في الرقاب، على تخوم سيدي بوزيد، لم يولد المركز الثقافي بيتهوفن بالتونسي صدفة، بل جاء كصرخة حلم في وجه العزلة، وكبرهان حيّ على أن الثقافة ليست ترفاً، بل حقّ إنساني أصيل. منذ 2019، تحوّل هذا الفضاء من فكرة شبابية صغيرة إلى بيت واسع يتنفس موسيقى ومسرحاً وسينما، ويزرع بذور الأمل في قلوب الناشئين.
مهرجان السمفونية: موعد للحلم الجماعي
من أبرز ما أنجزه المركز، يظلّ مهرجان السمفونية، الذي تحوّل إلى تقليد سنوي منذ 2019. هذه السنة، حملت الدورة السادسة رسالة مضاعفة: احتفاء بالفن، واحتفاء بالمرأة. لم يكن المهرجان مجرد سلسلة عروض، بل كان فسحة للحوار والورشات، ومساحة أعادت للفن دوره الأول: أن يكون جسراً يصل الهامش بالعالم.
وهنا يظهر سرّ النجاح: العمل الجماعي.
أحمد عبيدي، المؤسس، وضع البذرة الأولى. خولة عمري نسجت الخيوط بخيط من تنسيق وإشراف. رجاء مبروكي قادت الجانب اللوجستي والتنظيمي. رازي صالحي حمل الفن إلى أطفال مدرسة ريفية في قبرار. ونرجس صياحي منحت الأطفال فسحة من الإبداع في ورشاتهم الفنية.
كل اسم، كل متطوع، كل مؤسسة، لم يكن رقماً عابراً في القائمة، بل كان نغمة في هذه السمفونية التي عزفتها الرقاب بأصواتها.
اليوم، بعد ست سنوات من الإصرار، صار المركز الثقافي بيتهوفن بالتونسي علماً من أعلام الثقافة البديلة. ثقافة لا تأتي من فوق، بل تنبع من الناس وإليهم. ثقافة تحكي بلهجتهم، تحاكي يومياتهم، وتمنحهم أفقاً أوسع من حدود الجغرافيا.
هكذا، يتواصل العزف… سيمفونية بعد أخرى، حلمٌ صغير يزداد اتساعاً، ورسالة تقول:
إن الفن حين يسكن القلوب، يصير أقوى من أي قيد.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news