أولاً: مقدمة
منذ العام 2015، واليمن يرزح تحت أزمات متداخلة، فشلت معها كل المحاولات السياسية والعسكرية لإعادة بناء الدولة أو تحقيق السلام. وفي قلب هذا الفشل، برزت التحديات الكبرى بين الجنوب والشمال، والتي أثبتت السنوات الماضية استحالة تجاوزها بصيغ الشراكة القسرية.
ثانياً: فشل الحلول المفروضة
1. فشل اتفاق الرياض (2019):
الاتفاق وُقّع بضغوط خارجية بين المجلس الانتقالي الجنوبي وحكومة "الشرعية"، لكنه لم يُطبق إلا جزئياً، وانتهى عملياً بتوسع النفوذ العسكري الجنوبي وانهيار الالتزام بالشراكة السياسية.
2. فشل نقل السلطة (2022):
قرار نقل السلطة من الرئيس عبدربه منصور هادي إلى مجلس القيادة الرئاسي لم يحقق أي من أهدافه. فالمجلس ظل عاجزاً ومشلولاً بفعل التباين العميق في الرؤى بين أعضائه وغياب الشرعية الشعبية أو القانونية لبعضهم.
3. فشل الحكومات المتتالية منذ 2015:
لم تحقق الحكومات المتعاقبة أي تحسين في الوضع الأمني أو الاقتصادي، وباتت تعيش في عزلة تامة عن الشعب، وتتحرك وفق حسابات فئوية أو مناطقية، لا وطنية.
4. فشل مجلس القيادة الرئاسي:
المجلس الذي شُكّل كـ"حل توافقي" أثبت عدم قدرته على الفعل، وتحول إلى مظلة صراع لا إدارة. تهميش الجنوبيين، واحتكار القرار من بعض الأطراف، وانعدام الإجماع، جعله غير قادر على الاستمرار.
ثالثاً: الواقع السياسي الحالي
- الحوثيون يسيطرون على الشمال عسكرياً وسياسياً.
- الشرعية الشمالية مشتتة بين فنادق الخارج وعدن ومأرب دون مشروع حقيقي.
- الجنوب محرر ويشهد سيطرة شبه كاملة للمجلس الانتقالي الجنوبي سياسياً وعسكرياً.
- لا توجد أي صيغة ناجحة للتعايش السياسي بين الشمال والجنوب، حتى مرحلياً.
- الوضع الاقتصادي والأمني ينهار، والفقر والجوع ينتشران، بينما النخب السياسية في غياب تام.
رابعاً: المطلوب استراتيجياً من التحالف العربي
على دول التحالف، وتحديداً السعودية والإمارات، أن تعترف بحقيقة فشل الصيغ السابقة، وأن الوقت حان للانتقال إلى حل واقعي:
1. الاعتراف الكامل بحق الجنوبيين في إدارة أرضهم ومصيرهم.
2. دعم حوار جنوبي شامل وصادق تقوده قوى الجنوب، وعلى رأسها المجلس الانتقالي الجنوبي، لتشكيل حكومة
جنوبية مستقرة.*
3. تشكيل حكومة "شمال" للحرب أو السلام، تتخذ من مأرب مقراً، تجمع فيها جميع القوى الشمالية المناهضة للحوثي.
4. القبول بأن هناك مشروعين سياسيين مختلفين لا يمكن
دمجهما:
- مشروع جنوبي يسعى لاستعادة الدولة.
- مشروع شمالي غير واضح وممزق بين صراعات
حزبية وأمراء حرب.
5. الإقلاع عن تكرار الفشل بتجريب صيغ شراكة مشوهة ومفروضة، فقد أثبتت التجربة من 2015 حتى 2025 أنها غير قابلة للنجاح.
خامساً الخاتمة
لقد أثبت الواقع أن الجنوب اليوم هو الكيان السياسي والعسكري الأكثر تنظيماً واستقراراً.
بينما الشمال لا يزال في قبضة الحوثيين أو في حالة شتات. الاستمرار في خلط المشروعين سيؤدي إلى مزيد من الانهيار والتمزق، والحل يبدأ من الاعتراف بهذه الحقيقة والعمل على بناء واقع جديد قائم على الوضوح، لا الوهم.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news