اليمن الاتحادي/ خاص:
في ظلّ الأوضاع الأمنية الهشّة والانقسامات السياسية التي تعصف بالبلاد، برز تحدٍ جديد يهدّد المجتمع على نحو مباشر وأمني، يتمثل في تجارة المخدرات وصناعة الكبتاجون والشبو.
حيث لم تعد اليمن مجرد مسار عابر لهذه التجارة، بل باتت وفق بيانات رسمية وتقارير استخباراتي ساحة تُقام فيها مصانع، ويُستغل فيها ضعف الرقابة لتمويل أنشطة مسلّحة.
السياق الإقليمي والتحول في سلاسل المخدرات
منذ أن ضربت الضربات الأمنية مصانع الكبتاجون في سوريا، بدأت مسارات التهريب والتصنيع تتبدّل. وتسعى شبكات المخدرات لايجاد لمسارات بديلة عبر السواحل، والخليج، واليمن، حيث الضعف الأمني في بعض المناطق يعزز من فرص النشاط غير القانوني.
وباتت تقارير من الأمم المتحدة ومنظمات مختصة تُحذّر من أن الكبتاجون والميثامفيتامين (الشبو) صارا يشكلان تهديدا إقليميّا متناميا.
مصانع نشطة داخل مناطق الحوثيين
وزارة الداخلية أعلنت مؤخرا أنّ معلومات استخباراتية مؤكّدة رصدت وجود مصانع نشطة لإنتاج المخدرات في مناطق خاضعة لسيطرة الحوثيين، خصوصا مصنعا متكاملا في محافظة المهرة لإنتاج الكبتاجون والشبو. هذا المصنع تم ضبطه من قبل شرطة المهرة مؤخرا، مع توقيف ستّة متهمين يُشتبه في ارتباطهم بشبكات تمويل ودعم تتبع مليشيا الحوثي.
وتقول التحقيقات الأولية إن جزءا من الشبكات التي تم ضبطها تتلقى دعماً مادّياً أو تيسيرا من جهات مرتبطة يقال إنها تنشط تحت سيطرة الحوثيين، أو عبر جهات تتبادل مصالح معها.
أبرز العمليات التي تكشف حجم الظاهرة
_إحباط مصنع المهرة:
في مطلع سبتمبر الجاري، أعلن الأمن عن ضبط أول مصنع متكامل لإنتاج الكبتاجون والشبو في مديرية شحن بمحافظة المهرة. تم القبض على ستّة متهمين يمنيين وضبط معدات ومكونات تصنيع. العملية وصفها المسؤولون بأنها “نقطة تحول” في مسار الجرائم المنظمة.
_ضبط شحنات ضخمة:
وتمكنت عمليات أمنية سابقة من ضبط ملايين الحبوب من الكبتاجون في شحنات يُشتبه أنها كانت تُحضّر للتهريب من داخل أو عبر اليمن. من أبرز هذه المضبوطات تقرير طُرِح في تحقيق دولي يُشير إلى أن شبكة ما حاولت تصدير أكثر من 1.5 مليون حبة.
_التهريب البحري والمخازن المحلية:
حيث تكرّرت ضبطيات أصغر عبر البحر الأحمر والبحر العربي، مع استخدام سفن تجارية صغيرة أو زوارق.
كما تم ضبط مخازن تخزين للمخدرات في مناطق مختلفة داخل اليمن تُستخدم كمراحل انتقالية قبل التوزيع أو التهريب.
ويعني نشاط المخدرات بشكل منظم خلق مويل إضافي للأنشطة العسكرية لجماعة الحوثي، وقد يستخدم هذا التمويل لشراء الأسلحة أو التوسع البحري أو تنفيذ هجمات في الممرات المائية.
أثار وتحديات
ويهيء الانتشار المحتمل للتعاطي، خاصة بين الشباب، بيئة خطرة من حيث الصحة النفسية والجسدية، ويزيد من ضغط الأُسر والمجتمع المحلي على مؤسسات الرعاية.
وتثير الادعاءات بهذه التورّطات تساؤلات قانونية دولية، خاصة إذا ما تم ربطها بعقوبات أو جرائم تهريب دولية. كذلك تُعرض الحكومة المعترف بها لضغوط لتفعيل التنسيق مع المجتمع الدولي.
ويظل التحدّي الأكبر في توثيق هذه الاتهامات قضائيًا، وإحضارها إلى حيز التحقيق العادل، الأمر الذي لا يقتصر على كشف الحقيقة فحسب، بل على حماية المجتمع من وباء لا يقتصر تأثيره على الفرد، بل يتعدّى إلى الأمن والاستقرار والوحدة الوطنية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news