يشكّل الملف الاقتصادي في اليمن مدخلاً أساسياً لفهم الأزمة المعقدة التي أنهكت البلاد بعد سنوات من الحرب والفساد، والتي دفعت ملايين اليمنيين إلى مواجهة الفقر والجوع والمرض. ومع استمرار الأزمة السياسية، أصبح الإصلاح الاقتصادي ضرورة وطنية عاجلة لتحقيق الاستقرار والسلام المستدام.
خلال الأيام الأخيرة، شهدت المحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة “الشرعية” تحسّنًا ملحوظًا في سعر صرف الريال اليمني أمام العملات الأجنبية، وجاء هذا التحسّن مفاجئًا للمراقبين. رافق التعافي نشاط اقتصادي ورقابي يوحي بوجود توجه رسمي لوقف تدهور العملة وضبط الأسواق وتحسين القدرة الشرائية للمواطنين.
وشملت الجهود الحكومية اجتماعات عليا لمتابعة استقرار السوق، وتمويل الواردات، وتشغيل الموارد، إلى جانب تعزيز الرقابة المالية ومكافحة التهرّب الضريبي بآليات صارمة. كما بدأت السلطات المحلية خطوات لضمان تطبيق التسعيرة الجديدة في الأسواق، مع البحث عن حلول تراعي مصالح التجار وتحمي حقوق المستهلكين.
وفي هذا السياق، برز دور القطاع الخاص عبر مبادرة مجموعة هائل سعيد أنعم وشركاه، التي أعلنت موجة تخفيضات واسعة على منتجاتها الأساسية. الخطوة لم تخفف أعباء المستهلكين فحسب، بل أكدت قدرة القطاع الخاص على أن يكون شريكًا فاعلًا في استقرار الأسواق ودعم الاقتصاد المحلي، وهو ما دعا المواطنين الشركات الأخرى إلى الاقتداء بهذه المبادرة.
هذا التحرك يطرح سؤالًا محوريًا: هل نحن أمام بداية مشروع رؤية اقتصادية وطنية حقيقية عبر الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص، أم مجرد مؤشرات ظرفية قد تتعثر سريعًا؟
في كل الأحوال، يبقى الأمل قائمًا، لكن النجاح لن يتحقق إلا بتحويل هذه المؤشرات إلى مشروع وطني تتكامل فيه جهود الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، إذ يشكّل استقرار الاقتصاد الركيزة الحقيقية لأي عملية سلام مستدامة في اليمن.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news