شهدت النيبال في الأيام القليلة الماضية تصعيداً دراماتيكياً في الاحتجاجات الشعبية، قادها الشباب من جيل "Z"، مما أدى إلى استقالة رئيس الوزراء كي بي شارما أولي، وفرض حظر تجول، وإغلاق مطار كاتماندو الدولي لأكثر من 24 ساعة. وصلت الاحتجاجات إلى ذروتها يوم الاثنين الماضي، حيث أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 30 شخصاً، معظمهم من الشباب، وإصابة أكثر من 100 آخرين، وفقاً لتقارير منظمة الأمم المتحدة ووسائل إعلام دولية.بدأت الاحتجاجات في أوائل سبتمبر كرد فعل على حظر الحكومة لأكثر من 20 منصة تواصل اجتماعي رئيسية، بما في ذلك فيسبوك، إنستغرام، تويتر (X)، ويوتيوب، بعد فشل الشركات في التسجيل وفقاً لقوانين جديدة أصدرتها وزارة الاتصالات. ومع ذلك، سرعان ما تحولت الاحتجاجات إلى حركة أوسع ضد الفساد، عدم المساواة الاقتصادية، والمحسوبية في الحكومة، مع تركيز خاص على "أبناء النخبة" أو "Nepo Kids" الذين يعرضون حياة الرفاهية على وسائل التواصل بينما يعاني معظم الشباب من البطالة والفقر.في يوم الاثنين 8 سبتمبر، اندلعت المواجهات العنيفة بين المتظاهرين وقوات الأمن، حيث استخدمت الشرطة الرصاص الحي والمطاطي، مما أدى إلى مقتل 19 شخصاً على الأقل. رد المتظاهرون بإشعال النار في مباني حكومية رئيسية، بما في ذلك مبنى البرلمان، المحكمة العليا، ومكاتب الحزب الوطني الكونغرسي، بالإضافة إلى حرق فنادق مثل هيلتون في كاتماندو. كما تعرضت منازل قادة سياسيين، مثل الزوجة للرئيس السابق جالاناث خانال التي قُتلت حرقاً، للهجمات، وأُصيب آخرون مثل شير بهادور ديوبا وزوجته.أعلن أولي استقالته يوم الثلاثاء 9 سبتمبر، بعد يومين فقط من اندلاع الاحتجاجات الواسعة، في خطوة وُصفت بأنها محاولة لتهدئة الغضب الشعبي. وفقاً لاتفاق سابق بين حزب الكونغرس النيبالي وحزب الشيوعيين، سيتم تبادل السلطة بالتناوب حتى عام 2027، لكن المتظاهرين رفضوا هذا الترتيب وطالبوا بحكومة انتقالية بقيادة رئيس محكمة عليا سابق. حالياً، تولى الجيش السيطرة على الشوارع في كاتماندو، وفرض حظر تجول وطنياً، مع بدء محادثات بين السلطات والمتظاهرين.أعادت الحكومة السماح بمنصات التواصل الاجتماعي يوم الثلاثاء، وألغت بعض الإجراءات الطارئة، مما سمح بإعادة فتح المطار يوم الأربعاء. ومع ذلك، أدت الاضطرابات إلى تأجيل امتحانات المحاسبين المعتمدين في كاتماندو، وإلغاء رحلات جوية دولية، بما في ذلك تلك التابعة لشركات هندية مثل إنديغو وإير إنديا. كما أصدرت الهند نصيحة سفر تحذر مواطنيها من السفر إلى النيبال حتى استقرار الوضع.عبرت الأمم المتحدة عن استعدادها لتقديم المساعدة الإنسانية، مشددة على حماية المدنيين وحرية التعبير، بينما حذرت من أن هذه الاحتجاجات هي الأكثر عنفاً في النيبال منذ تحولها إلى جمهورية ديمقراطية عام 2008. ومع استمرار التوترات، يتساءل الخبراء عما إذا كانت هذه الحركة الشبابية ستؤدي إلى إصلاحات حقيقية أم إلى مزيد من الفوضى، في بلد يعاني بالفعل من تحديات اقتصادية عميقة.
اخبار التغيير برس
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news