في أنفيلد، حيث تتدفق الأغاني الحمراء كل أسبوع، اعتاد جمهور ليفربول على انتظار لحظة بعينها: تلك التي يتسلل فيها محمد صلاح من الجناح، يلمس الكرة بقدمه اليسرى، ويطلق تسديدة تعرف طريقها إلى الشباك.
لكن موسم 2024–2025 لم يكن مجرد استمرار لهذا المشهد، بل كان لوحة متكاملة من الأرقام والإنجازات التي رسخت اسم صلاح في سجل الأساطير، حيث توج مجهوده بإحراز جائزة لاعب الموسم برأي اللاعبين المحترفين، للمرة الثالثة في مسيرته.
بداية موسم استثنائي
منذ الجولة الأولى من الموسم الحالي، أثبت صلاح أنه قادم لموسم تاريخي جديد. فقد سجل في مباراة الافتتاح ليصبح الموسم الثامن له كلاعب في ليفربول الذي يستهل فيه الدوري بهدف، رافعا رصيده في البريميرليج إلى 187 هدفا، ليعادل أسطورة مانشستر يونايتد أندي كول في المركز الرابع لقائمة الهدافين التاريخيين.
بذلك، مدّد صلاح رقما قياسيا آخر باسمه، إذ أصبح أول لاعب في تاريخ الدوري يسجل 10 أهداف في مباريات الجولة الأولى عبر مسيرته.
أرقام لا تُصدّق
مع نهاية الموسم الماضي، بلغت حصيلة صلاح في الدوري الممتاز 29 هدفًا و18 تمريرة حاسمة، ليجمع بين لقبي الحذاء الذهبي وأفضل صانع لعب في نفس الموسم للمرة الثانية في مسيرته.
بلغ إجمالي مساهماته التهديفية في الدوري 47 مشاركة هجومية، وهو رقم قياسي في موسم من 38 مباراة. أما في جميع البطولات، فقد سجل 34 هدفًا وقدم 23 تمريرة حاسمة، أي 57 مساهمة مباشرة في 52 مباراة.
بفضل تلك الأرقام، عاد ليفربول إلى قمة إنجلترا متوجا بلقب الدوري بفارق عشر نقاط كاملة عن أقرب مطارديه. لم يكن مجرد لقب جديد للنادي، بل لحظة رمزية أعادت الثقة لجماهيره. وصلاح، بفضل أهدافه وصناعته، كان بطل هذا الفصل الجديد من القصة.
مطاردة الأرقام القياسية
وكما اعتاد طوال مسيرته، لا يكف صلاح عن إعادة كتابة الأرقام، فقد وضع نصب عينيه كتابة تاريج جديد مع نهاية الموسم الحالي، حيث يهدف لأن يصبح أول لاعب ينال جائزة هداف الدوري الإنجليزي الممتاز 5 مرات.
ويسعى اللاعب المصري أيضا، لأن يصبح أول لاعب إفريقي يصل إلى 200 هدف في البريميرليج، وأول إفريقي يحقق 100 تمريرة حاسمة في الدوري.
وهناك إمكانية أن يصبح أكثر اللاعبين تسجيلا للأهداف مع ناد واحد في البريميرليج (يتعين عليه تجاوز رقم واين روني مع مانشستر يونايتد: 208، وهاري كين: 213).
ويقف صلاح أمام فرصة تحطيم الرقم القياسي لأكثر مساهمات هجومية في موسم واحد بالدوري الإنجليزي الممتاز (48).
ويحتل صلاح الآن المركز الرابع بين هدافي الدوري الإنجليزي الممتاز عبر تاريخه، ومع 27 هدفا إضافيا يمكنه القفز إلى المركز الثاني متجاوزا روني وكين معا.
التحدي الجديد
رغم هذه الإنجازات، يواجه صلاح تحديا خاصا هذا الموسم: المشاركة مع منتخب مصر في كأس الأمم الإفريقية التي قد تجبره على الغياب عن ست مباريات في الدوري. ومع ذلك، يثق مدرب ليفربول آرني سلوت، في أن الفريق سيواصل التألق حتى في غياب لاعبه المصري.
فوزه بجائزة لاعب الموسم من رابطة اللاعبين المحترفين للمرة الثالثة (رقم قياسي) جعله يتفوق على أسماء مثل تييري هنري وكريستيانو رونالدو وآلان شيرار.
ومع أربعة أحذية ذهبية، يقف على أعتاب الانفراد بالرقم القياسي في حال فوزه بخامس. كل هذا لا يعد مجرد تكريم شخصي، بل اعتراف جماعي من لاعبي الدوري بأن صلاح بات رمزا لا يتكرر.
صلاح لم يعد مجرد لاعب هداف، بل صار ظاهرة كروية وثقافية في مصر هو بطل قومي، وفي إنجلترا أصبح جزءا من تاريخ البريميرليج، ومع تقدمه في العمر، يطور أدواته باستمرار؛ فبات أقل اعتمادا على السرعة، وأكثر اعتمادا على ذكاء التحركات والتمركز. وكأن القصة لم تصل إلى ذروتها بعد، بل تتجه نحو فصول أكثر إثارة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news