“يمن ديلي نيوز” يرصد تبعات الهبوط المفتعل للعملات.. خسائر كبيرة والصرافون يوصدون أبوابهم

أعد التقرير لـ”يمن ديلي نيوز” عميد المهيوبي:

توالت تبعات الهبوط المفتعل لأسعار العملات الصعبة في سوق الصرف بالمحافظات التابعة للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، حيث أغلقت عشرات شركات الصرافة أبوابها اليوم في كل من عدن ومأرب ومحافظات أخرى.

وفي حين يرى متضررون من الهبوط المفتعل أن الاضراب هدفه التهرب من استعادة أموالهم، قالت شركات الصرافة إن إغلاق الأبواب يأتي احتجاجاً على تحميلهم مسؤولية الهبوط والمضاربة بالعملات من قبل البنك المركزي اليمني.

في السياق احتشد مئات المواطنين صباح اليوم أمام محلات الصرافة في المحافظات اليمنية المختلفة قبل أن تغلق أبوابها للمطالبة باستعادة مبالغهم المالية من العملات الصعبة بعد اتهام البنك المركزي لمضاربين بالوقوف وراء الهبوط المفتعل لأسعار العملات الصعبة.

ومطلع الأسبوع الجاري شهدت أسعار العملات الصعبة تراجعاً مفاجئاً وكبيراً وصل معه سعر الدولار إلى أقل من ألف ريال، والسعودي إلى نحو 250 ريالاً.

في هذا التقرير يرصد “يمن ديلي نيوز” حالة السخط التي خلفتها عملية المضاربة بسعر الصرف في الأوساط الشعبية والمصرفية، وكيف تسببت هذه المضاربة بأسعار الصرف في إرباك السوق المصرفية بعد ثبات أسعار الصرف لشهر كامل.

مواطنون يتحدثون

الدكتور “بدر العرابي” أستاذ الأدب والنقد بجامعة لحج قال لـ”يمن ديلي نيوز”: “قمت بصرف مبلغ ألف درهم إماراتي بسعر صرف 300 ريال للدولار، بفارق يعادل 125ألف ريال يمني عن السعر الرسمي، وذلك بدافع تغطية مصاريف كشوفات طبية عاجلة، إلى جانب الخوف من استمرار انخفاض السعر بشكل أكبر.

وأضاف العرابي: “المضاربة التي حصلت في السوق أثرت بشكل مباشر على المعيشة، وتسببت باضطراب في المصروف الشهري، إلى درجة أن المبلغ لم يغطي حتى المراجعة الطبية أو الفحوصات الدورية”.

وأشار إلى أنه حاول التواصل مع إدارة شركة الصرافة المعنية “شركة الشامل للصرافة والتحويلات”، لكنهم أبلغوه أن الأمر قد تم ولا يمكن تعويضه. وهذا ما اضطره إلى اللجوء للجهات الأمنية وتقديم بلاغ رسمي ضد الشركة.”

وفي مستشفى العباس بمدينة تعز، قال أحد المرضى إن خسارته جراء اضطراب أسعار الصرف حالت دون إجرائه عملية جراحية ضرورية.

وأوضح أنه صرف ألف ريال سعودي على عجل، ليخسر نحو 280 ألف ريال يمني، مضيفًا: “لم تتوقف الخسارة عند الجانب المادي، بل انعكست على حالتي النفسية وأسرتي، واضطر والدي للاستدانة فيما توقفت العملية الجراحية حتى أوفر المبلغ المتبقي”.

خالد سرحان – مغترب – قال: “كنت أمتلك عشرة آلاف ريال سعودي جمعتها لشراء باص كمصدر رزق، لكن بعد المضاربة وخسارتي ألفي ريال سعودي، اضطررت لبيع مسدسي الشخصي لتغطية جزء من الخسارة”.

وأكد سرحان أن ما حدث معه “يعكس معاناة آلاف المواطنين الذين وثقوا بالبنوك وشركات الصرافة، ليجدوا أنفسهم ضحايا لسياسات مالية مرتبكة”، محذرًا من أن استمرار هذا الوضع سيقضي على ما تبقى من ثقة بالنظام المصرفي.

المتضررون أجمعوا على تحميل البنك المركزي ونيابة الأموال العامة والحكومة مسؤولية ما جرى، مطالبين بفتح تحقيق عاجل، وإلزام البنوك وشركات الصرافة بإعادة الأموال المنهوبة، وحماية المواطنين من تكرار هذه الممارسات التي فاقمت الأوضاع المعيشية وزادت معاناة الناس.

دعوات للاضراب

إلى ذلك أعلنت جمعية صرّافي عدن، اليوم الثلاثاء، الدخول في إضراب شامل عن مزاولة النشاط استجابةً لتداعيات الأوضاع الاقتصادية والاتهامات التي طالت القطاع مؤخرًا.

