في19أغسطس /آب من كل عام، يحتفي العالم بالعاملين في المجال الإنساني، تكريما لجهودهم وتضحياتهم في خدمة المجتمعات المنكوبة، وتسليطا للضوء على الانتهاكات التي طالتهم، ومعاناة الشعوب التي تعتمد على المساعدات من أجل البقاء على قيد الحياة.
ويأتي هذا اليوم بالتزامن مع الأوضاع الصعبة التي يتعرض لها العاملون في اليمن وسط بيئة مليئة بالتحديات، واستمرار القمع والاختطاف والإخفاء القسري، ومنع تقديم المساعدات الإنسانية من قبل جماعة الحوثي في المناطق التي يسيطرون عليها.
في 11 فبراير/شباط 2025، أعلن برنامج الأغذية العالمي عن وفاة أحد موظفيه أثناء احتجازه في محافظة صعدة الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، دون الكشف عن أسباب الوفاة.
وأوضح البرنامج في بيان نشره عبر منصة "إكس" أن المتوفى كان أحد سبعة موظفين محليين احتجزتهم سلطات الحوثيين تعسفًا في 23 يناير/كانون الثاني 2025.
كما قال رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، "فليمون يانغ"في اليوم الدولي للتضامن مع الموظفين المحتجزين والمفقودين (25 مارس/آذار 2025) إن في اليمن لا يزال 23 موظفًا من الأمم المتحدة، إلى جانب العديد من العاملين الإنسانيين الآخرين، رهن الاحتجاز، بعضهم منذ أكثر من ثلاث سنوات.
وفي المقابل تشهد مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، غياب المساعدات الإنسانية وتقلصها منذ أشهر، وتوقف العديد من المانحين الدوليين عن مواصلة المساهمة في تقديم المواد الإغاثية والأعمال الخيرية، ما أدى إلى وضع صعب لدى العاملين والمستفيدين منها.
*معاناة صعبة
وتعليقا على ذلك، يؤكد "عبدالله الشريف" العامل في المجال الإنساني الممول من دولة الكويت أن:" العاملين بالقطاع الإنساني في اليمن يواجهون أوضاعاً صعبة خصوصا في ظل التدهور المستمر للوضع الإنساني، وتفاقم الأزمات، والتحديات على كافة المستويات".
وأضاف للمهرية نت أن" هؤلاء العاملون باتوا يلاقون عبئاً متزايداً في الاستجابة للاحتياجات المتصاعدة للسكان وسط بيئة عمل قاسية ومتوترة".
وتابع " كما يواجهون صعوبات يومية ومخاطر متكررة أبرزها العمل في بيئة غير آمنة، ومناطق نزاع، بالإضافة إلى ضغوط نفسية وجسدية نتيجة الاحتكاك المباشر بمعاناة الناس".
وأردف" كما يعانون من غياب الاستقرار الوظيفي خاصة مع تقلص فرص التمويل، ويعد هذا المعوق الأكثر تأثيرا عليهم ".
وأوضح بأن" القطاع الإنساني شهد مؤخرًا تراجعاً حاداً في حجم الدعم المقدم من بعض الجهات المانحة، وعلى رأسها الدعم الكويتي الذي كان يمثل شرياناً أساسياً للعديد من المشاريع والمؤسسات الخيرية في اليمن، ما نتج عنه إغلاق بعض المؤسسات بعد عجزها عن تغطية التزاماتها التشغيلية".
وأشار إلى أن" العديد من الجهات المانحة اضطرت إلى تسريح بعض الموظفين نتيجة انخفاض التمويل وتوقف المشاريع التي كانت تخدم آلاف الأسر الفقيرة في اليمن، مما أثر على حياتهم المعيشية بشكل كبير".
*أوضاع مأساوية
ويعيش العاملون في المجال الإنساني في اليمن أوضاعاً مأساوية للغاية، ويعود السبب الأبرز إلى شحّ الدعم واقتصاره على بعض المنظمات والجمعيات، وبشكل محدود وبسيط، خصوصاً في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بحسب تصريحات للناشط الإعلامي" محمد العامري".
وأضاف لـ"المهرية نت" في مناطق سيطرة الحكومة لا توجد جهات تنسّق مع المنظمات جراء الانقسامات المتعددة، وغياب نظام موحد يمكن للمنظمات من الاعتماد عليه في توفير المواد إلى جميع المواطنين دون استثناء".
وحول أوضاع العاملين في مناطق سيطرة جماعة الحوثي يقول العامري إن:" موظفو القطاع الإنساني يواجهون تعسفات واحتجازات مستمرة، إضافة إلى توقّف أنشطتهم وتعرّضهم للتهديد من قبل جماعة الحوثي، التي تسعى للتضييق على المواطنين ومحاربة أي جهود إنسانية تخفّف من معاناتهم".
وتابع" تحاول الجماعة استغلال حاجة الناس وفقرهم المدقع بفرض شروط عليهم، وإجبار البعض على المشاركة في جبهات القتال مقابل الحصول على المساعدات".
وأوضح أنه في ظل هذا الواقع، يجد المجتمع نفسه مضطراً للقبول بالإجراءات التي تفرضها جماعة الحوثي.
*تقليص عدد العاملين
بدوره، أفاد الناشط الإنساني "عبدالله البركاني" لموقع" المهرية نت". أن:" توقّف عمل العديد من المنظمات في مناطق الحكومة الشرعية بسبب قلة الدعم وتراجع فرص التمويل، خصوصًا بعد اندلاع الحرب في غزة وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، الأمر الذي انعكس سلبًا على حجم المساعدات المقدمة لليمن".
وأضاف البركاني أن" ذلك أدى إلى تقلّص برامج الإغاثة وتأخر وصول المساعدات لفترات تصل إلى أربعة أو خمسة أشهر وأحيانا أكثر من ذلك في بعض الأحيان".
وتابع" هذا الوضع المعقد، الناتج عن ضعف إدارة الدولة في المناطق المحررة، إضافة إلى تأثيرات الحرب الدائرة في البحر الأحمر، دفع بمكاتب حقوق الإنسان والمنظمات الدولية إلى تقليص أنشطتها وأعداد العاملين بشكل ملحوظ في مناطق الحكومة الشرعية".
وعن وضع العاملين في مناطق سيطرة جماعة الحوثي يرى البركاني أنهم" يلاقون تحديات كبيرة دفعت بالكثير منهم إلى النفور والابتعاد، نتيجة لتهميش العديد من المنظمات ومنعها من ممارسة أنشطتها هناك".
وأردف" كما فرضت الجماعة إشرافها المباشر على هذه المنظمات من خلال تعيين مشرفين تابعين لها، وانتزاع المساعدات من المنظمات وتوزيعها على الموالين لها".
وأوضح بأن" اعتراض المنظمات للجماعة جراء ذلك أدى إلى اختطاف واعتقال عدد من العاملين الإنسانيين الذين رفضوا هذا التدخل وهو ما يشكل عائقًا كبيرًا أمام العمل الإنساني في مناطق سيطرتها".
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news