طلاب جامعة تعز.. عام دراسي جديد وسط تحديات لا حصر لها (تقرير خاص)

انطلق اليوم السبت ، العام الدراسي الجديد في جامعة تعز، حاملًا معه آمالًا عريضة لآلاف الطلاب الذين يطمحون باستكمال مسيرتهم التعليمية في مدينةٍ طالما عُرفت بمنارتها العلمية والثقافية، إلا أن هذه البداية لا تخلو من التحديات الجسيمة التي تلقي بظلالها على الواقع اليومي لطلاب العلم.

وفي ظل الواقع المعيشي غير المستقر واستمرار ارتفاع أسعار المواد الأساسية، يواجه الطلاب صعوبةً كبيرة في تأمين مستلزماتهم الدراسية الضرورية؛ فبين شراء الكتب والملازم والأدوات الدراسة المختلفة، يجد الكثير من الطلاب أنفسهم في مواجهة معضلة كبيرة تتمثل في عدم قدرتهم على تغطية هذه النفقات المتزايدة.

ولا يقتصر الأمر على ذلك، فعبء تكاليف المواصلات والإيجار للطلاب القادمين من الأرياف يضاف إلى قائمة التحديات، فمع المسافات الطويلة التي يقطعها بعض الطلاب والتي تصل إلى ثلاثة مشاوير للوصول إلى الجامعة وثلاثة أخرى للعودة، أصبحت أجور النقل باهظة، مما يشكل عائقًا إضافيًا يحول دون انتظامهم في الحضور. 

هم كبير 

موقع" المهرية" التقى عددًا من طلاب جامعة تعز والذين بدورهم عبروا عن المشاعر المختلطة التي يعيشونها اليوم، مع بداية العام الدراسي الجديد، بين السرور في العودة لنيل العلم والقلق من تكاليف العلم الباهظة.

وبهذا الشأن تقول نعمة الكحلاني" طالبة في المستوى الثالث- قسم إنجليزي" كلما ابتدأ عام دراسي جديد نشعر تجاهه بهم كبير ينافس أحلامنا وطموحاتنا ويتقوى عليها، اليوم التحديات تنافس الأحلام والمحبطات تتقوى على الآمال".

وأضافت الكحلاني لـ" المهرية نت" ربما نحن الطالبات، معاناتنا أخف من الطلاب؛ وذلك لأننا نعتمد بشكل كليٍّ على أسرنا، لكن هذا لا يعني أننا لا نعاني فنحن نتعب كثيرا عندما نرى أهلنا يتعبون لأجلنا، اليوم الدراسة الجامعية أصبحت تكلف الكثير والكثير".

وأشارت إلا أن" أسعار الكتب والملازم تشكل عائقا كبيرا أمام الكثير من الطلاب، اليوم أغلب الملازم سعرها يتجاوز الـ2500 ريال وهذا ما لا يقدر عليه غالبية الطلاب، ناهيك عن أن أغلب الدكاترة يفرض على الطلاب طبع الكتاب كاملا مع أن المأخوذ منه سيكون قليلًا، لا توجد مراعاة لمعاناة الطلاب لا من الدكاترة ولا من الواقع المعيشي".

وتابعت" تكاليف الأنشطة التي نطالب بها باستمرار تكون باهظة الثمن، فعلى سبيل المثال، في بعض الأقسام يحتاج الطلاب لقاعة مفرغة من أجل إقامة نشاطهم وهذه القاعة تكون من أصل مبنى الجامعة، لكن الطلاب يكون ملزمين بدفع مبلغ كبير من المال حتى يتمكنوا من استخدام تلك القاعة بحجة أن الجامعة ستدفع مالًا لعمال النظافة مقابل تنظيف القاعة، حتى أننا نشعر للحظة أننا ينبغي أن ندفع المال على كل خطوة نخطوها، ومن أين لنا كل هذا؟".

وواصلت" كل شيء داخل الجامعة أصبح باهظ الثمن مقارنة بسعره خارج الجامعة، سواء في طباعة الأوراق أو حتى على مستوى الطعام والشراب المتوفر في كافيتريا الجامعة، اليوم الكثير من الطلاب لا يستطيع حتى أكل وجبة خفيفة أو شرب كأس من الشاي كتزويد لنفسة إذا ما تأخر في الدوام، بالمعنى أن الطالب الجامعي يحاول ترقيع هذا المكان فتفتح له في مكان آخر مأساة أخرى ".

