الضربات الإسرائيلية ومستجدات الملف النووي الإيراني وانعكاساتها على خرائط التحالفات
قبل 16 دقيقة
يشهد الشرق الأوسط موجة جديدة من التصعيد، مع اتساع نطاق الضربات الإسرائيلية لتشمل الدوحة، في وقت يعود فيه الملف النووي الإيراني إلى الواجهة من جديد.
هذه التطورات لا تبدو منفصلة عن بعضها، بل تشكّل حلقات مترابطة تعيد صياغة موازين القوى، وتفرض على دول المنطقة مراجعة خياراتها الاستراتيجية في السياسة والأمن والدبلوماسية.
الضربات الإسرائيلية:
استهداف الدوحة لم يكن مجرد عملية عسكرية، بل رسالة سياسية مباشرة لقطر التي بنت مكانتها الدولية على دور الوسيط والداعم للمقاومة إعلاميا وسياسيا.
الضربة وضعت مجلس التعاون الخليجي أمام اختبار استراتيجي صعب، خاصة وأن الدوحة تحتضن قاعدة "العديد" الأمريكية، ما يجعلها مؤشرا على حدود التزام واشنطن بحماية شركائها.
أما في اليمن، فتسعى إسرائيل عبر ضرباتها إلى تحجيم نفوذ الحوثيين وتقليص قدرة إيران على التأثير في الملاحة الدولية عند البحر الأحمر وباب المندب، غير أن هذه الضربات تحمل في طياتها مخاطر أكبر على أمن الطاقة وحركة التجارة العالمية، وهو ما يرفع من احتمالات التدخل الدولي المباشر لاحتواء التوتر.
خيارات قطر:
يستبعد خوض الدوحة مواجهة عسكرية مباشرة مع إسرائيل، لما لها من كلفة سياسية واقتصادية قد تفقدها دورها كوسيط وتضعف ثقة المستثمرين باستقرارها، لكن أمامها بدائل أخرى:
- الحرب الدبلوماسية: تحشيد المواقف العربية والدولية، استخدام أدوات الضغط في الأمم المتحدة، وربما اتخاذ خطوات تصعيدية كطرد بعثات دبلوماسية أو تجميد علاقات.
- الحرب غير المباشرة: دعم فصائل المقاومة أو فتح مسارات ضغط عبر أطراف ثالثة مثل اليمن، مع ما قد يترتب على ذلك من ضغوط أمريكية واستهداف سياسي واقتصادي.
إلى جانب ذلك، تمتلك قطر أوراقا مؤثرة أبرزها الإعلام والمال؛ فشبكة الجزيرة قادرة على تحويل أي ضربة إلى قضية رأي عام عالمي، بينما تمنحها استثماراتها الضخمة قوة ضغط اقتصادية يصعب تجاهلها.
الملف النووي الإيراني: ورقة ضغط حاسمة:
إيران أعادت الملف النووي إلى الواجهة من خلال اتفاق جديد مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن التفتيش والتعاون. وفعليا فقد منخت هذه الخطوة إيران مساحة للمناورة وتُكسبها ورقة دبلوماسية قوية، لكن بالنسبة لإسرائيل، يبقى أي تقدم في تخصيب اليورانيوم تهديدا وجوديا، ما يبرر استمرارها في الضربات الاستباقية ضد ساحات النفوذ الإيراني من سوريا إلى اليمن، وربما الخليج.
التحالفات إقليمية ودولية جديدة، تغير خرائط الاشتباك:
تتجه المنطقة نحو حروب مركبة تتداخل فيها الضربات العسكرية المحدودة، والصراعات بالوكالة، والضغوط الاقتصادية والإعلامية. قطر مرشحة لقيادة مسار دبلوماسي مكثف، بينما تمضي إسرائيل في استراتيجية الضربات الوقائية، ويظل الملف النووي الإيراني العامل الأكثر حساسية في تحديد مستوى التصعيد أو التهدئة.
أما عن التحالفات فهي تحت الاختبار اليوم:
* خليجيا: الهجوم على قطر قد يدفع باتجاه مراجعة جذرية للمنظومة الأمنية الخليجية، وربما يفتح المجال لتقارب أكبر بين الرياض والدوحة وأبوظبي لمواجهة التحديات المشتركة.
* دوليا: الولايات المتحدة تواجه اختبارا صعبا للحفاظ على ثقة حلفائها الخليجيين، فيما تتحرك روسيا والصين لتعزيز نفوذهما عبر صفقات أمنية واقتصادية تستثمر أي فراغ في الحماية الأمريكية.
ختاما:
الضربات الإسرائيلية على الدوحة، والملف النووي الإيراني، ليست وقائع منفصلة بل مسارات متشابكة تعيد رسم المشهد الإقليمي برمته.
ومع دخول الشرق الأوسط مرحلة إعادة تشكل جديدة، يبقى السؤال: هل تستطيع القوى الإقليمية والدولية احتواء هذه الموجة قبل أن تتحول إلى صراع شامل يصعب التحكم في مساره؟
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news