وقالت الجمعية إن قرار الإضراب جاء للتعبير عن رفضها لما وصفته بـ”الادعاءات والشائعات” التي تلقي بالمسؤولية على الصرّافين في هبوط أسعار العملات الصعبة.

وشددت على أن قطاع الصرافة كان ولا يزال شريكًا أساسيًا في إنجاح خطوات الإصلاح الاقتصادي ودعم سياسات البنك المركزي.

وطالبت الجمعية الجهات الرسمية والبنك المركزي بكشف تفاصيل الإجراءات المتخذة للرأي العام بكل شفافية، وفتح تحقيق جاد في ما يتم تداوله من معلومات وصفتها بأنها “غير دقيقة” بدلًا من ترك المجال للإشاعات التي تزيد من قلق الشارع وتؤثر سلبًا على الأسواق.

وفي محافظة مأرب قالت مصادر مصرفية إن منشئات الصرافة قرروا إغلاق أبوابهم احتجاجاً على تحميلهم مسؤولية المضاربة بأسعار العملات، والتي منحت المواطنين المجال للاصطفاف أمام محلات الصرافة لاستعادة أموالهم وتحميلهم مسؤولية ماجرى.

رسالة للمواطنين

وتعليقاً على هذه الفوضى التي عاشها سوق الصرف لمدة يومين قال الاقتصادي “فارس النجار”: البنك المركزي يخوض “معركة شرسة ضد المضاربين الذين حاولوا العبث بسعر الصرف ونهب مدخرات المواطنين”، معتبراً أن “المؤسف في هذا التوقيت هو توجيه بعض الأقلام سهامها نحو البنك بدلاً من دعمه في مواجهة قوى المضاربة”.

وأوضح النجار أن ما جرى خلال الأيام الماضية “يؤكد وجود كتلة نقدية كبيرة في السوق، يعمل البنك على استغلالها في تغطية فاتورة الاستيراد وضبط السوق، وهي فرصة لتعزيز الاستقرار النقدي”، لافتاً إلى أن المواجهة مع المضاربين “لن تُحسم ببيان واحد وإنما هي معركة مستمرة”.

وأضاف أن “غياب التوازن بين تحسن سعر الصرف وعدم انعكاسه على أسعار السلع والخدمات، أدى إلى حدوث فجوة عانى منها المواطنون، خصوصاً الذين يتقاضون أجورهم بالعملة المحلية، مقارنة بمن يتقاضون دخلهم بالعملات الأجنبية مما ساهم في ارتفاع الإنفاق الاستهلاكي عما كان عليه سابقاً بسبب هذه الفجوة”.

وأشار النجار إلى أن هذا الخلل يعود إلى “ضعف مؤسسات الدولة، وتسارع الإجراءات، وارتباك السلطات المحلية في التعامل مع التطورات الاقتصادية، إضافة إلى غياب الانضباط في السوق”.

وشدد في الوقت ذاته على أن “العمل جارٍ تدريجياً لمعالجة هذه التحديات، وأن توازن قوى السوق كفيل بإعادة الأمور إلى نصابها”.

مؤكداً أن البنك المركزي حدد سعر الصرف عند 425 ريالاً للشراء و428 ريالاً للبيع، دون أن يصدر أي بيان بشأن تراجع جديد، داعياً المواطنين إلى “عدم الانجرار خلف قوى المضاربة، وعدم بيع أو شراء النقد الأجنبي إلا في حدود الحاجة”.

وبشأن الخسائر التي تعرض لها المواطنون، قال النجار: “قد يكون من الممكن معالجة المبالغ التي صُرفت عبر مستندات رسمية وفواتير يمكن متابعتها واستردادها عبر الجهات الرسمية، ولكن المشكلة تكمن في المبالغ التي صُرفت دون سندات رسمية، إذ يصعب التأكد من صحة ادعاءات المواطن أو البنوك وشركات الصرافة على حد سواء، مما يعكس تجاهل بعض المواطنين للتحذيرات المتكررة من البنك المركزي بعدم التعامل مع البنوك وشركات الصرافة إلا بسندات رسمية”.

واختتم النجار تصريحه بالقول: “ننصح من يمتلك مدخرات بالعملات الأجنبية أن يحتفظ بها كما هي، وألا يكون شريكاً في العبث الحاصل، فالمسؤولية اليوم جماعية، ونعول على وعي المجتمع في مواجهة هذه الظاهرة والسعي نحو استقرار اقتصادي مستدام”.

مرتبط

الوسوم

هبط العملات الأجنبية

القطاع المصرفي

ارتفاع الريال اليمني

صرف عملات

نسخ الرابط

تم نسخ الرابط