*رحلةٌ شاقة

في السياق ذاته يقول الصحفي مكين العوجري" مع انطلاق العام الجامعي الجديد، يقف آلاف الطلاب في مختلف الجامعات في مدينة تعز أمام واقعٍ قاسٍ تتضاعف فيه التحديات وتثقل كاهلهم الأعباء؛ فبدل أن يكون العام الدراسي بداية أمل في تحقيق الطموحات، يتحول إلى رحلة شاقة يطاردها القلق وتطغى عليها المعاناة".

وأضاف لـ" المهرية نت" الطلاب يواجهون ارتفاعاً كبيرًا متطلبات الحياة اليومية المرافقة للدراسة الجامعية وكذلك المستلزمات التعليمية، وأدوات ومراجع وملازم، وسكن، ومواصلات نقل، وغذاء".

 وبحسب العوجري فإن" الكثير من الطلاب اليوم لا يستطيعون توفير حتى الجزء اليسير من الاحتياجات الضرورية، الدراسة الجامعية في ظل وضع اقتصادي صعب يعيشه البلد بشكل عام وتعز بشكل خاص نتيجة ارتفاع الأسعار وغياب الخدمات".

ولفت إلى أنه" على الرغم من التحسن النسبي في سعر الصرف، فإن انعكاساته على الأسعار كانت محدودة، الإيجارات ما تزال مرتفعة، والمواصلات الداخلية لم تشهد أي تراجع يُذكر، وكل هذه تزيد العبء على الطالب وأسرته".

*القادمون من الأرياف أشدُ عناءً

وتابع" المعاناة الأكبر تطال الطلاب القادمين من الأرياف؛ إذ يواجهون صعوبةً في الحصول على سكن ملائم، بعضهم يضطر للعيش في دكاكين أو مساكن غير مؤهلة، لا تلبي شروط الحياة الكريمة ولا توفر أجواء تساعد على المذاكرة والاستقرار، أما التنقل من القرى إلى المدن فيحتاج إلى مصاريف ثابتة لا يملكها معظمهم، فيصبح الطريق إلى مقاعد الدراسة محفوفًا بالتحديات".

ومضى قائلا " كل هذه الصعوبات تضع مستقبل جيل كامل على المحك، وكان من المفترض أن يقف المجتمع ومؤسسات الدولة عند مستوى المسؤولية لتخفيف هذه المعاناة، حتى يتمكن الطلاب من مواصلة تعليمهم بوصفه الأمل الأخير لانتشالهم وانتشال الوطن من أزماته".

بدوره يقول أويس الدوح( طالب في المستوى الثالث- كلية الإعلام )" نعيش اليوم مشاعر مختلطة بين السرور والقلق، نحن طلاب جامعة تعز اليوم نستقبل العام الدراسي الجديد ونحن نصارع تحديات كبيرة وكثيرة".

 وأضاف الدوح لـ" المهرية نت" رغم تحسن الوضع الاقتصادي للبلاد إلا أن هذا لم ينعكس على وضعنا- نحن الطلاب- بالشكل المطلوب الذي يجعلنا في مأمن مادي نستطيع أن نتعلم بلا فيه قلق ولا هم وغم".

وتابع" مسألة المواصلات ما تزال معرقلة للكثير فالمشوار الواحد يكلف 200 ريال وهذا المبلغ يعد كبيرا على الطلاب فهم بحاجة للكثير من المشاوير اليومية سواء للجامعة أو حتى خارج الجامعة في الحصول على مواد الأنشطة المطلوبة منهم".

 وأردف" السعيد من الطلاب من يسكن داخل المدينة فهو- على الأقل- يكون غير ملزم بدفع تكاليف الإيجار المرتفع، أعرف الكثير من الطلاب ممن يأتون من الأرياف لمواصلة تعليمهم الجامعي، وهؤلاء في البداية يكونوا ملزمين أولاً بتأمين السكن، وتأمين السكن للطلاب صعب للغاية فأصحاب البيوت يرفضون التأجير للطلاب إلا القليل منهم وهؤلاء القليل يطلبون مبلغا كبيرا مقابل تأجير شقة صغيرة الحجم".

وأشار إلى أنه" هناك من الطلاب من يدرس ويعمل في الوقت نفسه، وهؤلاء يعيشون صراعا كبيرا مع الحياة من أجل كسب لقمة العيش ونيل العلم، ومعاناتهم تكمن في عدم الحصول على القسط الكافي من المحاضرات وهذا ما يراكم عليهم المذاكرة، ناهيك عن أن الطالب إذا تغيب كثيرا يحرم من المادة حتى وإن أجاب في الامتحان بشكل سليم".

واختتم" نسأل الله أن يكون هذا العام عامًا مليئا بالعلم خاليا من المنغصات التي تلاحق طلاب الجامعات كشبح قاتل".