26 سبتمبر .. ميلاد وطن جديد وتجدد الأمل
قبل 10 دقيقة
في كل عام، تحلّ علينا ذكرى السادس والعشرين من سبتمبر، لتعيد إلينا ليس مجرد حدث تاريخي، بل روحًا تتجدد، وأملًا يتوهج في قلوب اليمنيين جميعًا. إنها الذكرى التي ارتبطت بميلاد وطن جديد، وطن تخلّص من قيود العبودية والاستبداد، وانطلق نحو قيم الحرية والكرامة والجمهورية
.
لم تكن ثورة 26 سبتمبر 1962 مجرّد انقلاب عسكري كما يصفها البعض، بل كانت انتفاضة شعبية حقيقية، صرخة مدوّية هزّت أركان الظلم، وكسرت القيود الثقيلة التي فرضتها الإمامة على اليمنيين لعقود طويلة. لقد كانت ثورة لإنسان اليمن قبل أن تكون ثورة لنظام حكم، إذ منحت اليمنيين لأول مرة شعورًا بأنهم مواطنون أحرار، لا رعايا مستعبَدون.
كانت الإمامة حقبة مظلمة من تاريخ اليمن، حيث سُلبت الحقوق، وقُمعت الأصوات، ونهبت الثروات، وأُدخل الشعب في دوّامة من الفقر والجهل والمرض. لم يكن الإمام يرى في اليمني سوى وسيلة لتثبيت سلطته، فكان يشرّد ويعتقل ويقتل كل من يفكر في الحرية. فجاءت ثورة سبتمبر لتفتح أبواب الأمل، ولتقول للعالم: إن اليمنيين قادرون على كسر القيود وصناعة حاضر يليق بتاريخهم العريق.
تاريخ يعيد نفسه.. والأمل لا يموت
المؤسف أن التاريخ يحاول أن يعيد نفسه اليوم، مع عودة أحفاد الإمامة الذين يسعون لإرجاع اليمن إلى تلك الحقبة السوداء. يمارسون الأساليب القمعية ذاتها، ويكررون الممارسات نفسها التي ثار عليها اليمنيون قبل أكثر من ستة عقود: قمع، تجهيل، نهب للثروات، وتشريد للأبرياء. إنهم نسخة جديدة من الاستبداد القديم، لكنهم يجهلون أن اليمني الذي أشعل ثورة سبتمبر لن يقبل أن يُستعبد مرة أخرى.
شعلة سبتمبر لا تزال حيّة في وجدان الأجيال المتعاقبة. إنها ذاكرة متقدة تُذكّر اليمنيين بأنهم أحفاد ثوار، وأن الحرية التي افتُديت بالدماء لن تُفرَّط فيها الأجيال. صحيح أن التحديات جسيمة، والجرح عميق، لكن الأمل لا يموت. فكلما حاول المستبدون إطفاء جذوة الحرية، اشتعلت من جديد في قلوب الأحرار.
سبتمبر رسالة للأجيال
إن ذكرى السادس والعشرين من سبتمبر ليست مجرد احتفال رسمي ولا مهرجان خطابي، بل هي رسالة قوية لكل من يحاول إعادة عجلة الزمن إلى الوراء. إنها تذكير دائم بأن الشعب اليمني الذي أطاح بالإمامة قبل عقود، قادر اليوم على أن يطهّر أرضه من كل من يسعى لإعادته إلى عصر العبودية.
ما زرعته ثورة سبتمبر من بذور الحرية لن يذبل أبدًا، بل سينمو ويترعرع ليصبح شجرة راسخة تقضي على بقايا الماضي البغيض. ومن واجب كل يمني حر أن يحافظ على هذه المكاسب، وأن يتصدّى لكل المشاريع الظلامية التي تستهدف هويتنا الوطنية وقيمنا الجمهورية.
الأمل لا ينكسر
اليوم، أكثر من أي وقت مضى، يحتاج اليمنيون إلى أن يتمسكوا بروح سبتمبر، وأن يجعلوا منها وقودًا لمعركتهم الكبرى من أجل الحرية والكرامة. قد تطول المعركة، وقد يشتد الألم، لكن النصر قادم. فاليمن الجمهوري الذي حلم به الثوار الأوائل سيتحقق، لأن إرادة الشعوب أقوى من كل الطغاة، ولأن الأمل الذي زرعه سبتمبر لا ينكسر.
ستظل 26 سبتمبر ميلادًا جديدًا لكل يمني، وستبقى الراية الجمهورية خفّاقة رغم كل المؤامرات. ومن يحاول قهر اليمنيين اليوم، سيجد نفسه في مواجهة أمة بأكملها، أمة أحفاد الثورة والجمهورية. فسبتمبر ليس ذكرى عابرة، بل عهد يتجدّد، وأمل يولد، وإيمان راسخ بأن الحرية قدر اليمن، ومن قرح يقرح.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news