تشير التطورات الأخيرة في اليمن إلى أن إسرائيل بصدد استنساخ تكتيكات سبق أن استخدمتها ضد حزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت ضد الحوثيين، حيث انتقلت من ضرب البنية التحتية إلى تصفية القيادات السياسية والعسكرية.
ففي الوقت الذي اغتيل فيه قادة بارزون من حزب الله، تصاعدت الهجمات الإسرائيلية مؤخراً ضد الحوثيين، وصولاً إلى ضربة نوعية استهدفت اجتماعاً لقيادات رفيعة في صنعاء، وأسفرت عن مقتل رئيس حكومة الحوثيين أحمد الرهوي ووزراء وقادة عسكريين بارزين.
تشابه في التكتيكات: سيبراني ثم اغتيال
كما سبق عملية “البيجر” في لبنان هجوم سيبراني شلّ شبكة الاتصالات لحزب الله، مهدت إسرائيل لضربتها الأخيرة ضد الحوثيين بهجمات إلكترونية عطلت منظومة الاتصالات اليمنية في أغسطس الماضي، ما سمح باختراق أمني مكّنها من رصد توقيت اجتماع القيادة الحوثية. هذا التشابه يبرز انتقال إسرائيل إلى مرحلة “اصطياد الرؤوس”، بعد أن وجدت أن استهداف البنية العسكرية لم يحقق الردع المطلوب.
قوائم اغتيال في بيروت وصنعاء
كما وضعت تل أبيب قائمة لاغتيال قيادات حزب الله، أعلنت تقارير إسرائيلية أن الحوثيين باتوا بدورهم على رأس قائمة مماثلة تضم زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، ورئيس الأركان محمد الغماري، ووزير الدفاع محمد العاطفي، والمتحدث العسكري يحيى سريع. الهدف، بحسب مراقبين، هو إحداث فراغ قيادي يضعف قدرة الجماعتين على إدارة المواجهة.
ارتباك داخلي وردود متشابهة
رد فعل الحوثيين على الضربة الإسرائيلية لم يختلف كثيراً عن حزب الله عند فقدان قياداته؛ ففي البداية لجأت الجماعة إلى النفي، قبل أن تعترف بالخسائر وتعلن تعيين رئيس حكومة جديد. كما فرضت إجراءات أمنية مشددة على تحركات قياداتها ومنعت الاجتماعات العلنية، تماماً كما فعل حزب الله بعد سلسلة الاغتيالات في الضاحية.
رسائل متبادلة وقلق إسرائيلي
القلق الإسرائيلي من ردود الفعل لم يقتصر على حزب الله، بل يتكرر مع الحوثيين. ففي حين دفعت تهديدات الحزب تل أبيب إلى رفع حالة التأهب وتحصين مقراتها، جاء الرد الحوثي سريعاً باستهداف سفينة مرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر، في تذكير بأن الجماعة قادرة على استخدام أوراق ضغط بحرية، حتى وإن افتقرت إلى ترسانة صاروخية كبيرة.
مشهد إقليمي متشابه
في الحالتين، يشير المراقبون إلى أن واشنطن لا يمكن أن تقف متفرجة. فكما لعبت الولايات المتحدة دوراً في احتواء التصعيد مع حزب الله، يرجَّح أن تنخرط بشكل أكبر في البحر الأحمر عبر تحالف دولي يحول دون انزلاق المنطقة إلى حرب واسعة.
ويجمع المراقبون على أن ما شهدته الضاحية الجنوبية في بيروت يتكرر اليوم في صنعاء؛ حيث تعتمد إسرائيل ذات النهج القائم على الاختراق السيبراني والاستخباري يعقبه استهداف مباشر لقيادات الصف الأول، في محاولة لإرباك البنية الداخلية للجماعات المسلحة. غير أن تداعيات هذه الضربات لا تتوقف عند الداخل، بل تفتح الباب أمام ردود فعل انتقامية قد تنتقل من البر إلى البحر، لتوسّع دائرة الصراع. وبين تكرار السيناريو وتشابه الأدوات، يظل السؤال مفتوحًا: هل ستتمكن إسرائيل من تقويض الحوثيين كما حاولت مع حزب الله، أم أن المنطقة مقبلة على فصل جديد من المواجهة الإقليمية يمتد من لبنان إلى اليمن؟
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news