رغم ما تمارسه ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران من قمع ممنهج بحق اليمنيين في مناطق سيطرتها، من اعتقالات تعسفية، ومداهمات ليلية، واختطافات طالت المدنيين والناشطين والقيادات المجتمعية، إلا أن المشهد يفتقر بشكل ملحوظ إلى عمليات مسلحة فاعلة تنفذ من الداخل ضد هذه الميليشيا، ما يطرح تساؤلات حول الأسباب والدوافع وراء هذا الغياب الظاهري للمقاومة المباشرة.
القمع الأمني المشدد
يرى مراقبون أن أحد أبرز الأسباب يعود إلى القبضة الأمنية الحديدية التي تفرضها الميليشيا على السكان، حيث تعتمد على شبكة استخباراتية واسعة وعمليات مراقبة لصيقة تطال حتى البيوت والأحياء السكنية. وقد أقامت سلطات المليشيا بنية أمنية متعددة الأذرع، تشمل الأمن الوقائي، والأمن القومي، ومليشيا الزينبيات، ما يجعل أي تحرك مقاوم محفوفًا بالمخاطر.
اختراق المجتمع وتحويله إلى بيئة مُراقبة
استطاعت الميليشيا خلق بيئة شبه استخباراتية داخل المجتمع، من خلال تجنيد عناصر محلية كمخبرين، وإشاعة ثقافة “الإبلاغ” على أي تحرك مريب، ما جعل المواطنين في مناطق الحوثي يعيشون في عزلة نفسية ورقابة مستمرة، وأفقد البيئة الحاضنة القدرة على تأمين أي نشاط مسلح سري.
غياب التنظيمات المقاومة المنظمة داخل مناطق الحوثي
بخلاف المناطق المحررة، تغيب داخل مناطق سيطرة الحوثيين التنظيمات المسلحة المقاومة ذات الطابع المحلي، نتيجة التفكيك الممنهج للبنى القبلية والعسكرية الرافضة للحوثيين. كما أن معظم القيادات الوطنية المعارضة إما نزحت إلى الخارج أو تم استهدافها بالتصفية أو الإقصاء، ما أضعف البنية المقاومة من الداخل.
التركيز على الحرب النظامية لا الشعبية
من العوامل الأخرى غياب الدعم المؤسسي أو الرسمي لفكرة الحرب الشعبية من الداخل، إذ يركز الجانب الحكومي والقوات الموالية للشرعية على المعارك النظامية على الجبهات، بينما لم يتم حتى الآن تنظيم دعم استراتيجي لمقاومة مدنية أو عسكرية فاعلة من قلب مناطق الحوثيين.
الخوف من الانتقام الجماعي
كما أن الحوثيين يعتمدون سياسة العقاب الجماعي، حيث يعاقبون أسر وأقارب أي شخص يشتبه بانخراطه في نشاط مقاوم، مما يجعل الكثيرين يترددون في الانخراط بأي عمل مسلح خوفًا على أسرهم ومجتمعهم المحلي من التصفية أو التهجير أو الإذلال.
وخلص المراقبون ألى أن غياب العمليات المسلحة من الداخل لا يعني غياب الرفض الشعبي لمليشيا الحوثي، بل يعكس واقعًا معقدًا من القمع والرقابة والتهديد والتفكك المجتمعي. ويرى محللون أن أي تحوّل في هذا المشهد يتطلب تحريك وتفعيل جبهة مقاومة داخلية منظمة، بدعم استخباراتي ولوجستي وإعلامي يخلق بيئة حاضنة وآمنة لأي فعل مقاوم يمني حقيقي في قلب مناطق سيطرة المليشيا.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news