ضبطت الأجهزة الأمنية في مدينة تعز، جنوبي غرب اليمن، شبكة متخصصة في تزوير الوثائق والمحررات الرسمية كانت تعمل متخفيّة تحت لافتة "دعاية وإعلان" في أحد الشوارع الحيوية بالمدينة، في عملية أمنية مُخطّط لها بدقة بعد سلسلة من التحريات المكثفة استمرت لأكثر من أربعة أسابيع.
وأفاد مركز الإعلام الأمني التابع لشرطة تعز، في بيان رسمي صادر امس الإثنين ، أن العملية جاءت نتيجة متابعة دقيقة لنشاط أحد المشتبه بهم، يُعرف بـ"عبدالله م."، وهو شخص يملك خبرة سابقة في مجال الطباعة والتصميم الجرافيكي، واستغلها لتحويل محله الصغير إلى معمل سري لتزوير الوثائق الرسمية، مستخدمًا تقنيات حديثة وأدوات متقدمة تشبه تلك المستخدمة في المؤسسات الحكومية.
وأسفرت المداهمة عن ضبط كمية هائلة من الوثائق والمُحرّرات المزورة، تجاوزت 250 وثيقة، تشمل:
- بطاقات هوية ذكية (مزورة ومُقلدة بتفاصيل رقمية وباركودات زائفة)
- بطاقات عسكرية ووثائق تجنيد مزيفة
- شهادات ميلاد ووفاة مُزوَّرة بأختام رسمية
- بيانات جمركية وشهادات خلو طرف من الجمارك اليمنية
- بطاقات ملكية مركبات مزورة بأسماء وأرقام هيكلية وهمية
- رخص قيادة مُزورة من محافظات مختلفة
- إقرارات ضريبية وعقود بيع وشراء مُزورة
إضافةً إلى ذلك، ضبطت الأجهزة الأمنية مجموعة من أدوات الجريمة، تضم:
- ثلاث طابعات ليزر عالية الدقة مخصصة للطباعة على ورق أمني
- أختام رسمية مُقلدة لأكثر من 15 جهة حكومية (داخلية، جمارك، تعليم، تربية، بلدية...)
- أجهزة كمبيوتر محمولة وثابتة مثبت عليها برامج تزوير متطورة
- ملفات إلكترونية محفوظة على أقراص صلبة تحتوي على قوالب جاهزة لجميع أنواع الوثائق المزورة
- كميات كبيرة من أوراق الأمان الخاصة بالوثائق الرسمية، تم شراؤها من مصادر غير مشروعة.
وأكدت مصادر أمنية مطلعة أن المحل كان يعمل منذ أكثر من عامين دون رقابة، حيث كان يتعامل مع عملاء من مختلف المحافظات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويقدم خدمات "استخراج وثائق فورية" مقابل مبالغ مالية تتراوح بين 50 ألف و200 ألف ريال يمني، حسب نوع الوثيقة ودرجة تعقيدها.
كما أشارت المصادر إلى أن بعض الوثائق المزورة استُخدمت في عمليات احتيال مالي، وسرقة هويات، وتهريب أشخاص، وتسجيل عقود زواج وطلاق وهمية، ما يهدد الأمن المجتمعي والاستقرار المؤسسي.
وفي تصريحات صحفية، قال مصدر في مباحث الأموال العامة : "هذه ليست مجرد جريمة تزوير، بل هي هجوم منظم على النظام الإداري والقانوني للدولة، التزوير ليس فقط تزوير أوراق، بل هو تقويض لثقة المواطن في مؤسسات الدولة، وقد يؤدي إلى انزلاقات خطيرة في الاقتصاد والمجتمع".
وأضاف: "لقد تم تحويل جميع المضبوطات والمشتبه بهم إلى نيابة الأموال العامة لاستكمال التحقيقات الجنائية، ومن المتوقع أن تشمل التحقيقات تحديد شبكة التوزيع والعملاء، الذين قد يصل عددهم إلى العشرات".
وتابع: "نحن نعمل على تفعيل نظام مراقبة إلكتروني جديد للتحقق من صحة الوثائق باستخدام تقنيات التحقق الرقمي، بالتعاون مع الجهات الفنية، وذلك لمنع تكرار مثل هذه العمليات مستقبلًا".
وأشارت مصادر أمنية إلى أن هناك تحقيقات جارية لمعرفة من أصدر الأختام والورق الأمني المزور، وما إذا كانت هناك أي تواطؤات داخلية من قبل موظفين حكوميين أو متعاقدين مع الجهات الرسمية.
وفي رد فعل سريع، دعت وزارة الداخلية المواطنين إلى التنبه لعمليات التزوير، وعدم التعامل مع مكاتب غير مرخصة، وتقديم أي معلومات حول شبكات التزوير عبر الخط الساخن الخاص بالأمن الوطني.
يذكر ان هذه العملية تُعد واحدة من أكبر عمليات مكافحة التزوير التي تنفذها الأجهزة الأمنية في تعز منذ سنوات، وتأتي في إطار الحملة الوطنية التي أطلقتها الحكومة اليمنية مؤخرًا للتصدي للجرائم الإلكترونية والمالية، والتي تشكل تهديدًا مباشرًا لاستقرار الدولة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news