لكن الوصية لم تمت!

     
صوت العاصمة             عدد المشاهدات : 63 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
لكن الوصية لم تمت!

عبد المطلب علاء الدين

 

الصحفي أنس الشريف استشهد يوم 10 أغسطس/آب 2025 إثر غارة لطائرات الاحتلال الإسرائيلي استهدفت خيمة للصحفيين بغزة (وسائل التواصل)

"إن وصلتكم كلماتي هذه، فاعلموا أن إسرائيل قد نجحت في قتلي وإسكات صوتي"… هذا ما كتبه في صدر السطور!

أما وقد هدأت الأنفاس، وتوقفت نبضات القلب، وجمدت الدماء في العروق، وغابت عنا تلك الإطلالة المشرقة.. فإن ذلك لا يعني النهاية، بل طي صفحة من الحياة، لتُفتح صفحة أخرى.

رحل أنس عن دنيانا، ورحيله كان إيذانا بأن تخرج وصيته إلى النور، وتبقى حية بيننا، تخبرنا عن صاحبها الذي رحل ولم ترحل آثاره ومآثره.

في ثنايا الوصية مشاعر ألم، زرعها في النفوس ما لقيه أبناء غزة من إعراض وخذلان، ومع ذلك كان لا بد للحقيقة أن يتواصل بثها، ولكن شتان بين من يعايش آلام الناس فينتفض لها، ويسارع لمداواتها، وبين من تمر عليه فلا تحرك فيه ساكنا

أمل وتسليم

كما هم أصحاب الهمم العالية، حمل أنس أمانة الرسالة، وعبء المسؤولية.

أما الرسالة فهي نقل الحقيقة، فكان صوتا لأبناء شعبه، تبثه قناة "الجزيرة" أملا بأن يسمعه أحرار العالم، فيلبوا نداء الجرح، وصرخة المفجوع. وأما المسؤولية، فهي أن يكون سندا لأهله من أبناء غزة الجريحة، يقدم لهم من العون ما يستطيع، ويؤازرهم ويواسيهم.

لكنه مع ذلك كله كان يعيش الأمل في الوصول إلى غد يتجاوز آلام اليوم، إلا أنه أمل يتقدم عليه التسليم بإرادة الله الذي لا رادّ لقضائه.. فكانت كلماته: "كان أملي أن يمد الله في عمري حتى أعود مع أهلي وأحبتي إلى بلدتنا الأصلية عسقلان المحتلة "المجدل" لكن مشيئة الله كانت أسبق، وحكمه نافذ".

إبراء للذمة

في ثنايا الوصية مشاعر ألم، زرعها في النفوس ما لقيه أبناء غزة من إعراض وخذلان، ومع ذلك كان لا بد للحقيقة أن يتواصل بثها، ولكن شتان بين من يعايش آلام الناس فينتفض لها، ويسارع لمداواتها، وبين من تمر عليه فلا تحرك فيه ساكنا، شتان من تكون تلك الوقائع شاهدا له، وبين من تكون شاهدا عليه.

ذاك ما وعاه أنس إذ يقول: "عشت الألم بكل تفاصيله، وذقت الوجع والفقد مرارا، ورغم ذلك لم أتوانَ يوما عن نقل الحقيقة كما هي، بلا تزوير أو تحريف، عسى أن يكون الله شاهدا على من سكتوا ومن قبلوا بقتلنا، ومن حاصروا أنفاسنا ولم تحرك أشلاء أطفالنا ونسائنا في قلوبهم ساكنا، ولم يوقفوا المذبحة التي يتعرض لها شعبنا منذ أكثر من عام ونصف".

يعي أنس أن رحلة الوصول إلى الخلاص طويلة، تتطلب صبرا ومصابرة، فيوصينا بألا نكلّ أو نملّ، وأن نتابع السير بجد حثيث: أوصيكم ألا تُسكتكم القيود، ولا تُقعدكم الحدود، وكونوا جسورا نحو تحرير البلاد والعباد، حتى تشرق شمس الكرامة والحرية على بلادنا السليبة

درة التاج ونبض القلب

هكذا كانت فلسطين في عيني أنس الشريف، وهكذا هي في ضمير كل حر شريف.. وفلسطين، التي لها هذه المكانة والمنزلة، تفدي قداستها الأنفس، وترخص لبقاء طهرها الأرواح، وذلك عهد ينقله الأحرار للأحرار، ووصية الأمناء على الرسالة، وهي -بالتالي- الحاضرة في وصية أنس: "أوصيكم بفلسطين، درة تاج المسلمين، ونبض قلب كل حر في هذا العالم.. 

