يمن إيكو|أخبار:
قال معهد “كوينسي” الأمريكي للأبحاث إن الغارات الإسرائيلية على المنشآت المدنية في اليمن تعكس فشلاً استراتيجياً وحسابات خاطئة جوهرية لدى إسرائيل، مشيراً إلى أن هذه الغارات لا تؤدي إلا إلى تعزيز موقف قوات صنعاء، وأن الحل الحقيقي الوحيد يكمن في وقف الحرب على غزة.
ونشر موقع “ريسبونسبول ستيتكرافت” التابع للمعهد، مساء أمس الأربعاء، تقريراً رصده موقع “يمن إيكو”، جاء فيه أن “الضربة الإسرائيلية الأخيرة على محطة حزيز للطاقة بالقرب من صنعاء، عاصمة اليمن، تجسد فشلاً استراتيجياً، فاستهداف البنية التحتية المدنية يفرض صعوبات شديدة على السكان المدنيين في اليمن، في حين لا يفعل شيئاً لتقويض القدرات العسكرية للحوثيين”.
وأوضح أنه “برغم تهديد وزير الدفاع الإسرائيلي، كاتس، بقطع أيدي أعداء إسرائيل، فإن هدفه المحدد، وهي حركة الحوثيين (أنصار الله) في اليمن، لم تنجُ فحسب من ضغوط الجيش الإسرائيلي والجيش الأمريكي طيلة أشهر، بل أصبحت أقوى مع كل مواجهة”.
وأشار التقرير إلى أن قوات صنعاء “تسببت بتخفيض عمليات ميناء إيلات الإسرائيلي الرئيسي على البحر الأحمر بنسبة 90%، مما دفع به إلى حافة الإفلاس”.
وأضاف أنه برغم انضمام الولايات المتحدة إلى الجهود الإسرائيلية ضد قوات صنعاء فإن واشنطن “سرعان ما أدركت المأزق الاستراتيجي، إذ كيّف الحوثيون تكتيكاتهم بشكل أسرع من قدرة القوات الغربية على العمل بفعالية، مما أدى إلى حرب استنزاف باهظة التكلفة، وقد أثبتت حملة القصف الأمريكية التي بلغت تكلفتها مليار دولار عدم فعاليتها، مما دفع بإدارة ترامب إلى السعي لوقف إطلاق نار بوساطة عُمانية في مايو الماضي، مع أن هذا الاتفاق، على وجه الخصوص، لم يحمِ سوى الأصول الأمريكية، وترك إسرائيل عُرضة لهجمات مستمرة”.
واعتبر التقرير أن “الاستراتيجية الإسرائيلية في مهاجمة المنشآت المدنية تعكس حسابات خاطئة جوهرية، فهذه الضربات من غير المرجح أن تؤثر بشكل كبير على عزم الحوثيين على مواصلة العمليات العسكرية دعماً للفلسطينيين”.
وأوضح أنه “فيما يتعلق باستهداف البنية التحتية للطاقة تحديداً، فقد انتقلت مناطق سيطرة الحوثيين، خلال الحرب مع التحالف الذي تقوده السعودية (2015-2023)، إلى الاعتماد بشكل أساسي على مصادر الطاقة اللامركزية، وأصبحت محطات الطاقة الشمسية الصغيرة، ومولدات الكهرباء المنزلية، والوحدات التي تعمل بالديزل، العمود الفقري لإمدادات الكهرباء، ونتيجة لذلك، فإن الضربات الإسرائيلية على محطات الطاقة المركزية لا تُحدث تأثيراً استراتيجياً يُذكر”.
واعتبر التقرير أن الرد الفوري على الغارات الإسرائيلية الأخيرة بإطلاق صاروخ بالستي على إسرئيل “أثبت قدرة الحوثيين المتماسكة وغير المنقوصة”.
وأشار إلى أن “الهجمات الإسرائيلية على المنشآت المدنية تعزز عزم أنصار الله ورواية مقاومتهم للعدوان الإسرائيلي، مما يعزز شرعيتهم الإقليمية، في حين تتزايد عزلة إسرائيل الدولية”.
وذكر التقرير أن الرسائل التي يوجهها قائد حركة “أنصار الله” عبد الملك الحوثي، أسبوعياً “مقصودة وفعالة”، لافتاً إلى أن “إدانته قبول لبنان للمطالب الأمريكية بنزع سلاح حزب الله، واصفاً إياه بخيانة للسيادة، وسخريته من صفقات الغاز المصرية مع إسرائيل، واصفاً إياها بالمفارقة المؤسفة مقارنةً بمقاطعة صندوق الثروة السيادية النرويجي لإسرائيل، واتهامه القادة العرب بالصمت إزاء خطاب حكومة نتنياهو التوسعي حول إسرائيل الكبرى.. كل ذلك يضع الحوثيين في موقع القوة الوحيدة المستعدة لمواجهة إسرائيل عسكرياً وإعلامياً”.
ولفت التقرير إلى أنه “في جميع أنحاء المنطقة، يتزايد الإحباط الشعبي من حرب إسرائيل في غزة وتجاه ما يُنظر إليه على أنه تواطؤ من جانب الحكومات المتحالفة مع الولايات المتحدة، وكل ضربة إسرائيلية على اليمن- وخاصة ضد المواقع المدنية- تعزز ادعاء الحوثيين بقيادة معسكر المقاومة، مما يؤدي إلى تآكل مكانة إسرائيل بينما يعزز نفوذ أنصار الله إلى ما وراء حدود اليمن”.
وخلص التقرير إلى أن “اعتماد إسرائيل العنيد على الحلول العسكرية يتجاهل الواقع السياسي الأساسي الذي مفاده أن حملة الحوثيين ستستمر طالما استمر هجوم إسرائيل على غزة، ويظل وقف إطلاق النار الدائم في غزة هو الحل الوحيد الذي من شأنه أن يزيل المبرر الرئيسي لهجمات الحوثيين، وهذا يؤكد مشكلة أساسية هي أن العمل العسكري لا يمكن أن يحل ما هو في جوهره صراع سياسي، وبالمثل، فإن الحصار المستمر لليمن له نتائج عكسية، فهو لا يؤدي إلا إلى إلحاق المعاناة بالمدنيين بينما يفشل في إضعاف تجنيد الحوثيين أو الحد من المشاعر المعادية للغرب”.
واختتم بالقول: “إن التاريخ يقدم دروساً جلية: من حزب الله إلى حماس إلى الحوثيين، لا يستسلم الخصوم غير المتكافئين تحت القصف، بل يتطورون، ومسار إسرائيل الحالي لا يبشر إلا بعزلة أعمق، واستنزاف للموارد، وصراع طويل الأمد، والقوة الحقيقية لا تكمن في التهديدات الفارغة، بل في كسر دوامة العنف.. ويبقى السؤال: هل سيتعلم القادة الإسرائيليون هذا الدرس قبل أن يتدهور وضعهم الاستراتيجي على المدى الطويل أكثر؟”.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news