تقرير خاص
عدن | 2 أغسطس 2025
شهدت السوق المصرفية في اليمن خلال الأيام الأخيرة تحسناً ملحوظاً في استقرار سعر صرف العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية، وهو ما ربطته مصادر اقتصادية مباشرة بتفعيل عمل اللجنة الوطنية لتنظيم وتمويل الواردات، التي باشرت مهامها فعليًا منذ أكثر من شهر، وبدأت نتائجها الإيجابية تظهر على الواقع من خلال كبح الطلب العشوائي على العملة الأجنبية وتوجيهه نحو أولويات استراتيجية تتعلق بالسلع الأساسية.
ويأتي هذا القرار ضمن توجهات رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد محمد العليمي وأعضاء المجلس، وقيادة البنك المركزي اليمني، الذين يعملون بالتعاون مع الحكومة لتنفيذ حزمة من الإصلاحات الاقتصادية الشاملة، الهادفة إلى تحقيق الاستقرار المالي والنقدي، وتحسين المؤشرات المعيشية للمواطنين.
وكان رئيس الوزراء الدكتور سالم صالح بن بريك قد أصدر القرار في 22 يونيو 2025، بتشكيل اللجنة الوطنية لتنظيم وتمويل الواردات، لتكون بمثابة غرفة عمليات وطنية تتولى مسؤولية ضبط تمويل الاستيراد، ومنع تهريب العملة أو اللجوء إلى السوق السوداء، وتوجيه النقد الأجنبي نحو تمويل السلع ذات الأولوية كالغذاء والدواء والمشتقات النفطية. ومنذ ذلك الحين، بدأت اللجنة بمزوالة أعمالها ميدانياً، وشرعت بعقد اجتماعات تنسيقية مع الجهات المصرفية والتجارية، ما انعكس مباشرة في التحسن الأخير بسعر صرف الريال.
ويُنظر إلى هذا القرار كجزء من حزمة إصلاحات بدأت تُثمر نتائجها تدريجياً، ومن أبرزها تحسّن سعر صرف العملة الوطنية، ما يستوجب تحركاً عملياً لضمان انعكاس هذا التحسن على أسعار السلع الأساسية وتخفيف الأعباء عن المواطنين.
وأكد مصدر حكومي أن الحكومة تسير وفق رؤية متوازنة تهدف إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادي ومعالجة الاختلالات المالية، من خلال حماية مصالح المواطنين، ودعم القطاع الخاص كشريك فاعل في التنمية، مشيراً إلى أن الخروج من الأزمة الراهنة يتطلب تضافر الجهود وتكامل الأدوار بين كافة الجهات المعنية.
▪︎لجنة وطنية بصلاحيات شاملة
وبموجب القرار، تتولى اللجنة مهامها برئاسة محافظ البنك المركزي اليمني، وعضوية عدد من الجهات الرسمية من بينها وزارة الصناعة والتجارة (نائباً للرئيس)، مصلحة الجمارك، وزارة النقل، وزارة المالية، المؤسسة العامة للنفط والغاز، الغرف التجارية، وممثلون عن البنوك. وتمتلك اللجنة صلاحيات قانونية وفنية كاملة، بما في ذلك مراجعة السياسات التمويلية، وتحديد أولويات الاستيراد، والإشراف على مصادر التمويل، والتحقق من التزام الموردين بالمعايير المحددة.
▪︎أهداف مباشرة وتنفيذ استراتيجي
تهدف اللجنة إلى ضبط عمليات الاستيراد وتنظيم مصادر تمويلها بما يتناسب مع تدفقات النقد الأجنبي، ومنع الاعتماد على السوق السوداء، وتقليل المخاطر الناتجة عن تصنيف جماعة الحوثي كمنظمة إرهابية دولية، إلى جانب تشجيع الإنتاج المحلي كبديل لبعض السلع المستوردة.
كما تضطلع اللجنة بمهمة إدارة النقد الأجنبي بكفاءة لتغطية الاحتياجات الأساسية، وتصنيف الواردات حسب الأولوية، ومراجعة طلبات التمويل، والتأكد من الامتثال للمعايير، وتحديث السياسات بشكل دوري وفق المتغيرات الاقتصادية.
وتملك اللجنة صلاحية إصدار قوائم سوداء بالشركات والتجار غير الملتزمين، وحرمانهم من أي تمويل مستقبلي، بالتنسيق مع البنك المركزي، ما يعزز من شفافية القطاع التجاري وفاعلية الرقابة.
▪︎وحدة فنية وتقارير دورية
نص القرار على إنشاء وحدة فنية داعمة بقرار لاحق من رئيس الوزراء، تتولى المهام التحليلية والتنفيذية، إلى جانب إلزام اللجنة بإعداد نظام داخلي خلال 15 يوماً من تاريخ صدور القرار، ينظم آلية الاجتماعات والإجراءات الداخلية ومسؤوليات كل عضو.
كما تلتزم اللجنة برفع تقارير دورية كل شهرين إلى رئيس الوزراء، تتضمن سير أعمالها، الإنجازات المحققة، والتحديات التي تواجهها والمقترحات التي من شأنها تعزيز كفاءتها.
▪︎التزام مؤسسي وتعاون شامل
ألزم القرار كافة الوزارات والمؤسسات المالية والبنوك وشركات الصرافة والغرف التجارية بالتعاون الكامل مع اللجنة، وتقديم البيانات والمعلومات والمستندات المطلوبة، بما يمكّنها من تنفيذ مهامها بشكل تكاملي وفاعل.
ويُعد هذا القرار محطة مفصلية في مسار الإصلاحات الاقتصادية الجارية، حيث يُتوقع أن يؤدي إلى تحقيق استقرار أوسع في سوق الصرف، وضبط مسارات النقد الأجنبي، وضمان توافر السلع الأساسية وفق أولويات مدروسة، بما يخدم مصالح المواطنين والاقتصاد الوطني على المدى القريب والبعيد.
تعليقات الفيس بوك
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news