أوصيكم بأهلها، وبأطفالها المظلومين الصغار، الذين لم يُمهلهم العمر ليحلموا ويعيشوا في أمان وسلام، فقد سُحقت أجسادهم الطاهرة بآلاف الأطنان من القنابل والصواريخ الإسرائيلية، فتمزقت، وتبعثرت أشلاؤهم على الجدران".

ويعي أنس أن رحلة الوصول إلى الخلاص طويلة، تتطلب صبرا ومصابرة، فيوصينا بألا نكلّ أو نملّ، وأن نتابع السير بجد حثيث: "أوصيكم ألا تُسكتكم القيود، ولا تُقعدكم الحدود، وكونوا جسورا نحو تحرير البلاد والعباد، حتى تشرق شمس الكرامة والحرية على بلادنا السليبة".

هَمٌّ في الحياة وبعد الممات

الوفاء الحقيقي كل لا يتجزأ؛ وعليه فإن من أوصى بفلسطين لا يمكن أن ينسى أن يوصي بأهله الأقربين خيرا.. لقد اجتهد في حياته ما استطاع لأن يبعد عن أهله الأذى، وإنه ليسوءَه أن يصيبهم شيء من ذلك بعد مماته.

طبيعي أن يوصي بقُرّة عينه وابنته الحبيبة "شام"، وكذلك بابنه الغالي صلاح، كيف لا وهو الذي كان يتمنى أن يكون له عونا ورفيق درب حتى يشتد عوده، فيحمل عنه الهم، ويكمل الرسالة.

ولا شك أن الوالدة في الوصية حاضرة، فهي التي وجد أنه ببركة دعائها وصل إلى ما وصل إليه، وكانت دعواتها حصنه. ولم ينسَ أنس زوجته ورفيقة عمره، التي- رغم ظروف الحرب التي فرقت بينهما- "بقيت على العهد، ثابتة كجذع زيتونة لا ينحني، صابرة محتسبة، حملت الأمانة في غيابي بكل قوة وإيمان".

أيعزي الإنسان نفسه بنفسه؟ لقد فعلها أنس! وأي عزاء أعظم من أن يستذكر ما هو قادم به على ربه

إلى ما هو خير وأبقى

أيعزي الإنسان نفسه بنفسه؟ لقد فعلها أنس! وأي عزاء أعظم من أن يستذكر ما هو قادم به على ربه، وقد قال: "إن مت، فإنني أموت ثابتا على المبدأ، وأُشهد الله أني راضٍ بقضائه، مؤمن بلقائه، ومتيقن أن ما عند الله خير وأبقى".

هو ذاك العزاء.. وبقي أن ندعو لأنس بدعائه في الوصية لنفسه..

اللهم تقبله في الشهداء، واغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، واجعل دمه نورا يضيء درب الحرية لشعبه وأهله. 


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

إجتماع سري في عدن… قرارات مفاجئة قد تغير مستقبل العملة والنفط باليمن

جنوب العرب | 1186 قراءة 

بيان ناري للحكومة اليمنية.. القول الفصل

الميثاق نيوز | 697 قراءة 

أمريكا تمهل الشرعية 90 يوماً

الأمناء نت | 564 قراءة 

عاجل:جماعة الحو ثي تعلن عن قرار إعلان إنهاء عمل المبعوث الأممي لليمن

كريتر سكاي | 492 قراءة 

أفراح آل عفاش.. حين صفع الضوء وجوه الحوثيين

المنتصف نت | 439 قراءة 

الكشف عن قيام موالي للانتقالي باخبار مدين علي عبدالله صالح بهذا الامر بعرس شقيقه ماتسبب بطرده

كريتر سكاي | 377 قراءة 

شركة النفط اليمنية تعلن تخفيض أسعار المشتقات النفطية بأكثر من 30% (الأسعار الجديدة)

بران برس | 336 قراءة 

إقرار تسعيرة جديدة للوجبات في مطاعم عدن

شمسان بوست | 306 قراءة 

تخفيض تاريخي لأسعار الوقود في عدن بعد تحسن الريال اليمني (الأسعار)

يني يمن | 264 قراءة 

فنانة مصرية تواجه اتهامات بقتل زوجها وبيع أعضائه

العين الثالثة | 253 قراءة