لم يتوقع اليوتيوبر اليمني حسين الشرفي أن يتحول استدعاء وصل إليه عبر تطبيق "واتساب" إلى تجربة اعتقال قاسية امتدت 17 ساعة داخل زنزانة قسم شرطة إنماء بالعاصمة المؤقتة عدن، في حادثة أثارت جدلًا واسعًا وفتحت باب التساؤلات حول قانونية الإجراءات الأمنية.
يقول الشرفي: "وصلني استدعاء مساء الأحد عبر الواتس، فاستشرت محامين من أصدقائي وسألتهم: هل أنشره على الفيسبوك؟ قالوا لي: عادي، هذا مجرد استدعاء. فنشرته فعلًا، ولم أكن أعلم أن الأمر سيتحول إلى مقلب مؤلم".
في اليوم التالي، ذهب الشرفي مع صديقه "أبو شهاب" إلى قسم الشرطة، حيث أُبلغ أن المدير يريد مقابلته. انتظر لساعتين كاملتين في الحوش، قبل أن يُفاجأ بأحد الجنود يطلب منه الدخول إلى السجن بحجة "الجلوس قليلًا حتى يأتي المدير".
"دخلت السجن وأنا مذهول"، يروي الشرفي، مضيفًا: "قلت لهم: لا يجوز بالقانون أن تحبسوني حتى قبل التحقيق، لكنهم اكتفوا بالرد: اجلس شوية ولا تقلق".
لم تكن الساعات التالية عادية بالنسبة له، إذ شعر أن الزمن توقف: "كنت واقف على باب السجن أناديهم، أطلب فقط أن يتواصلوا مع أهلي. كل همي كان أمي.. كنت أعرف أنها ستفقد صوابها وأنا مختفٍ من دون خبر".
مع مرور الوقت، بدأ أصدقاء الشرفي وناشطون ومحامون بالتحرك. يقول: "علمت لاحقًا أن مكتب المحافظ تدخل، وأن كثيرًا من الصحفيين والحقوقيين مارسوا ضغطًا كبيرًا على مدير الشرطة، لكنه رفض الإفراج عني بحجة أنني نشرت الاستدعاء في فيسبوك".
ويضيف: "لولا هذه الضغوط، لكنت بقيت في السجن أيامًا. ما حصل أن التضامن كان سلاحي الوحيد".
في صباح اليوم التالي، حضر الإعلامي فتحي بن لزرق إلى القسم، وهناك ظهر فجأة التاجر مقدّم البلاغ، ليعلن تنازله. "كنت مذهولًا.. لماذا لم يظهر من البارحة؟ لماذا فجأة عندما جاء فتحي تغيّر كل شيء؟"، يتساءل الشرفي.
بعد أقل من ربع ساعة، أُبلغ الشرفي بخروجه، لينهي بذلك 17 ساعة من الاحتجاز وصفها بأنها "الأصعب في حياته".
"شعرت بالقهر، وقهر الرجال موجع"، يقول الشرفي. لكنه يؤكد في المقابل أن التجربة جعلته أقوى وأكثر تمسكًا بحقه في التعبير: "القضية لم تُعالج قانونيًا. قضايا النشر والتشهير مكانها نيابة الصحافة، وليست أقسام الشرطة. ومع ذلك، خرجت لأني لم أكن وحدي، كان معي ناس كثير يدافعوا عن حقي".
ويشير إلى أن جهات حقوقية وإعلامية تواصلت معه بعد الإفراج، وعرضت تقديم الدعم القانوني في مواجهة أي إجراءات مستقبلية، مؤكدًا أن ما تعرض له رسالة عن "مدى هشاشة حرية الرأي" في اليمن.
حتى لحظة إعداد هذا التقرير، لم يتسنَّ الحصول على تعليق من شرطة إنماء حول ما أورده الشرفي، فيما تستمر ردود الفعل الواسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، معتبرة ما حدث مؤشرًا خطيرًا على التضييق على الحريات.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news