الجنوب اليمني: خاص
أثار قرار محافظ أرخبيل سقطرى، رأفت الثقلي، بتأييد القرارات الارتجالية التي صدرت عن عيدروس الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي، جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية اليمنية، خاصةً في ظل التناقض الصارخ بين مسؤوليته الرسمية أمام الحكومة الشرعية وولائه المعلن لمشروع انفصالي يهدد استقرار الدولة.
ووفق مصادر مطلعة، فإن الثقلي، الذي عُيّن بقرار جمهوري من الحكومة اليمنية الشرعية، لم يتردد في التصريح بدعمه للخطوة التي اعتبرت انقلاباً مباشراً على الهيكل الرئاسي، ما يعكس حالة من الانفصام السياسي في المناطق الجنوبية، حيث يُدار ملفات الحكم عبر توازنات معقدة بين الشرعية والقوى الإقليمية.
وأشارت المصادر إلى أن المحافظ يُعتبر أحد أبرز الأدوات التي استخدمتها الإمارات في ترسيخ نفوذها على سقطرى، منذ أن منحته الجنسية بعد تعيينه، وتُنفّذ من خلاله سياسة تفكيك للسلطة المركزية، عبر تسليم المرافق الحيوية، من مطارات وموانئ ومشاريع طاقة، إلى شركات إماراتية، ما أفقد السكان المحليين السيطرة على مواردهم الطبيعية.
وأوضح مراقبون أن تصرف الثقلي لا يمثل انزياحاً شخصياً، بل يُشكل جزءاً من استراتيجية إقليمية ممنهجة تسعى إلى تحويل سقطرى إلى قاعدة استراتيجية تخدم مصالح خارجية، بعيداً عن التوجهات الوطنية اليمنية.
وحلّل خبراء سياسيون أن التناقض في موقف المحافظ يعكس حالة من التمزق في الهوية السياسية في الجنوب، حيث يُقدّم مسؤولون مُعيّنون من قبل الدولة اليمنية، شكلاً من أشكال “الولاء المزدوج”، يُصب في مصلحة مجموعات تسعى إلى تفكيك الكيان الوطني، في حين يعاني المواطن من شح في الخدمات الأساسية، مثل الكهرباء والمياه، وغياب الأمن.
وأشارت تقارير إلى أن الوضع في سقطرى تفاقم بسبب تواجد قوات تابعة للمجلس الانتقالي، ما جعل الأرخبيل يشبه “محمية مفتوحة” على حد تعبير مراقبين، لا تُنظمها الدولة، بل تُدار بقرارات شبه عسكرية.
وفي هذا السياق، وصف نشطاء سياسيون التوجه الحالي بأنه “مسرحية دستورية”، تُقدم فيها الحدود بين الشرعية والانقلاب كمجرد خطوط رمزية، بينما تُسرق مقدرات الشعب في ظل صمت مريب من الحكومة المركزية.
وأكدت مصادر محلية أن المواطنين في سقطرى يشعرون بالاستياء من تصرفات المسؤولين الذين يُصرّون على الالتزام بالشكل الرسمي للدولة، في حين يُطبّقون مشاريع خارجية تُسهم في تقويض مؤسساتها، في خطوة تُرسي مبدأ “السُلطة المزدوجة” التي تُعاقب المواطن في كل مرة.
وأدى هذا التحول إلى تعقيد الوضع الأمني والاقتصادي، ودفع كثيراً من السكان إلى مغادرة الأرخبيل بحثاً عن بيئة أكثر استقراراً، ما يُفاقم الأزمة الإنسانية في منطقة كانت من أبرز معاقل الاستقرار في الجنوب.
وتساءلت مصادر محلية: كيف يُمكن أن تُبنى دولة على مبدأ التناقض؟! وهل يمكن أن تُدار كيانات حيوية بقرارات لا تعبّر عن إرادة شعب، بل عن مصالح خارجية؟
وأكدت هذه المصادر أن المخرج الوحيد من الأزمة يكمن في عودة سيادة الدولة، وإنهاء التدخلات الخارجية، ومحاسبة من يُسهم في تقويض أركان المشروع الوطني، من دون تمييز بين الأفراد أو المواقع.
مرتبط
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news