضُرب حتى مات في السجن سنة 150هـ.
• الشافعي سُجن بمكة واليمن، واتُهم سياسيًا ثم أُطلق.
إذن ليس صحيحًا أن العلماء كانوا دائمًا أعمدة السلاطين، بل كثيرًا ما عانوا من بطش السلطة بسبب تمسكهم بالحق.
الحكم: الشبهة باطلة، والدليل التاريخي يثبت بطلانها.
إن من يتأمل هذه المحاكمات يدرك أن الشبهات التي تُثار حول الإسلام إنما هي دعاوى خاوية لا تصمد أمام التحقيق. الإسلام دين عدل ورحمة، ودعوته قامت على البصيرة لا على القسر، وعلى البرّ لا على الظلم. ومن أراد الحق وجده، ومن أعرض فلن تضره إلا نفسه
🪶
أبو قصي الأشرم
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news