أكد النائب البرلماني علي عشال، أن اسقالة رئيس هيئة الأراضي سالم العولقي، تعد "مِرْآة" تُرينا بشاعة ما نعيشه وتُحذّرنا من هاوية نقترب منها، نتيجة شبكة الفساد والنفوذ الذي يضرب مؤسسات الدولة.
وقال عشال في منشور له على منصة فيسبوك: "ليست الاستقالة في معناها العميق مجرّد ورقة توضع على طاولة المسؤول الأعلى، بل هي شهادة دامغة، بيان صامت يعلو على كل الضجيج، وصرخة تتردّد في فضاء يخيّم عليه غبار الفساد".
وأضاف: "هكذا بدت استقالة الأخ سالم ثابت العولقي، رئيس الهيئة العامة للأراضي، حين قرّر أن يضع القلم جانباً، معلناً انسحابه من معركة لا يُراد لها أن تُكسب.
وأوضح أن الآمال كانت "معقودة على رجلٍ حمل سمعته معه إلى موقعٍ ملغوم، ولأننا نعرف عنه الاتزان ونظافة اليد، استبشرنا بقرار تعيينه واعتبرناه قراراً موفقاً، في مرحلة غلبت فيها قرارات التعيين لكل من لا حظّ لهم من الكفاءة ولا نصيب لهم من الأمانة، فازدانت المناصب بالمتردية والنطيحة، وتوارى أهل العلم والخبرة خلف ستار التهميش والإقصاء".
وأردف: "لكن سرعان ما تحطمت الأحلام على صخرة النفوذ، وتبيّن أن معركة أراضي الدولة ليست معركة تخطيط وتنظيم وحسب، بل معركة تقودها قيادات كبيرة ومصالح وأذرع كثيرة للفساد تمتد حيث لا تصل يد القانون".
وأشار إلى أن الخسارة الفادحة بإنطفاء نقطة الضوء "في هذا الليل المظلم الذي نعيشه، خسارة أن يُدفع رجلٌ إلى الاستقالة لا لعجزه، بل لكونه لم يجد عوناً من قيادة الدولة، ولم يقبل أن يشارك في جريمة قُسّمت فيها أراضي الدولة كما تُقسم الغنائم".
وتابع: "والأنكى أن هذه الاستقالة لم تأتِ لتغلق ملفاً فحسب، بل لتفتح أعيننا على حجم المأساة التي تحدثنا عنها في منشورات وأحاديث سابقة، والتي تكشف عن عمق الجرح الذي تنزف منه البلاد في قطاعات ومؤسسات كثيرة أبرمت فيها صفقات وعقود أهدرت موارد الدولة وضيعت مقدرات البلد".
وأضاف: "ما أشبه هذه الخطوة بصرخة في وادٍ مقفر؛ صرخة تقول لنا إن خيمة الوطن على وشك أن تُقتلع أوتادها، وإن الريح السوداء للفساد لم تترك موطئ قدم للحق ولا ملاذاً للنزاهة. لكن، وسط هذا السواد، تظل الاستقالة نفسها فعل مقاومة رمزي، رسالة شرف تُكتب في وجه الانكسار، ودليلاً على أن في زمن السقوط والتردي ما يزال هناك من يختار الانسحاب بشرف على أن يغرق في وحل المشاركة".
ولفت عشال، إلى أن البعض يظن أن "استقالة كهذه لن تغيّر شيئاً، لكنها في الحقيقة مرآة، تُرينا بشاعة ما نعيشه وتُحذّرنا من هاوية نقترب منها. وإذا لم نلتقط الإشارة، فسوف نصحو يوماً على وطنٍ بلا أرض، وعلى خيمة بلا أوتاد، وعلى مستقبلٍ يُحدّد ملامحه مسؤولون لا يرون في الوطن إلا صفقة رابحة".
وفي وقت سابق، قدّم رئيس الهيئة العامة للأراضي والمساحة والتخطيط العمراني، سالم ثابت العولقي، استقالته رسميًا إلى رئيس مجلس الوزراء، سالم بن بريك، معللًا خطوته بتدخلات تعرقل عمل الهيئة وتعيق مسار الإصلاحات التي أطلقها خلال فترة توليه المنصب.
وقال العولقي في نص استقالته، التي تابعها "الموقع بوست" إنه عمل طوال فترة تكليفه "بكل أمانة ومسؤولية من أجل حماية أراضي الدولة وأملاكها العامة والخاصة".
وأكد العولقي أنه واجه ضغوطًا وتدخلات مباشرة أفضت إلى تعطيل مهام الهيئة القانونية والفنية، وأثرت على جهود الإصلاحات الإدارية والتنظيمية.
وأضاف أن الاستقالة جاءت بعد أن بلغت التدخلات "حدًا يهدد صلاحيات الهيئة ويعرقل مسار الإصلاحات الجارية"، مشيرًا إلى أن تلك العراقيل جعلت من الصعب مواصلة مهمته بما يتوافق مع الأنظمة والقوانين النافذة.
وأشار العولقي في ختام استقالته إلى أنه قدّم استقالته من موقعه حرصًا على المصلحة العامة، مؤكدًا التزامه الدائم بالوقوف إلى جانب أي جهود إصلاحية حقيقية تحفظ أراضي الدولة وتعيد الاعتبار للمؤسسات المختصة.
وكان العولقي كان قد أصدر في 24 أغسطس الماضي سلسلة قرارات إدارية لإعادة هيكلة فرع الهيئة في العاصمة المؤقتة عدن، شملت تكليف قيادات جديدة في مناصب إدارية وفنية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news