انضم إلى قناتنا على واتساب
شمسان بوست / خاص:
كشف الدكتور عبدالله محسن، الخبير الأثري اليمني المعروف، عن عرض أربع قطع أثرية نادرة تعود إلى فترة الدولة الرسولية (القرنين 13 و14م) في متحف المتروبوليتان للفنون بنيويورك، أحد أبرز المتاحف الثقافية والفنية في العالم. العرض الذي يسلط الضوء على تاريخ اليمن الحضاري يعكس مرة أخرى دور هذا البلد في تشكيل ملامح الحضارة الإسلامية.
في منشورٍ له عبر حسابه الرسمي على موقع “فيسبوك”، أوضح الدكتور محسن أن هذه القطع المعروضة تم إضافتها إلى مقتنيات المتحف التي تضم أكثر من ثلاثة ملايين قطعة أثرية، ويستقطب نحو خمسة ملايين زائر سنويًا من مختلف أنحاء العالم. وأشار إلى أن عرض هذه التحف يعد شهادة حية على غنى التراث اليمني في العصور الوسطى، خصوصًا في العصر الذهبي للدولة الرسولية.
وأضاف محسن أن الدولة الرسولية، التي حملت شعار “الوردة ذات الخمس بتلات”، شهدت نهضة حضارية كبيرة شملت مختلف المجالات مثل الفنون، الهندسة المعمارية، العلوم، والصناعة. وبلغت ذروتها في عهد حكامها الأقوياء الذين نجحوا في توحيد اليمن وقيادته نحو مرحلة من التقدم في التعليم، التجارة، العمارة، والصناعة المعدنية.
وأفاد محسن أن القطع الأثرية المعروضة تشمل:
إناء وضوء معدني منقوش ومطعم بالفضة، صُنع في مدينة تعز خلال حكم الملك المجاهد علي بن المؤيد داود (1321–1363م). يُعتبر هذا الإناء نموذجًا فريدًا لفن التذهيب والنقوش الإسلامية ويعكس بمهارة صناعة المعدن في تلك الحقبة.
صينية فاخرة للسلطان المؤيد داود بن يوسف (1297–1321م)، مصنوعة من النحاس ومطعمة بالفضة، وتزينها نقوش فلكية دقيقة تتضمن أسماء الكواكب والأبراج، مما يعكس التقدم العلمي والاهتمام بعلم الفلك في بلاط الدولة الرسولية.
أسطرلاب فلكي نادر يعود إلى عهد السلطان الأشرف عمر بن المظفر يوسف (1295–1296م). وصفه الباحث العالمي ديفيد كينغ، المتخصص في الآلات الفلكية الإسلامية، بأنه “قطعة استثنائية”، ويعد من بين الأسطرلابات القليلة التي بقيت محفوظة من ذلك العصر.
موقد محمول للشواء يعود إلى عهد الملك المظفر شمس الدين يوسف بن عمر (1250–1295م)، مصنوع من النحاس ومطعّم بالفضة. يُزخرف بشعارات الدولة الرسولية ورموز أسطورية مثل التنانين ورؤوس الأسود، مما يبرز التداخل بين الفن الجمالي والرمزية السلطانية في التصميم.
وأوضح محسن أن هذه القطع، إلى جانب العديد من التحف اليمنية الأخرى المحفوظة في متاحف عالمية مثل لندن، باريس، برلين، وواشنطن، تظل شاهدة على نهضة فنية وعلمية وصناعية لا مثيل لها في تاريخ اليمن الوسيط. وأضاف أن هذه القطع تعكس إبداعًا فنيًا وتقنيًا عالي المستوى، مما يعزز مكانة اليمن كمركز حضاري في العالم الإسلامي خلال العصور الوسطى.
وأكد الدكتور محسن أن عرض هذه التحف في متحف المتروبوليتان يمثل فرصة مهمة لإبراز الوجه الحضاري المشرق لليمن، الذي غالبًا ما يغيب عن الوعي العالمي بسبب الأزمات المعاصرة. ودعا إلى تعزيز التعاون مع المؤسسات الدولية لتوثيق التراث اليمني، ودعم جهود استرداد القطع الأثرية المهربة، وتشجيع السياحة الثقافية المستدامة.
وأشار إلى أن الدولة الرسولية، رغم فترة حكمها القصيرة نسبيًا، أحدثت تحولًا كبيرًا في تاريخ اليمن من خلال بناء المساجد والمدارس والقصور، وتشجيع العلماء وتطوير الصناعات الدقيقة. جعلت هذه الإنجازات من مدينة تعز مركزًا ثقافيًا وتجاريًا رائدًا في القرن الثالث عشر.
وختم محسن بقوله: “هذه القطع الأثرية ليست مجرد تحف معدنية، بل هي شهادات حية على عظمة شعب صنع حضارة في قلب الجبال، وظلت هذه الحضارة تنبض عبر الزمن لتصل إلى قلب العالم. اليمن اليوم، كما في الماضي، لا يزال يخبئ كنوزًا حضارية تستحق أن تروى وتحتفى بها.”
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news